‏إظهار الرسائل ذات التسميات الميرزا حسن الحائري الإحقاقي قدس سره. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات الميرزا حسن الحائري الإحقاقي قدس سره. إظهار كافة الرسائل

الحسين (ع) ومآتم العزاء

المرجع الديني الكبير الإمام المصلح العبد الصالح 

الحاج ميرزا حسن الحائري الإحقاقي قدس سره


الحسين (ع) ومآتم العزاء


بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين واللعنة على أعدائهم ومبغضيهم ومنكري فضائلهم من الآن إلى يوم الدين آمين رب العالمين .


أنا وشيبة الحسين المخضوبة بدمه الطاهر لولا تحمله سلام الله عليه في سبيل الله ما قامت لدين الله ولأهل البيت عليهم السلام وهم حجج الله قائمة ولا عرفهم وهم أولى الأمر - ممن تأخر عنهم أحد لكنه - بأبي وأمي - فضح المنافقين وأسقطهم من أنظار العالمين واستلفت الأبصار بمصيبته إلى سائر مصائب أهل البيت واضطر الناس بحلول هذه القارعة إلى البحث عن أساسها وحملهم على التنقيب والفحص عن جذورها وبذرها واستنهض الهمم إلى حفظ مقام أهل البيت (ع) وحرك الحمية على الإنتصار لهم .


وكان الحسين [بأبي وأمي] على يقين من ترتب هذه الآثار الشريفة على قتله وانتهاب رحلة وذبح أطفاله وسبي عياله بل لم يجد طريقاً لإرشاد الخلق إلى الأئمة بالحق واستنقاذ الدين من أئمة المنافقين الذين خفى مكرهم وعلا في نفوس العامه أمرهم إلا الإستسلام لتلك الرزايا والصبر على هاتيك البلايا . 


وما قصد كربلاء إلا لتحمل ذلك البلاء عهد معهود عن أخيه عن أبيه عن جده عن الله عز وجل ، أن في مآتمنا على سيد الشهداء (ع) أسراراً شريفة تعود على الأمة بصلاح آخرتها ودنياها أنها جامعه إسلاميه ورابطه إماميه بإسم النبي وآله (صلى الله عليه وآله وسلم) ينبعث عنها الإعتصام بحبل الله عزوجل والتمسك بثقلي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . 


وفيها من إجتماع القلوب على أداء أجر الرسالة بمودة القربى وترادف العزائم على إحياء أمر أهل البيت (ع) ما ليس في غيرها . 


ومنها أن هذه المأتم دعوة إلى الدين بأحسن صوره والطف أسلوب بل هي صرخة للإسلام توقظ الغافل من سباته وتنبه الجاهل من سكراته بما تشربه في قلوب المجتمعين وتنفثه في آذان المستمعين وتبثه في العالم وتصوره قالباً لجميع بني آدم من أعلام الرسالة وآيات الإسلام وأدلة الدين وحجج المسلمين والسيرة النبوية والخصائص العلوية ومصائب أهل البيت في سبيل الله وصبرهم على الأذى في إعلاء كلمة الله فأولوا النظر والتحقيق . 


نعم : والله لولا هذه المجالس والمحافل التي تقام في أيام السنة مدى الدهر وما تخرجه المواكب الحسينية في أيام العشرة من محرم من ضرب الصدور ولطم الخدود وغير ذلك لما رأيت اليوم للإسلام إسماً ولا للكتاب رسماً وللدين حساً .


نعم هي أمان من الضلال وموجب للترقي والكمال كيف لا وبها تدفع البليات وترتفع الآفات ويرزق بيمنها العباد وتأمن البلاد وتمطر السماء وتنبت الأرض .




الإنسانية

المرجع الديني الكبير الإمام المصلح العبد الصالح 

الحاج ميرزا حسن الحائري الإحقاقي قدس سره


الإنسانية


بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين واللعنة على أعدائهم ومبغضيهم ومنكري فضائلهم من الآن إلى يوم الدين آمين رب العالمين .


قال تعالى : 

{وَالْعَصْرِ ، إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ ، إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ تَواصَوْا بِالْحَقِّ وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ}


قسما بالعصر الحاضر ، والعصور السالفة ، قسما بالدهر والزمان ، قسما بوقت العصر من النهار ، قسما بعلي ولي الله (الذي هو تأويل صلاة العصر) ، قسما بكل هذه الأمور العظيمة الجليلة ... كل لحظة ودقيقة وساعة تنقضي من عمر الإنسان وحياته ، فإنما يقضي ذلك في خسران وضياع ، يستثنى من ذلك أولئك الذين عوضوا عن هذه الخسارة بالأعمال الصالحة ، وضمنوا الحياة الأخرى بذلك . 


إذا ألقينا نظرة سريعة على الأحداث العلمية والفنية والسياسية في هذا العصر فسنجد من الرقي والتقدم والإزدهار ما يبعث على الدهشة والحيرة، فالأجهزة الفيزيائية والمصانع الميكانيكية تمد البشرية كل يوم بصناعة حديثة واختراعات عجيبة وآثار خلابة وجميلة ، فهذه الغواصات العملاقة التي سبقت الحيتان والتماسيح معترضة عرض البحار فحدث عنها ولا حرج وأيضا الطائرات النفاثة ، ورواد الفضاء للعالم العلوي يمثلون دور الأبالسة والشياطين ، والصواريخ والسفن الفضائية والأقمار الصناعية تجاوزت حد السحر إلى مرتبة الإعجاز والكرامات ، إن هذه الصناعات ، وهذه المظاهر وإن كانت مثيرة للإعجاب ، إلا أنها فنون وأساليب سهلة المنال ، وهي في طريقها إلى التطور والتكامل وباستطاعة كل فرد أن يصل إلى الدرجات العليا فيها بالدراسة والعمل والممارسة ، ولكن الدرس الصعب الثقيل والجدير بالإهتمام ، والذي يصعب على كثير من الناس تلقيه هو درس الإنسانية فحسب !! 


لقد جاء مائة وأربعة وعشرون ألف نبي ، مع أوصيائهم وخلفائهم ، والعلماء والحكماء العظام وفتحوا المدارس العظيمة لأحكام الإنسانية وآدابها ، ابتداء من روضة الأطفال حتى مراحل الدراسات العليا .. 


وقد ضحوا في سبيل التعليم والتربية ، ليعلموا الناس دروس معرفة الله وتوحيده ، ويلقنوهم (رسالة الإنسانية) ومن الصعوبة بمكان أن تجد واحدا من بين الملايين شاقا طريقه مخترقا الحواجز والموانع ، ليصبح نصف إنسان أو شبه إنسان ويستثمر المزايا العالية لحقيقته أجل يستطيع الشخص بكل سهولة أن يكون فلكيا ، طبيبا ، مهندسا ، كيماويا ، سياسيا ، مليونيرا ، مجتهدا ، مرشدا ، خطيبا ، مربيا ، رئيسا جسميا أو روحيا ولكن ما يشق الوصول إليه هو أن يكون إنسانا !! 


إن إجتياز عقبات الحيوانية ومكافحة شهوات النفس الأمارة من أصعب المشاق .


وصدق رسول الله صلى الله عليه وآله حيث يقول : «بقى عليكم الجهاد الأكبر» يعني بذلك أن الظفر بالعدو والتغلب عليه هو الجهاد الأصغر في حين أن الجهاد الأكبر هو الكفاح مع النفس الأمارة بالسوء وهذا ما يدعو مكتشف الذرة إلى أن ينحني إجلالا أمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ... 


لأنهم عرفوا الإنسان وتمنوا الإنسانية واعترفوا بأن المقام السامي للإنسانية ارفع وأعلى قدرا من هذه المراتب العلمية التي توصلوا إليها قال علي عليه السلام : «نحن الناس ، وشيعتنا أشباه الناس ، وباقي الناس نسناس» 


لقد شهد الصدر الأول للإسلام افتتاح مدرسة الإنسانية كان المعلم فيها خاتم الأنبياء والرسل (صلى الله عليه وآله وسلم) وقد قامت هذه المدرسة بتربية الناس وتهذيبهم طيلة ثلاث وعشرين سنة . 


وكانت النتيجة أن تخرج منها إنسان واحد هو (أمير المؤمنين علي بن أبي طالب) وعدد من أشباه الناس (كسلمان وأبي ذر وغيرهما) إذن فعلي وشيعته ومحبوه الحقيقيون هم خريجو هذه المدرسة إذن ليست الإنسانية عملا ميسورا لكل أحد ، إنها تتطلب نكران الذات والرياضة النفسية والتهيؤ الكامل والإيمان العميق بالله العظيم ويوم الحساب وإذا استطاع أن يصل إلى المقام الأسنى للإنسانية بتخلصه عن الأخلاق الذميمة والتخلي عن البهيمية والإنصاف بالصفات والكمالات اللائقة بالإنسان ، عند ذاك يحق له أن يفخر ويزهو . 


أجل ! هذا الإيمان بالله والعمل الصالح هو الذي يتدارك ويتلاقى الخسارة التي تلحق بالإنسان . 


إن رأس المال الذي يملكه الإنسان هو عمره الثمين والدقائق التي تفوت من عمره مجردة عن الإيمان والعمل الصالح تعود عليه بالخسران فالإيمان والعمل الصالح يمثلان الربح الذي يحصل عليه الفرد في الإتجار برأس ماله ضامنا لنفسه السعادة الدائمة والحياة الأبدية في الآخوة .




الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

المرجع الديني الكبير الإمام المصلح العبد الصالح 

الحاج ميرزا حسن الحائري الإحقاقي قدس سره


الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر


بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمدٍ وأهل بيته الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين . 


إن ارشاد الضال من أشرف واجبات الإنسانية . 


{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ تَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} .


يقوم عدد من الأخيار والمحسنين المسلمين بدور الحفاظ على النظام والأمن العام بدلاً من الشرطة ، وهم لا يتقاضون راتباً أو أجراً على قيامهم بهذا الواجب .


إنهم يرشدون الناس إلى الطريق الصحيح ، ويمنعونهم من السير في طرق الشقاء ، وينقذون المجتمع من النكبات العديدة بشتى الوسائل ، آملين في جرّهم نحو السعادة والرقي ، ورأس مالهم في ذلك كله هو الإيمان بالله واليوم الآخر فقط .


إن القرآن الكريم يمدح الأمة الإسلامية في الآية المارة الذكر لهاتين الخصلتين .


فيجب على جميع أفراد الأمة الإسلامية أن يأمر بعضهم بعضاً بالمعروف وينهاهم عن المنكر ، مع مراعاة الشروط التي أهمها أن يكون الأمر بالمعروف عاملاً به ، والناهي عن المنكر مرتدعاً عنه فإن الله تعالى يقول في كتابه المجيد مهدداً :

{أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَ تَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ} .


إن السبب الرئيسي لعدم تأثير مواعظ كثير من الخطباء والوعاظ في الجماهير هو عدم رعايتهم لهذا الشرط ، بل إن هذا الفساد الشامل والحركة التشكيكية في العقائد وأصول الإيمان ، التي تسيطر على المجتمع الإنساني مرده إلى الوعاظ الذين لا تتفق أفعالهم مع أقوالهم .


والشرط الآخر هو العلم بموارد المعروف والمنكر ، وإلا فعلى الشخص أن يمتنع عن أداء هذه المهمة الرسالية .


فقد يقدم الجاهل على الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف ... أو يكون المجلس غير مستعد للتقبل غير مؤهل للصلاح ، فلا يلقى التأثير المطلوب ، بل قد يثمر ضرراً بدلاً من النفع والفائدة . 


لا تنه عن خلق وتأتي مثله 

عار عليك إذا فعلت ، عظيم

ابدأ بنفسك فأنهها عن غيها

فإذا انتهت عنه فأنت حكيم


ولا ننسى دور الخطباء الرساليين والمتعظين ، الذين يرتفع مستواهم العلمي إلى درجة جيدة ، وتتطابق أفعالهم مع أقوالهم أيضاً .


وفق الله الجميع للعلم والعمل الصالح . 

من كتاب رسالة الإنسانية 

للإمام المصلح العبد الصالح ميرزا حسن الحائري الإحقاقي




إنما المؤمنون إخوة

المرجع الديني الكبير الإمام المصلح العبد الصالح 

الحاج ميرزا حسن الحائري الإحقاقي قدس سره


إنما المؤمنون إخوة


بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمدٍ وآله الطيبين الطاهرين واللعنة على أعدائهم ومبغضيهم ومنكري فضائلهم من الآن إلى يوم الدين آمين رب العالمين . 

(المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه)


بعث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالمساواة في الحقوق بين جميع الخلق والأخوة بين جميع المؤمنون {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} وبالعفو العام عمن دخل في الإسلام (الإسلام يجب ما قبله) وسن شريعة باهرة وقانوناً عادلاً فكان هذا القانون جامعاً لجميع ما يحتاجه الناس في معاشهم ومعادهم فكان عبادياً اجتماعياً سياسياً أخلاقياً اقتصادياً ، لا يشذ عن شئ مما يمكن وقوعه في الكون ويحتاج إليه بنو آدم ، فما من واقعة تقع ولا حادثه تحدث إلا ولها في الشريعة الإسلامية أصل مُسَلم عند المسلمين ترجع إليه ، وهذا مما أمتازت به الشريعة الإسلامية ذلك لأنها خاتمة الشرائع وباقية إلى انقراض عمر الدنيا ، وآخى الإسلام بين كافة أهله فآخى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أولاً بين المهاجرين ثم بين المهاجرين والأنصار لإنحصار المسلمين فيهم يومئذ وأراد (صلى الله عليه وآله وسلم) بناء الإسلام على أساس ثابت وطيد ، وهو تأليف القلوب ورفع الشحناء من النفوس والتناصر والتعاون ، لأن ذلك هو السبب الوحيد في نجاح الأعمال ورقي الأمم . 


وأعلن لله تعالى في كتابه العزيز المؤاخاة بين عموم أهل الإسلام شريفهم ووضيعهم رجالهم ونسائهم فقال : {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} 


وبهذه الأخوة وعلى أساسها المتين والمحافظة عليها قام الإسلام وظهر وأنتشر ، وبالتهاون بها ضعف وتقهقر وأردف قوله هذا بقوله : {فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} 


فجعل الإصلاح من مقتضى تلك الأخوة وموجبها وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه)

فأنظر بعين عقلك كم في هذه الأخوة من منافع وفوائد ومصالح عامة سياسية واجتماعية وأخلاقية ، وكم فيها من تأليف للقلوب وحفظ للنظام الاجتماعي وحرص على هناء العيش وسعادة البشر وهذه هي الأخوة الصحيحة الشريفة النافعة التي تفوق كل ما يسمى بالأخوة وتغني عنه .




فلسفة المساواة الإجتماعية في الصوم

المرجع الديني الكبير الإمام المصلح العبد الصالح 

الحاج ميرزا حسن الحائري الإحقاقي قدس سره


فلسفة المساواة الإجتماعية في الصوم


بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمدٍ وآله الطيبين الطاهرين واللعنة على أعدائهم ومبغضيهم ومنكري فضائلهم من الآن إلى يوم الدين آمين رب العالمين .


إن شهر رمضان موسم عظیم و شهر شريف كريم ، هو غرة الزمان ، ومتجر أهل الإيمان خصه الله بإنزال القرآن ، وأوجب فيه على المؤمنين الصيام ذلك بأن الله سبحانه يختص برحمته من يشاء ، فيفضل إنساناً على إنسان ، ومكاناً على مكان وزماناً على زمان ، وقد خص الله بالتفضيل شهر رمضان حيث أنزل فيه القرآن ، وأوجب فيه على المؤمنين الصيام ، وجعله شهر جد واجتهاد ، ومزرعة العباد ، وتطهير للقلوب من الفساد وقنع لشهوة الشره والعناد فمن زرع خيراً حمد عاقبة أمره وقت الحصاد . 


شهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة ، وآخره عتق من النار . 


وقد أقسم رسول الله عليه الصلاة والسلام ، أنه ما مرَ بالمسلمين شهر خير لهم من رمضان .


يغشاكم الله فيه فينزل الرحمة ، ويحط الخطيئة ويستجيب الدعاء . 


ينظر الله إلى تنافسكم في الخيرات ، وتسابقكم إلى الصلاة والأعمال الصالحات ، وبسط أيديكم بالصدقات . فيباهي بكم ملائكته ، فأروا الله من أنفسكم خيراً ، فإن المحروم من حرم فيه رحمة الله عز وجل . 


من منا ينكر ما يحدثه الصوم في شهر رمضان من هزة روحية اجتماعية . 


إن تلك المساواة الرائعة والمشاركة العفوية في ساعات الصوم بين الغني والفقير في تحمل أذى الجوع والعطش والمعاناة ، ممزوجة بالحنين والشعور العميق بالحب والراحة على الرغم من عذاب الصوم ومسؤولياته ؟


إن من روائع الصوم أن يجعل هموم الفقراء والبؤساء تجربة حية يعانيها الأغنياء بأنفسهم ، ويعيشونها على الطبيعة ، حتى يكون الجوع بريق عيونهم ، ويتوهج العطش في الشفاه المشققة ، وتتحرك مأساة البائسين في ضمائرهم وقلوبهم وعقولهم ، لتبقى شهادة حية تدين كل استغلال للضعيف أو أحتكار أو ظلم أو سرقة .


ويكون ذلك (أي الجوع والعطش) واعظاً لهم في العاجل ، ورائضاً لهم على أداء ما كلفهم ، ودليلاً لهم في الأجل .. 


وليعرفوا شدة مبلغ ذلك على أهل الفقراء والمسكنة في الدنيا ، فيؤدوا إليهم ما افترض الله لهم في أموالهم .


وهنا نضع أيدينا على جزء من فلسفة الصوم والجوع الإرادي الموظف لمصلحة المجتمع وخدمة البائسين ... فنتأكد أن الصوم ليس مجرد عبادة ذاتية ، منعزلة عن الحياة ، بل هو عمل متجاوب مع الله والمجتمع معاً …


وأن حب الله يتمثل بأجلى صورة في حب المساكين والفقراء والبائسين .