‏إظهار الرسائل ذات التسميات خطب الجمعة ل الميرزا عبدالله الحائري الإحقاقي دام ظله. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات خطب الجمعة ل الميرزا عبدالله الحائري الإحقاقي دام ظله. إظهار كافة الرسائل

في مقامات العقيلة



خطبة الحكيم الإلهي الميرزا عبدالله الحائري الإحقاقي 

٨ جمادي ربيع الثاني ١٤٣٢هـ


في مقامات العقيلة


بسم الله الرحمن الرحيم

اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم  {يُرِيدُونَ أَن يُطۡفِـُٔواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفۡوَٰهِهِمۡ وَيَأۡبَى ٱللَّهُ إِلَّآ أَن يُتِمَّ نُورَهُۥ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡكَٰفِرُونَ} صدق الله العلي العظيم .

السلام عليك يا ابا عبدالله وعلى الارواح التي حلت بفنائك عليك مني سلام الله أبدا ما بقيت وبقي الليل والنهار ولا جعله الله اخر العهد مني لزيارتكم السلام على الحسين وعلى علي ابن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى اصحاب الحسين ورحمة الله وبركاته .


أيها المكرمون اصحاب الفضيلة اخواني الاعزاء علماءنا المحترمون مشايخنا العظام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .


تسمية الأولاد والبنات والأمكنة المقدسة بأسماء الأئمة الاطهار وأولادهم الطاهرين سلام الله عليهم أجمعين عمل راجح لإحياء أمر آل البيت وتعظيم لشعائر الله خاصة الأسامي الممتازة التي تذكرنا بنجوم ما زالت لامعة على مر السنين في كل عصر ومصر ، ولا شك ان السيدة الطاهرة سليلة الطالبيين وعقيلة بني هاشم عليها افضل الصلاة والتسليم على قمة هذه النجوم ، هي التي ان لم تكن درايتها في ادارة الامور يوم عاشوراء وبعده من الأحداث الأليمة لهدر دموع الشهداء في واقعة الطف كان لها دور فعال في صيانة  شعار الحسين وحفظ الاسلام والديانه ، كان لها دور هام في مواقفها تجاه طغاة عصرها كعبيدالله بن زياد ويزيد بن معاوية طيلة اسرهم بالكوفة والشام ومسيرهم الى المدينه المنورة ، فقد اراد الله تبارك وتعالى أن يعطي دورا عظيما لزينب بنت امير المؤمنين بطلة الصبر والإيثار ، مع ان كان الامام المعصوم أعني الامام علي بن الحسين حاظرا في واقعة كربلاء ليظهر مقام المرأة ومنزلتها في الاسلام في المرحلة التاريخية الحساسة ويبين ان المرأة المؤيدة من جانبه تتمكن من إدارة الامور في المقاطع التاريخية الهامة ، إنظروا الاسلام كيف أخرج نساءا ومن هؤلاء النساء زينب الكبرى سلام الله عليها فتجد فيها العلم ، والمعرفة ، في مختلف الفنون والبلاغة والفصاحة التي تنحدر عن لسانها في اعلى درجاتها كأبيها علي بن طالب وامها الصديقة الطاهرة الزهراء سلام الله عليها ، هي عقيلة الطالبيين تقف بكل حماسة وجرءة امام يزيد بن معاوية وهو على تخته وتقول أظننت يا يزيد حيث اخذت علينا اقطار الأرض وآفاق السماء ، أن بك على الله كرامة وبنا عليه هوانة فمهلا فوالله لا تمحو ذكرنا ولا تميت وحينا ، إنظر الى هذه الحماسة المتفجرة على لسان بطلة كربلاء اخت الحسين عمت الابطال الشجعان زينب بنت امير المؤمنين سلام الله عليهم اجمعين ، أعزائي اليوم نحن نحتاج الى نساء عالمات كما كانت العقيلة زينب عالمة ، نحن نحتاج الى نساء خطيبات كما كانت العقيلة زينب فصيحة وبليغة ، نحن بحاجه ماسة الى نساء يضحين بأوقاتهن في سبيل تنشئة الثقافة والمعرفة الاسلامية حتى يتخرجن عالمات عارفات ينفعن مجتمع النساء ، وفي الخاتمة اوصيكم بالتقوى والتجنب من الأشرار تحت راية مولانا صاحب العصر والزمان ، لأن التقوى دار حصن عزيز والفجور دار حصن ذليل والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

مولد السيدة زينب عليها السلام


 

خطبة الحكيم الإلهي الميرزا عبدالله الحائري الإحقاقي 

٥ جمادي الأول ١٤٤٦هـ


مولد السيدة زينب عليها السلام


بسم الله الرحمن الرحيم

السَّلَامُ عَلَى أَئِمَّةِ الْهُدى، وَمَصابيح الدجى، وَأَعْلامِ التَّقى، وَذَوِى النُّهى، وَأُولِي الْحِجى، وَكَهْفِ الْوَرى، وَوَرَثَةِ الْأَنْبِياءِ، وَالْمَثَلِ الأعلى، وَالدَّعْوَةِ الْحُسنى، وَحُجَج اللهِ عَلى أَهْلِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ والأولى وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ...

قال الله تبارك وتعالى في محكم كتابه ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، بسم الله الرحمن الرحيم

{أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (64)} سورة يونس

صدق الله العلي العظيم


تصادف هذه الأيام السعيدة المباركة من شهر جمادى الأولى الذكرى العطرة لولادة عقيلة أهل البيت عليهم السلام ، السيدة زينب بطلة كربلاء وجبل الصبر والمقاومة ، عالمة غير معلمة ، وفهمة غير مفهمة عليها السلام ، ثاني أعظم سيدة من سيدات أهل البيت المحمدي التي كانت حياتها مملوءة بالفضائل والكرامات العظيمة ، الشخصية التي نزلت تسميتها من السماء ، من قبل الله تعالى .


لمَا وُلدت عليها السلام أقبلت بها أمها الزهراء عليها السلام إلى أبيها أمير المؤمنين عليه السلام وقالت : سَم هذه المولودة !

فقال : ما كُنتُ لأسبقَ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وكان في سفر له ، ولما جاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسأله علي عليه السلام عن اسمها فقال : ما كُنتُ لأسبقَ رَبِّي ! فهبط جبرائيل يقرأ على النبي السلام عن الجليل، وقال : سَم هذه المولودة زينب ، فقد اختار الله هذا الاسم ، فهذا يدل على عظمتها وسمو منزلتها.

فتحت السيدة زينب الكبرى عليها السلام عينيها في وجه أطهر أنثى على وجه الأرض ، وعاشت معها ليلها ونهارها، وشاهدت من أمها أنواع العبادة، والزهد، والمواساة والإيثار، والإنفاق في سبيل الله، وإطعام الطعام مسكيناً ويتيماً وأسيراً، فنشأت الصدّيقة زينب عليها السلام في بيت النبوة والتنزيل ، وقد غذتْها أمها فاطمة الزهراء عليها السلام بالعفّة والكرامة ومحاسن الأخلاق والآداب، وعلمتها الأحكام ، وأفْرَغَت عليها أشعة من مُثُلِها وقيمها حتى صارت صورةً صادقة عنها.

فلهذا لها كرامات عظيمة لا تعد ولا تحصى ، هذه الشخصية ذات الشأن العظيم والمنزلة الرفيعة ، هي التي سبحانه وتعالى قدر لها عليها السلام في قديم علمه، أن تحفظ له دينه وشريعته بعد شهادة وليّه الإمام الحسين سيد الشهداء عليه السلام .

وهذا لعمري مهام الأنبياء والأولياء، وشأن ذوي العزائم الكبيرة ، من الرَّسل والأولياء ، الذين وكل الله إليهم هداية الناس، الى سبيل الحق ، وحفظهم عن طريق الخلاف وهكذا عملت زينب الكبرى، وقدّر الله لها أن تحمل بين جنبيها عَزَمات الأنبياء ، وجهود العظماء، من الرسل والأولياء، فزودها بكل مازود به صفوته ، من الصبر والثبات ، والشجاعة والجرأة ، والعلم الواسع ، والإيمان الراسخ ، الذى لا تُغيّره العواصف ، فقامت بدورها خير قيام ، في حفظ أسرة الحسين عليه السلام، وباقي الأسر، وكيان الإسلام والدين ، وإهانة الحكومة الأموية ، من خلال خطبها العالية والتأكيد على فضائل أهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام ، وأنهم هم الممثلون الحقيقيون للإسلام .

والحقيقة أنه لو لم تكن هناك زينب الكبرى عليها السلام ،بعد واقعة كربلاء لما كان خبر عن الإسلام ، ولا عن الدين والشريعة، فهي أنقذت الإسلام من أيدي الظالمين.

والمشهور بين العلماء والمؤرخين أنّها عالمة غير معلمة، ففي الحقيقة إن علمها عليها السلام علم إفاضة وإلهام من قبل الله تعالى عن طريق أوليائه الطاهرين والأئمة المعصومين عليهم السلام ،  الَّذِين لا يُخيبون من توجّه إليهم ولاذ بهم .

وقد ثبت في التاريخ، أنّ بعض العلماء ، قد أخذوا أكثر علومهم ،من المعصومين عليهم السلام ، مباشرةً بطريق الكشف والإشراق،

ومن الأولى أن تحظى زينب عليها السلام ، بهذه العطيّة ، وهي التي مازالت تنتقل في الأصلاب الشامخة، والأرحام المطهرة ، من صدر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، إلى حجر أمير المؤمنين عليه السلام إلى أحضان الزهراء عليها السلام

، ومع الإمامين الهمامين الحسن والحسين عليهم السلام، وقد تربت وترعرعت في بيت شامخ أحاطه الله بالطّهر والنقاء، ((إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا )) .

من الكرامات التي كان يشير بها العلماء ، والمؤرخون، هي الإستجابة الفورية لدعائها ، وقضاء الحوائج منها عليها السلام .

فهذه الميزة كانت معهودة للأنبياء والأوصياء عليهم السلام في مقام أداء مهمتهم التبليغية ، ودعوة الناس إلى عبادة الله.

وأما أن تتوج زينب عليها السلام بهذه الميزة ، فهذا يدل على عظمتها ، وعلو منزلتها عند الله تبارك وتعالى.

وأما كراماتها الكثيرة ، لزوار قبرها الشريف ، وسرعة استجابتها للمتشفعين بها عليها السلام ، فهذا مما اشتهر في البلدان وأقر به المؤالفُ والمخالف، وكان والدي المعظم آية الله الميرزا عبدالرسول الحائري الإحقاقي يقول : ( وأحياناً كانت حاجتي تلبى في مضجعها الشريف قبل أن أعبر عن تلك الحاجة).

وهذا العلم اللدني وإضافة على ذلك عصمتها الجزئية ، وولايتها التكوينية المحدودة عليها السلام ، كانت سبباً أن يُحملها الإمام الحسين عليه السلام مقداراً من مهام الإمامة ، أيام مرض الإمام السجاد عليه السلام .

وأوصى إليها بجملة من وصاياه ، وأسرار الإمامة ، وأنابها الإمام زين العابدين عليه السلام نيابة خاصة ، في بيان الأحكام ،

التي تخرج من الإمام عليه السلام ، ولكن باسمها الشريف لتبليغها إلى الناس، مما يستوجب العصمة، وعدم السهو والخطأ .

أعزائي عندما تنظر إلى حياة زينب عليها السلام ، من زوايا مختلفة ، ترى أن لها حق كبير على عاتق الأجيال القادمة، في نشر وحفظ الإسلام المحمدي الصافي، ومنع تحريفه على أيدي غير المستحقين والمسيئين للإسلام .

الحب ، والطاعة ، والولاء والوفاء والتسليم المطلق للإمام عليه السلام ، والصبر على الشدائد والشجاعة ، من الدروس التي ينبغي أن نتعلمها منها ونطبقها في حياتنا.

نحمد الله تعالى أننا تربينا في أُسَر تُدافع عن المظلومين ، وتَقِف في وجه المنكرين والمعاندين ، وتقدّم فضائل أهل البيت عليهم السلام، ومناقبهم للناس كما كانت بقدر الإمكان ، وهي مشروط بشرط وهو توحيد الكلمة والوفاق بين أبناء الجماعة الاوحدية کما قال الله الحكيم (( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان ))

وهذا الاتحاد محور تدور أعمالنا كُلُّها حوله دائماً  وهو مِنْ تعاليمنا الدينية التي وصلت الينا عن طريق أئمتنا المعصومين عليهم السلام ، وعلمائنا وآبائنا وهو كمركز ثقل لبنية مدرستنا الأوحدية الولائية العلوية ،  وأؤكد أنه أساس هذه المدرسه المباركه .


في الخاتمة نذكر علماءنا الماضين ، منهم جدي المقدس آية الله المعظم ، الميرزا موسى الحائري الإحقاقي، وعمي الأكبر آية الله المعظم الميرزا علي الحائري الإحقاقي ، والإمام المصلح والعبد الصالح آية الله المعظم الميرزا حسن الحائري الإحقاقي ، ووالدي واستاذي آية الله المعظم المظلوم الميرزا عبدالرسول الحائري الإحقاقي ، والشهداء الأبرار، 

اللهم اشف مرضانا، وارحم موتانا

، واجعل عواقب أمورنا خيراً بحق محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين .

توصيات شهر محرم الحرام ١٤٤٦هـ

 توصيات الحكيم الإلهي والفقيه الرباني 
الميرزا عبدالله الحائري الإحقاقي دامت بركاته 

لشهر محرم الحرام ١٤٤٦هـ


توصيات شهر محرم الحرام ١٤٤٦هـ


﷽ 

الحمد لله رب العالمين والصلاة و السلام على خيرته من خلقه و مظهر لطفه وألسن إرادته و معادن حكمته ، محمد و أهل بيته الطاهرين و اللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين آمین یا رب العالمين.


عن جعفر بن محمد عليهم السلام قال: 

(نظر النبي صلى الله عليه و آله إلى الحسين بن علي عليهم السلام و هو مقبل ، وأجلسه في حجره و قال :

«إِنَّ لِقَتْلِ الْحُسَيْنِ حَرَارَة فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لَا تَبْرُدُ أَبَداً»


ثُمَّ قَالَ عليه السلام: «بِأَبِي قَتِيلُ كُلِّ عَبْرَهِ»


قِيلَ: وَمَا قَتِيلُ كُلِّ عَبْرَة يَا ابْنَ رَسُولِ الله ؟


قَالَ: «لَا يَذْكُرُهُ مُؤْمِنٌ إِلَّا بَكَى»


عظم الله أجورنا و أجوركم بمصابنا بسيدنا و مولانا وإمامنا أبي عبد الله الحسين عليه السلام والطيبين الطاهرين من أهل بيته و أصحابه .


و جعلنا الله وإياكم من الطالبين يثأره بين يدي مولانا وإمامنا صاحب العصر و الزمان أرواحنا له الفداء.


بمناسبة قرب حلول شهر الأحزان ، شهر المصائب ، شهر فجيعة أهل البيت عليهم السلام ، شهر الحسين سيد الشهداء عليه السلام.


و بعد ... أن أقدم عظيم عزائي لمقام مولانا الحجة بن الحسن أرواحنا فداه ، أود أن أوجه هذه الكلمات التي أسأل الله أن يكون فيها رضاً و لقارئها ومستمعها الأجر والثواب ، و أوجه أول كلماتي إلى الخطباء الأجلاء وأوصيهم أن يغتنموا هذه الفرصة العظيمة الثمينة في نشر علوم أهل العصمة ومعارفهم و بيان مقاماتهم الشريفة ، وأن يجاهدوا في توثيق العلاقة بين المؤمنين و بين أئمتنا عليهم السلام لاسيما مولانا سيد الشهداء عليه السلام و مولانا الحجة بن الحسن المهدي المنتظر عليه السلام .


كما أنني أوصيهم أيضا بأن لا يهملوا الجانب الأخلاقي والسلوكي في المجالات المختلفة من علاقة الآباء مع أبنائهم والعكس ، والمودة بين الزوج والزوجة وعلاقة المؤمنين بعضهم ببعض.


و ثاني كلماتي أوجهها إلى الرواديد الكرام ، و أقول لهم : 

أنتم بحمد الله تصعدون المنابر لِتُجروا الدمعة على الحسين عليه السلام ، فأحسنوا اختيار الكلمات التي تلقوها وكذلك أحسنوا الأطوار التي تقرئون بها ، وابتعدوا عن الألحان التي تشمئز منها نفوس المؤمنين و تنفر منها طباعهم.


وكلمتي الأخيرة ، للحضور الكرام في الحسينيات و المجالس العامرة . اغتنموا هذه الفرصة العظيمة في إصلاح عقائدكم و عباداتكم وسلوككم للبلوغ إلى أعلى درجات الكمال ، واعلموا أن مصاب الحسين عليه السلام يبدأ يوم العاشر , لا أنه ينتهي يوم العاشر ، لأنني لاحظت في ماضي الأيام خلو المجالس من المؤمنين بعد انقضاء العشرة من محرم ، في حين أن مصاب أهل البيت عليهم السلام تبدأ من يوم العاشر .


و أخيرا نقول السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين الذين بذلوا مهجهم دون الحسين عليه السلام . 


والسلام عليكم و رحمة الله و بركاته.

ذكرى رحيل الشيخ الأوحد الإحسائي (قدس سره)

كلمة الحكيم الإلهي الميرزا عبدالله الحائري الإحقاقي 

٢٢ ذو القعدة ١٤٤٥هـ


ذكرى رحيل الشيخ الأوحد الإحسائي (قدس سره)


﷽ 


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف خلقه ومظهر لطفه وألسن إرادته محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين ، واللعنة الدائمة على اعدائهم اجمعين إلى قيام يوم الدين .


قال الله تعالى في محكم كتابه الكريم : 

{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} .


تمر علينا اليوم الذكرى الرابعة بعد المئتين لرحيل شيخ المتألهين وعمدة العلماء والعارفين الأوحد أحمد بن زين الدين الأحسائي الأوحد طيب الله ثراه وأعلى الله مقامه الشريف ، والذي يعد واحد من أعظم مصاديق هذه الآية الشريفة على مر العصور، ومنذ غيبة مولانا بقية الله الأعظم الحجة بن الحسن أرواحنا فداه ، فمن اطلع على سيرته الشريفة يرى بعين الإنصاف أن هذا الشيخ رضوان الله عليه قد حقق بأفعاله حقيقة الجهاد في سبيل الله ، وكان مصداقا لقول إمامنا الصادق عليه السلام :

«من أحبنا أهل البيت ، وحقق حبنا في قلبه ، جرت ينابيع الحكمة على لسانه ، وجدد الإيمان في قلبه» .


وقال عليه السلام : «ما من عبد أحبنا وزاد في حُبنا وأخلص في معرفتنا وسأل مسألة إلا ونفثنا في روعه جواباً لتلك المسألة» ، 


فلقد والله أحبهم سلام الله عليهم بكل معاني المحبة ، المحبة التي جعلت من هذا الشيخ الأجل رضوان الله عليه منقطعا لأئمته عليهم السلام في كل أحواله وشئونه ، صغيرها وكبيرها ، فقد كان رضوان الله عليه من أزهد وأتقى وأورع وأعبد أهل زمانه ، وكانت النتيجة الحتمية لهذا الإنقطاع لأصول الكرم عليهم السلام أن يتفضلوا عليه بعظيم العلم ، وأن يجروا ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه ، وأن ينفثوا في روعه جواباً لكل مسألة معضلة ، حتى أنهم سلام الله عليه ومن فيض جودهم وعميم كرمهم نفوا عن دين الله على يديه تَحْرِيفَ الْغَالِينَ وَ انْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ وَ تَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ .


فيا أيها المنصفون في العالم انظروا في كتبه ومصنفاته ، وكلامي موجه للمنصفين وأما غيرهم فقد ابتلوا بمرض العناد والمكابرة ، فإذا نظر المنصف في كتبه فهل يجد إلا ما قد ادعاه هو رضوان الله عليه في مقدمة شرحهِ على الفوائد حيث قال بعد ما ذكر مسلك من سبقه ممن يدعي الحكمة : 

(وأنا لمّا لم أَسلُك طريقهم وأخذت تحقيقات ما علمت عن أئمة الهدى عليهم السلام ، لم يتطرّق على كلماتي الخطأ لأني ما أثبت في كتبي فهو عنهم وهم عليهم السلام معصومون عن الخطأ والغفلة والزلل ومن أخذ عنهم لا يخطئ من حيث هو تابع وهو تأويل قوله تعالى : سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَ أَيَّاماً آمِنِينَ) .


فلما كان هذا مسلكه الشريف حيثُ لم ينحرف ولو بمقدار شعرة عن طريقهم عليهم السلام كان مصداقا أيضا لقوله تعالى : 

{وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آَمِنِينَ} فكان ولا زال رضوان الله عليه من أشرف القرى الظاهرة التي تَدُلّنا وتُرشدنا وتوصلُنا إلى القرى المباركة صلوات الله وسلامه عليهم .


ومن الواجب هنا أن أذكر أمرا مهما لمن يريد مطالعة كتبه ورسائله وكتب تلامذته ومريديه ، عليكم أولاً أن تتعرفوا على اصطلاحاته بحسب ما بين هو رضوان الله عليه في كتبه ومصنفاته ، فإنه قدس سره الشريف قد يكون قد أتى باصطلاح معروف لدى الفلاسفة أو المناطقة او غيرهم ، ولكن مراده من هذا الاصطلاح غير مرادهم ، والأمثلة في هذا المضمار كثيرة ، لا يتسع وقت هذه الكلمة المختصرة لبيانها . 


نعم أيها المؤمنون المكرمون هذا هو طريق شيخنا أعلى الله مقامه ، ونحن على هذا المسلك وهذا الطريق ما حيينا ، وسنبقى ما دامت فينا القوة والقدرة نجاهد قربة لوجه الله تعالى في نشر علومه ومعارفه التي هي علوم ومعارف أهل البيت عليهم السلام ، وسنبقى من المدافعين عن هذا الشيخ المظلوم ، ولوكان في الوقت سعة أكثر لبينت أكثر من هذا ، ولكن الحر تكفيه الإشارة .


وفي الختام أوجه كلمة أُخرى لأتباع هذه المدرسة المباركة ، عليكم واجب شرعي نُسأل وتُسألون عنه يوم القيامة تجاه هذا العالم الجليل الذي نحن ننتسب إليه ، في مساجدنا وفي حسينياتنا وفي مجالسنا ، يجب علينا بذل قصارى جهدنا في نشر علومه ومعارفه ، واستخدام كل الوسائل والطرق لنشر علومه ومعارفه ، ولا عذر لأي واحد منا إذا قصر في هذا السبيل ، فقد جاهد علماؤنا الأبرار ، ومنهم أجدادي وآبائي وعمي الأكبر المقدس في هذا السبيل ، وأي تقصير منا هو تضييع لجهودهم وأتعابهم ولسنا معذورين في ذلك ، ولا أنسى ان هناك ثلةٌ من شبابنا يجاهدون في هذا السبيل ، ويتحملون العِناء والتعب والشتم والسباب والتُّهم وغيرها ، فأقول لهم هنيئاً لكم فُزتم فوزا عظيما ، جاهدوا في هذا السبيل فإن الله وعدَكم أنه ونتيجة جهادكم سيهديكم . 


السلام على شيخنا الأوحد يوم ولد ويوم ارتحل عن هذه الدنيا ويوم يبعث حيا . 


وصلى الله على محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين .









الوفاء بالعهد

خطبة الحكيم الإلهي الميرزا عبدالله الحائري الإحقاقي 

 ١ ذو القعدة ١٤٤٥هـ


الوفاء بالعهد


بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ


الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، حبيب قلوبنا وطبيب نفوسنا ، البشير النذير ، والسراج المنير ، أبي القاسم محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين ، المعصومين المكرمين ، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، واللعن الدائم على أعدائهم ، ومخالفيهم ، وغاصبي حقوقهم ، ومنكري فضائلهم ، من الآن إلى قيام يوم الدين ، أبد الآبدين آمين يا رب العالمين .


قال الله تبارك وتعالى في محكم كتابه ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، بسم الله الرحمن الرحيم

{بَلى مَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ وَاتَّقى فَإِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (٧٦) إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّـهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّـهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ(٧٧)} سورة آل عمران .


قال إمامنا الصادق عليه السلام : «ثلاثة لا عُذْرَ لأَحدٍ فيها : أداء الأمانة إلى البر والفاجر ، والوفاء بالعهد للبر والفاجر ، وبر الوالدين برين كانا أو فاجرين» (الخصال: ١١٨/١٢٣)


أيها المكرمون وأيتها المكرمات ، علماؤنا الأفاضل ، شبابنا الأعزاء ، ضيوفنا المحترمون ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .


أتقدم بأزكى التهاني وأطيب التبريكات إلى مقام مولانا صاحب العصر والزمان وإلى الأمة الإسلامية بمناسبة ولادة كريمة أهل البيت عليهم السلام السيدة الجليلة فاطمة المعصومة سلام الله عليها بنت الامام موسی بن جعفر علیه السلام .


إن لزوم الوفاء بالعهد ، يعد ركناً من أركان الفطرة الإنسانية السليمة ، التي غير قابلة ، للتسامح والتساهل وإعطاء الرخصة فيه ، لأنها تدخل في مخ بناء الإنسان الكامل ، لذا نجد أن الإسلام لا يعذر أحداً بأي حال من الأحوال ، في نقض العهود والمواثيق كما أكده الإمام الصادق عليه السلام في الحديث المذكور آنفاً ، الوفاء بالعهد إلى البر والفاجر .


ونقرأ في الآيات القرآنية والروايات والأحاديث في هذا الباب تعابير قوية وشديدة ، تبين أهمية الوفاء بالعهد ، وتذم الذين ينقضون العهد والميثاق .


فقد جاء في نهج البلاغة من قول أمير المؤمنين عليه السلام لمالك الأشتر : «فإنه ليس من فرائض الله شيء للناس ، أشدّ عليه اجتماعاً مع تفرق أهوائهم ، وتشتت آرائهم ، من تعظيم الوفاء بالعهود ، وقد لزم ذلك المشركون فيما بينهم دون المسلمين ، لما استوبَلوا من عواقب الغدر !» .


وجملة - استوبلوا من عواقب الغدر ! معناها : لمّا نالهم من وبال من عواقب الغدر .


نرى ، يؤكد أمير المؤمنين عليه السلام أنّ الوفاء بالعهد ، كان في الأقوام الجاهلية ، والمشركين قبل الإسلام ، يعد من الوظائف والواجبات الحتمية للأفراد .


إذ نجد سعيهم الكبير ، في حفظ عهودهم ، والتعامل مع الآخرين ، من موقع الوفاء بالعهد والميثاق .


قال تعالى : {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} المائدة آية 1


هذه الآية من الآيات التي يستدل بها في كتب الفقه ، في البحوث الخاصة بالحقوق الإسلامية ، ويُخرج منها قاعدة فقهية هامة ، هي أصالة اللزوم في العقود ، أي أن كل عقد أو عهد يقام بين اثنين حول أشياء أو أعمال يكون لازم التنفيذ .


فنلاحظ أهمية الوفاء بالعهد ، من زوايا مختلفة في البحوث الإسلامية ، والإجتماعية والأخلاقية ، على مر التاريخ من أوله إلى آخره .


قصة خلق الإنسان تُشكِّل بعهد ، العهد الذي تم على قبول ربوبية الله تعالى ، ورفض عبادة الشيطان واتحد البشر جميعاً على طاعة الله تبارك وتعالى .


وتذكيرُ الأنبياء الإلهيين وخلفائُهم الناسَ ، بهذا العهد مرات عديدة عبر التاريخ ، حتى لا ينسوا العهدَ الذي قطعوه مع ربهم ، وقيل لهم إنّ طاعة الله من طاعة رسوله صلى الله عليه وآله  وسلم .

قال تعالى :

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّـهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} النساء 59


فنستنتجُ أنّ طاعةَ رسولِ الله وأولي الأمر صلى الله عليهم تُعادِلُ طاعةَ الله تعالى .


بلى ، مع انتهاء عهد النبي صلى الله عليه وآله ، تجلى عهد الإنسان مع ربه بشكل آخر وأصبحت طاعة أولي الأمر ، أعني أمير المؤمنين والأئمة المعصومين عليهم السلام من بعده طاعة إلى الله ورسوله صلى عليه وآله وسلم .


وبعد وفاة الرسول الكريم صلى الله عليه وآله أُمِرَ الناس بتجديد العهد مع وليه ومبايعته بالأيدي . 


ولكن نقض العهد بدأ منذ الأيام الأولى لوفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم .


وهذا الميثاق الذي قطَعَتهُ الأمة المسلمة ، في يوم الغدير ، على طاعة ولي الله أنكَرَتهُ بسهولة ، باستثناء مجموعة صغيرة من الأمة الإسلامية .


وفي النهاية تفرّق الكثير عن أمير المؤمنين عليه السلام ، وتحقق نقض العهد .


ومن ذلك الوقت وعلى الرغم من أنه في فترة مئتين وخمسين سنة من الإمامة الشيعية ، شهدنا توجه الناس إلى الأئمة المعصومين عليهم السلام ومرجعهم العلمي .


إلا أنّ الوعدَ الذي قطعه الناس لأئمتهم لم يتحقق قط . 


وهو نفسُ الحديثِ الذي تم التنبؤ به من قبل ، على لسان الإمام محمد الباقر عليه السلام : «إِذَا غَضِبَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى خَلْقِهِ نَحّانَا عَنْ جِوَارِهِمْ» (الكافي ج1 ص343).


أي إذا غضِب الله تبارك وتعالى على خلقِه ، وسَلَبَ رحمته وفيضَه عنهم ، لسوءِ استعدادهم وقُبحَ صنيعهم ، وكمال عُتوّهم ، نحّانا عن جوارهم بالغيبة عنهم .


نعم غياب الإمام عليه السلام عن المجتمع ، وطول أمده ، هو نتيجة نقض عهد الناس بالحجج الإلهية ، وخلفاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .


ومادامَ الناسُ غير مستعدين لقبول أوامر الأئمة ونهيهم عليهم السلام ولا يفعلون ذلك وفاءً بالوعدِ الّذي قطعوه للأئمة المعصومين عليهم السلام لن يتحقق الظهور .


ولأهمية الوفاءِ بالعهد ، وأثرِه في ظهور إمام العصر عجل الله تعالى فرجه الشريف طلبوا منا ، تجديدَ بيعة الطّاعة التي نُدينُ بها لإمامِنا كلّ صباحٍ . 


اللهم نحن في هذا اليوم وطِوال حياتِنا نجدد عهدنا وبيعتنا للإمام المهدي -روحي وأرواحنا له الفداء- وأن لا نتراجع عنه أبداً ونُثْبِتُ عليه .


وأيضاً نجدد عهدنا وبيعتنا ، للدفاع عن المظلومين ، خاصة شيخنا الأجل الشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي أعلى الله مقامه وأتباعه ما دمنا على قيد الحياة .


ونذكر آباءنا وأجدادنا الذين لم يخلفوا وعدهم ، وثابروا على هذا النهج منهم جدي آية الله المعظم الميرزا موسى الحائري الإحقاقي ، وآية الله المعظم عمي الأكبر الميرزا علي الحائري الإحقاقي ، والإمام المصلح والعبد الصالح الميرزا حسن الحائري الإحقاقي ، وأبي وأستاذي ، آية الله المعظم المظلوم الميرزا عبد الرسول الحائري الإحقاقي قدس سرهم الشريف .


اللهم اشف مرضانا ، وارحم موتانا ، وسلم ديننا ودنيانا بحق محمد وآله الطيبين الطاهرين .


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته