إعتراف الخلفاء الثلاثة بالمقام العلمي لعلي (ع)

 إعتراف الخلفاء الثلاثة بالمقام العلمي لعلي (ع) 

إنه من دواعي الفخر والإعتزاز لشيعة علي (ع) ، إعتراف القريب والبعيد ، والصديق والعدو ، بفضل إمامهم وقائدهم ، والتسليم له ، والخضوع أمامه ، وأن الجميع ، بدءاً بـالـرسـول الأكرم (ص) ، وانتهاءً بالمعاندين من أعداء علي (ع) ، رفعوا قدر علي (ع) ، فوق الجميع ، وميَّزوه عنهم ، وحتى الخلفاء الثلاثة ، الذين يعتبرهم أهل السنة والجماعة ، وجوه الصحابة ومقدميهم ، يصرحون بتفوق علي (ع) ، وأفضليته على الجميع ، وحتى أنفسهم (۱) ، ويرجعون قضايا الأمة المصيرية إليه.


  • إنَّ الأدلة كثيرة في هذا المجال ، نذكر بعضاً منها للنموذج ، لا للحصر:

١- يقول المحقق ، والمؤرخ الشهير ، والمنصف من أهل السنة: القاضي محمد بهلول بهجت أفندي (٢) ، ما مضمونه: 

روى علماء أهل السنة ، أنَّ الخليفة أبا بكر بن أبي قحافة ، رقي المنبر ، بعد أيام من خلافته ، وقال : «أقيلوني ، ما أنا بخيركم وعلي فيكم ...».


لقد أنصف أبو بكر في مقاله حيث أجريت الحقيقة على لسانه ، واعترف بوضوح ، بأفضلية علي (ع) ، على جميع الصحابة ، وحتى على أبي بكر نفسه ، وهذا دليل محكم على أن علياً (ع) ، أعلم ، وأشرف ، وأفضل الصحابة في كل الجهات ، وفي علوم القرآن خاصة.


۲- روى ابن حجر المكي (۱) في (الصواعق المحرقة: ص۷۸) ، وابن الأثير (۱) في (أسد الغابة : ٢٢/٤) ، وأكثر من أربعين من العلماء ، ورواة الأحاديث ، أمثال: القاضي فضل الله بن روزبهان (۲) ، وابن قتيبة الدينوري (۳) ، وجلال الدين السيوطي (١) ، والإمام أحمد بن حنبل (٢) ، وإبراهيم بن محمد الحمويني (١) ، وابن حجر العسقلاني (٢) ، وابن عبد البر القرطبي (١) ، وعشرات العلماء أمثالهم ، مما يطول ذكرهم في هذا المجال ، كلهم ذكروا في مؤلفاتهم ، وبروايات متواترة وقضايا متنوعة ، تدل على اعتراف الخليفة عمر بن الخطاب ، وفي أكثر من سبعين واقعة ، ومأزقاً علمياً مختلفاً ، أنقذه علي (ع) منها ، وساعده فيها ، بما يحفظه من الزلل ، والفشل ، والإنحطاط ، وقال عندها قولته المعروفة: 

«لولا علي لهلك عمر !».


ونشير إلى عدد من تلك الوقائع والحوادث:


٣- (المناقب) للخوارزمي: «لما كان في ولاية عمر ، أُتي بامرأة حامل ، سألها عمر عن ذلك ، فاعترفت بالفجور ، فأمر بها عمر أنْ تُرجم . فلقيها علي بن أبي طالب (ع) ، فقال: 

ما بال هذه المرأة؟ 

فقالوا: أمر بها عمر أن تُرجم! فردَّها علي (ع) ، 

فقال له: أمرت بها أن تُرجم؟ 

فقال : نعم ، اعترفت عندي بالفجور ، 

فقال: هذا سلطانك عليها ، فما سلطانك على ما في بطنها؟ ثم قال له علي (ع): فلعلَّك انتهرتها ، أو أخفتها! 

فقال عمر: قد كان ذلك . 

قال علي (ع): أوما سمعت رسول الله (ص) يقول: «لا حدَّ على معترف بعد البلاء» أنه من قيَّدت ، أو حبست ، أو تهدَّدت ، فلا إقرار له . فخلى عمر سبيلها، 

ثم قال: «عجزت النساء أنْ تلدْنَ مثل علي بن أبي طالب (ع) ، لولا علي لهلك عمر» (١).


٤- (الفصول المهمة) لإبن الصباغ المالكي : «إنَّ رجلاً أُتى به إلى عمر بن الخطاب (رض) ، وكان صدر منه أنه قال لجماعة من الناس ، وقد سألوه: كيف أصبحت؟ قال: أصبحت أحب الفتنة ، وأكره الحق ، وأُصدق اليهود والنصارى ، وأُؤمن بما لم أره ، وأقر بما لم يخلق! فرفع إلى عمر (رض) فأرسل إلى علي ، كرَّم الله وجهه ، فلما جاءه ، أخبره بمقالة الرجل ، قال: 

صدق ، يحب الفتنة ، قال الله تعالى: {إِنَّما أَمْوالُكُمْ وَ أَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ} (٢) ، ويكره الحق: الموت: قال الله تعالى: {وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ} (۳) ، ويصدق اليهود والنَّصارى ، قال الله تعالى: {وَقالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصارى عَلى شَيْءٍ وَقالَتِ النَّصارى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلى شَيْءٍ} (٤) ، ويؤمن بما لم يره: يؤمن بالله ، عز وجل ، ويقر بما لم يخلق: يعني الساعة. 

فقال عمر (رض): أعوذ بالله من معضلة لا عليّ لها !» (۱).


٥- (الجمع بين الصحيحين) ، للحميدي (٢): أُتي عمر بخمسة نفر ، يزنون بامرأة في محل واحد ، وثبت لديه شرعاً أن الخمسة زنوا بها . فأمر أن يقام على كل واحد منهم الحد . في هذا الوقت ، دخل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) ، المسجد ، واطلع على القضية ، واستمع إلى فتوى عمر حيث خاطبه قائلاً: 

يا عمر! إنَّ حكم الله تعالى في هذه المسألة ، غير هذا الحكم ، وأنت حكمت فيها بغير حكم الله تعالى. 

فقال عمر : يا علي! ثبت الزنا ، وبعد ثبوته حكمهم الرجم! 

فقال (ع) : حكم الزنا في الموارد المختلفة يختلف ، وهذه من الموارد المختلفة التي يختلف فيها حكم الرجم، 

فقال عمر : أجر بما هو حكم الله ورسوله ، لأنني سمعت رسول الله (ص) ، يقول : «علي أعلمكم وأقضاكم». 

فأحضر الخمسة ، فقدم واحداً منهم فضرب عنقه ، وقدَّم الثاني فرجمه ، وقدَّم الثالث فضربه الحدّ ، وقدم الرابع فضربه نصف الحد ، وقدم الخامس فعزَّره ، فتحير عمر ، وتعجب الناس من فعله. فقال عمر : 

يا أبا الحسن ! خمسة نفر في قضية واحدة ، أقمت عليهم خمسة حدود ، ليس شيء منها يشبه الآخر؟! 

فقال أمير المؤمنين (ع): أما الأول : فكان ذمّياً ، خرج عن ذميَّته ، لم يكن له حكم إلا السيف ، وأما الثاني : فرجل محصن ، كان حدّه الرجم ، وأما الثالث : فغير محصن ، جُلد الحد ، وأما الرابع ، فعبد ضربناه نصف الحد ، وأما الخامس: فمجنون ، مغلوب على عقله ، فعزرناه. 

فقال عمر : لولا علي لهلك عمر ، لا عشت في أُمة لست فيها يا أبا الحسن ! (۱).


٦- القرطبي (٢) ، في تفسيره ، والعلامة الحلّي (۳) ، في «كشف الحق» (١) ، عن «صحيح مسلم» (۲) ، وهو من أمهات الكتب الحديثية المعتبرة عند أهل السنة: 

«إن امرأة دخلت على زوجها ، فولدت لستة أشهر ، فذكر ذلك لعثمان بن عفان ، فأمر بها أن ترجم ، فدخل عليه علي ، فقال : 

إِنَّ الله عزَّ وجل ، يقول : {وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً} (۱) ، وقال أيضاً : {وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ} (۲) ، 

قال : فوالله ما كان عند عثمان إلا أن بعث إليها فرجمت» (۳).


۷- «تاريخ الخلفاء» (٤) ، للسيوطي ، و «حلية الأولياء» ، لأبي نعيم الأصفهاني (٥) ، و«أسنى المطالب» (٦) ، لمحمد الجزري (۱) ، و«الطبقات» (۲) ، لابن سعد (۳) ، و«التاريخ الكبير» (١) ، لابن كثير (٢) ، و الاستيعاب (۳) ، لابن عبد البر (٤) ، وهذه كلها من الكتب المعتبرة عند أهل السنة ، ومؤلفوها من أجلة العلماء عندهم ، وكلهم يروون عن عمر بن الخطاب أنه قال عدة مرات : «علي أقضانا» (٥ ).


٨- «الاحتجاج» (۱) ، للشيخ الطبرسي : «روي أنَّه وَفَد وفْدٌ من بلاد الروم إلى المدينة ، على عهد أبي بكر ، وفيهم راهب من رهبان النصارى ، فأتى مسجد رسول الله (ص) ، ومعه بختي (٢) موقر ذهباً وفضة ، وكان أبو بكر حاضـراً ، وعنـده جـمـاعـة من المهاجرين والأنصار . فدخل عليهم ، وحياهم ، ورحَّب بهم ، وتصفح وجوههم ، ثم قال: 

أيكم خليفة رسول الله ، وأمين دينكم؟ 

فأومي إلى أبي بكر ، فأقبل إليه بوجهه ، ثم قال : أيهـا الشيخ! ما اسمك؟ 

قال : عتيق 

قال : ثم ماذا؟ 

قال : صديق . 

قال : ثم ماذا؟ 

قال : لا أعرف لنفسي إسماً غيــره.

فقال : لست بصاحبي!

فقال له : وما حاجتك؟ 

قال : أنا من بلاد الروم ، جئت منها ببختي موقر ذهباً وفضة ، لأسأل أمين هذه الأُمة مسألة ، إنْ أجابني عنها أسلمت ، وبما أمرني أطعت ، وهذا المال بينكم فرقت ، وإنْ عجز عنها ، رجعت إلى الوراء بما معي ، ولم أُسلم.

فقال له أبو بكر : سل عما بدا لك! 

فقال الراهب : والله لا أفتح الكلام ما لم تؤْمنّي من سطوتك ، وسطوة أصحابك. 

فقال أبو بكر : أنت آمن ، وليس عليك بأس ، قل ما شئت. 

فقال الراهب : أخبرني عن شيء ليس لله ، ولا من عند الله ، ولا يعلمه الله ؟!


فارتعش أبو بكر ، ولم يُحر جواباً ، فلما كان بعد هنيهة قال لبعض أصحابه : إئتني بأبي حفص ، عمر ، فجاء به ، فجلس عنده ، ثم قال : أيها الراهب! سله . فأقبل بوجهه إلى عمر ، وقال له مثل ما قال لأبي بكر ، فلم يُحر جواباً.


ثم أتي بعثمان ، فجرى بين الراهب وعثمان ، مثل ماجرى بينه ، وبين أبي بكر وعمر ، فلم يُحر جواباً . 

فقال الراهب : أشياخ كرام ، ذوو فجاج لا سلام! ثم نهض ليخرج. 

فقال أبو بكر : يا عدو الله! لولا العهد ، لخضبت الأرض بدمك! فقام سلمان الفارسي ، رضي الله عنه ، وأتى علي بن أبي طالب (ع) ، وهو جالس في صحن داره ، مع الحسن والحسين (ع) ، وقصَّ عليه القصة.


فقام علي (ع) ، وخرج ومعه الحسن والحسين (ع) ، حتى أتى المسجد ، فلما رأى القوم علياً (ع) ، كبروا الله ، وحمــدوا الله ، وقاموا إليه أجمعهم ، فدخل علي (ع) ، وجلس.


فقال أبو بكر : أيها الراهب! سله ، فإنَّه صاحبك وبغيتك.


فأقبل الراهب بوجهه إلى علي (ع) ، ثم قال: يافتي! ما اسمك؟


قال (ع) : إسمي عند اليهود «إليا» ، وعنـد النصـــارى «إيليا» ، وعند والدي «علي» ، وعند أمي حيدرة».

قال : ما محلك من نبيكم؟

قال (ع) : أخي ، وصهري ، وابن عمي.

قال الراهب : أنت صاحبي ورب عيسى! أخبرني عن شيء ليس لله ، ولا من عند الله ، ولا يعلمه الله.


قال (ع) : على الخبير سقطت . أما قولك : «ما ليس لله» : فإنَّ الله تعالى أحد ، ليس له صاحبة ، ولا ولد . وأما قولك : «ولا من عند الله» : فليس من عند الله ظلم لأحد . وأما قولك : «لا يعلمه الله» : فإِنَّ الله لا يعلم له شريكاً في الملك.


فقام الراهب ، وقطع زناره ، وأخذ رأسه ، وقبل ما بين عينيه ، وقال : أشهد أنْ لا إله إلا الله ، وأنَّ محمداً رسول الله ، وأشهد أنك أنت الخليفة ، وأمين هذه الأُمة ومعدن الدين ، والحكمة ، ومنبع عين الحجة ، لقد قرأت اسمك في التوراة (إليا) ، وفي الإنجيل (إيليا) ، وفي القرآن (علياً) ، وفي الكتب السابقة (حيدرة) ، ووجدتك بعد النبي وصياً ، وللإمارة ولياً ، وأنت أحق بهذا المجلس من غيرك ، فأخبرني ما شأنك وشأن القوم؟


فأجابه بشيء ، فقام الراهب ، وسلم المال إليه بأجمعه . فما برح علي (ع) مكانه ، حتى فرقه في مساكين أهل المدينة ، ومحاويجهم ، وانصرف الراهب إلى قومه مسلماً . (اهـ).


۹- «الصواعق المحرقة» لابن حجر المكي: 

«أخرج أحمد أنَّ رجلاً سأل معاوية عن مسألة ، فقال : إسأل عنها علياً فهو أعلم ، 

فقال : يا أمير المؤمنين! جوابك فيها أحب إليَّ من جواب عليّ . 

قال : بئس ما قلت ، لقد كرهت رجلاً كان رسول الله (ص) يغرّه بالعلم غراً. 

ولقد قال له : أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ، وكان عمر إذا أشكل عليه شيء أخذ منه . وأخرجه آخرون بنحوه ، لكن زاد بعضهم : قم لا أقام الله منه رجليك - ومحا اسمه من الديوان - ولقد كان عمر يسأله ، ويأخذ عنه ، ولقد شهدته إذا أشكل عليه شيء قال : ها هنا عليّ» (١). 


إنَّ الناظر البصير ، والمدقق في هذه الأحاديث المتواترة ، التي هي نموذج من تلك الأحاديث المتكاثرة في كتب الفريقين ، من المسلمين ، سوف يقف على هذه الحقيقة الجلية : أنَّ علي بن أبي طالب (ع) ، أعلم أصحاب رسول الله بالقرآن ، بل في جميع العلوم ، من دون شك أو تردد.


وسيجد فيها ، وبشكل واضح ، كيف أنَّ الخلفاء الثلاثة ، وحتى معاوية ذاك العدو اللدود للإمام ، يعترفون ويقرون بفضل علي (ع) ، وعلو مرتبته العلمية ، وأنهم بحاجة ماسة إليه ، في فهم القرآن ، وتفسيره ، وتأويله . وإنَّ عمر بن الخطاب ، الذي كان معجباً بنفسه ، يقول قولته المعروفة: «لولا علي لهلك عمر!» ، وبأكثر من سبعين مرة ، وقال عدة مرات: «لا يفتينَّ أحد في المسجد ، وعلي حاضر!» ، مما يؤكد حاجة الصحابة الشديدة له في فهم القرآن الشريف.


ولو كان بمقدورهم التوصل إلى تفسير القرآن ، وتأويله ، من دون الرجوع إلى علي (ع) ، أو كان لديهم في بطانتهم مرجع آخر ، في هذا المجال ، غيره ، لما اضطروا للتنويه باسم علي (ع) ، والإعتراف بالخضوع والتذلل تجاهه ، مع أنهم يشغلون مقاماً ، يدَّعون أنه لهم من دون علي (ع).


ولو تصفحنا صفحات التاريخ ، ودققنا في سطوره ، لم نجد على الإطلاق أنَّ الخلفاء الثلاثة تواضعوا لأحد ، واعترفوا بعظمته ، كما فعلوا مع علي (ع).


ويكفي هذا دليلاً قاطعاً على أنه لا يمكن تسمية أحد ووصفه بأنه «راسخ في العلم» بعد رسول الله (ص) ، إلا علي بن أبي طالب ، أمير المؤمنين ، وأن الباقين عيال عليه في فهم القرآن وعلمه.


وأي دليل أبين ، وأقوى من كلام معاوية ، ذاك الخصم المعاند تجاه علي - كما قرأت وقديماً قيل : «والفضل ما شهدت به الأعداء».


ولا ريب أنَّ هذه المنزلة العلمية الرفيعة بعد علي (ع) ، انتقلت إلى أهل بيت النبوة ، يعني الأئمة الأطهار ، وأوصياء رسول الله (ص) المحقّين ، وخزائن علمه ، بحيث لا يشاركهم في تلك المرتبة والمنزلة أحد.


وللتأكيد على هذا ، ولكي يتثبت الذين ترددوا فيه ، ووسوس الشيطان في قلوبهم وراحوا يتأولون في تطبيق الآية الكريمة ، للتعرف الواضح على هوية {الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} وإثباتاً بأنهم علي (ع) وأولاده ، عليهم السلام ، ننقل جملة من الروايات الصحيحة ، والمعتبرة عند الفريقين:


۱- «حلية الأولياء» للحافظ أبي نعيم الأصفهاني : بأسناده إلى عبد الله بن مسعود ، قال: 

«إنَّ القرآن أُنزل على سبعة أحرف ، ما منها حرف إلا وله ظهر وبطن ، وأن علي بن أبي طالب (ع) ، عنده علم الظاهر والباطن» (١).


٢- «ينابيع المودة» للشيخ سليمان الحنفي (٢) ، بأسناده إلى حبر الأمة عبد الله بن عباس ، قال: 

«علم النبي (ص) من علم الله ، وعلم علي من علم النبي (ص) ، وعلمي من علم علي ، وما علمي وعلم الصحابة في علم علي ، إلا كقطرة في سبعة أبحر» (٣).


٣- «الفصول المهمة» لنور الدين بن الصباغ المالكي ، الذي هو من أجلَّة علماء العامة ، يقول في وصف علي (ع): 

«في ذكر شيء من علومه : فمنها علم الفقه الذي هو مرجع الأحكام (الأنام - خ ل) ، ومنبع الحلال والحرام ، فقد كان علي (ع) ، مطلعاً على غوامض أحكامه ، منقاداً له ، جامحاً بزمامه ، مشهوداً له فيه بعلوّ محله ومقامه ، ولهذا خصَّه رسول الله (ص) بعلم القضاء ، كما نقله الإمام أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي (٤) ، رحمة الله عليه ، في كتابه «المصابيح» ، مروياً عن أنس بن مالك : إنَّ رسول الله (ص) خصَّص جماعة من الصحابة ، كل واحد بفضيلة : خصص علياً بعلم القضاء ، فقال : وأقضاكم علي» (۱). 


٤- كتاب «ألف باء» لأبي الحجاج البلوي (٢) ، روى فيه:

«عندما بلغ معاوية نبأ مقتل علي بن أبي طالب (ع) ، قال : «لقد ذهب الفقه والعلم بموت ابن أبي طالب» (١).


أقول : ما أفخر وما أحلى هكذا شهادة ، إنها شهادة صريحة وبينة تخرج من لسان ألد الأعداء!


وهذا إنْ دلَّ على شيء ، فإنما يدل على الأمواج اللامتناهية من بحار علوم علي (ع) السماوية ، التي راحت تسخّـر العــالم الإسلامي والعربي آنذاك ، وتشد إليها أفكار وعقول العلماء والعظماء ، بحيث أنَّ العدو والصديق لا يجد حيلة في الهروب من الإعتراف والتصديق ، وإظهار الخضوع والتواضع تجاهها.


ولا عجب من علي (ع) ، ذلك المربّي بالعناية الملكوتية ، وصاحب الإتصال الوثيق بالعوالم السماوية ، لا عجب من أنْ تشرق أنوار علومه وتمتد ، لتغطي بإشعاعها العلم والفضيلة حيث کانا ، وحتى في زماننا هذا عصر العلم والإكتشافات العلمية ، وتبقى نجماً مضيئاً ينير درب العلم والعلماء إلى يوم القيامة.


٥- «الفتح المبين» ، لأبي عبد الله محمد بن علي ، الحكيم الترمذي (٢) ، قال في فضل علي (ع) ، ومقامه العلمي: 

«كانت الصحابة (رضي الله عنهم) ، يرجعون إليه في أحكام الكتاب ، ويأخذون عنه الفتاوى ، كما قال عمر بن الخطاب (رض) في عدة مواطن : «لولا علي لهلك عمر» (۱) ، وقال رسول الله (ص): «أعلم أمتي علي بن أبي طالب» (١).


٦- «المناقب» ، لإبن شهر آشوب المازندراني : «عن عكرمة ، عن ابن عباس : أن عمر بن الخطاب ، قال له: 

يا أبا الحسن! إنك لتعجل في الحكم والفصل ، للشيء ، إذا سئلت عنه؟ 

قال : فأبرز عليّ كفَّه ، وقال له : كم هذا؟ 

فقال عمر : خمسة ، 

فقال : عجلت يا أبا حفص ، 

قال : لم يخفَ عليَّ ،

فقال عليّ : وأنا أسرع فيما لا يخفى عليَّ» (٢).