ثبت بما ذكرنا أنَّ المقصود من {الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} ، هم محمد (ص) ، وآل محمد (ع) ، فقط ، وليس لأحد أنْ يدَّعي ذلك المقام ، وتلك الرتبة ، إلا الكذاب والمفتري.
- وللمزيد من التأكيد والإثبات ، نذكر بعض الأدلة الإضافية:
۱- «نهج البلاغة» ، يقول أمير المؤمنين في {الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ}:
«أين الذين زعموا أنهم {الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} دوننا ، كذباً وبغياً علينا أن رفعنا الله ووضعهم ، وأعطانا وحرمهم ، وأدخلنا وأخرجهم؟! بنا يستعطى الهدى ، ويستجلى العمى . إنَّ الأئمة من قريش ، غرسوا في هذا البطن من هاشم ، لا تصلح على سواهم ، ولا تصلح الولاة من غيرهم …» (۱).
٢- «أصول الكافي» ، كتاب الحجة ، باب «الراسخون في العلم هم الأئمة ، عليهم السلام»: عن أبي بصير ، عن الإمام الصادق (ع) ، أنه قال:
«نحن الراسخون في العلم ، ونحن نعلم تأويله» (۲).
٣- «أصول الكافي» : عن عبد الرحمن بن كثير ، عن الإمام الصادق (ع) ، قال:
«الراسخون في العلم : أمير المؤمنين ، والأئمة من بعده ، عليهم السلام» (۳).
٤- «بصائر الدرجات» : بأسناده عن بريد العجلي ، عن الإمام الباقر (ع) ، أنه قال في تفسير الآية المباركة {وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّـهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} (٤):
«رسول الله (ص) أفضل الراسخين ، قد علمه الله جميع ما أنزل الله إليه ، من التنزيل ، والتأويل ، وما كان الله لينزل عليه شيئاً لم يعلمه تأويله ، وأوصياؤه من بعده ، يعلمونه كله ، والذين لا يعلمون تأويله إذا قال العالم فيه العلم ، فأجابهم الله : {يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا} ، والقرآن له خاص وعام ، ومحكم ومتشابه ، وناسخ ومنسوخ ، والراسخون في العلم يعلمونه» (۱).
٥- «بصائر الدرجات» : عن أبي الصباح الكناني ، عن الإمام الصادق (ع) ، قال:
«يا أبا صالح! نحن قوم فرض الله طاعتنا ، لنا الأنفال ، ولنا صفو المال ، ونحن الراسخون في العلم ، ونحن المحسودون الذين قال الله : {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّـهُ مِنْ فَضْلِهِ}» (۲).
٦ـ «ينابيع المودة» : عن موفق بن أحمد ، قال : قال علي (ع):
«ما نزلت آية إلا وقد علمت فيما نزلت ، وأين نزلت ، وعلى من أُنزلت ، وإنَّ ربي وهب لي لساناً طلقاً ، وقلباً عقولاً» (۳).
٧- «ينابيع المودة» : الحمويني بسنده عن شفيق ، عن ابن مسعود، قال:
«وإنَّ عند علي (ع) ، علم القرآن ، ظـاهـره وباطنه» (٤).
- نستنتج من مجموعة الأحاديث المتواترة والصحيحة المتقدمة ، التي هي جزء من مجموع الأحاديث ، في هذا الشأن ، عن طريق الخاصة والعامة ، أنه:
أولاً : {الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} : هم محمد (ص) ، وآل محمد (ع) ، فقط ، ولا يشاركهم ، ولا يصلح لمشاركتهم فيها أحد.
ثانياً : إنهم يعلمون جميع الأسرار والرموز ، والظاهر والباطن ، والتفسير والتأويل ، والمحكم والمتشابه ، من القرآن الكريم ، مؤيدون بذلك من الله ، تبارك وتعالى ، وليس باستطاعة أحد أنْ يستقل في تفسير وتأويل القرآن الكريم ، مستنداً إلى معلوماته المحدودة ، أو أن يُرجع متشابهات القرآن إلى محكماته ، أو يخوض في أسرار المتشابهات ...
بل على الناس الرجوع إليهم ، والإستفادة من علومهم ، والتتلمذ عليهم ، حيث يقول الإمام الصادق (ع):
«نحن العلماء ، وشيعتنا المتعلمون» (۱).
وفي الخلاصة : إنَّ الوقف على لفظة الجلالة ، في الآية المذكورة ، لا يتفق مع الهدف الإلهي ، عقلاً ، ونقلاً ، والقول به باطل وعاطل.
ولتثبيت هذه الحقيقة نذكر نماذج من تأويل الأئمة المعصومين من آل البيت (ع) ، للآيات المتشابهة من القرآن الكريم.