ترجمة القرآن الكريم

 ترجمة القرآن الكريم 

التَّرجُمة : بفتح التاء وضم الجيم ، يعني نقل لغة إلى لغة أخرى ، في معناها ومفهومها . ولفظة «ترجمة» أصلها فارسية ، أخذت من «ترجمان» ، ولذلك ، وعلى القواعد العربية جاءت مصدراً ، وفعلاً ، وإسماً …


وقال الخفافي : «ترجمان» : معربة من كلمة «ترزبان» الفارسية (١).


وقال الآخرون : إنها معربة من «توگومان» ، بمعنی کلام الأجنبي ، ولهذا السبب ضبط بعض علماء اللغة كلمة «ترجمان» بـ «ترجومان».


والمهم في هذا المجال ، والذي يلزم ذكره ، هو : إنَّ اللغات غير العربية ، لا تسع القرآن في واقعه ، وروح كلماته ، عند ترجمته إليها ، لأنَّ الكلمات القرآنية ليس دورها إيصال المعاني والمضمون فقط ، بل في وضع كل منها في مكانها الذي هي فيه ، خصوصية معيَّنة.


فمثلاً : إذا أخذنا لفظة «اقتربت» من الإقتراب ، ولهـا مرادفات أُخرى مثل «دنت» ، وهي عربية كذلك ، فكيف يمكن نقلها إلى لغة غير عربية!! 


وكذلك الحال في بقية الكلمات والإستعمالات القرآنية ، وإذا أردنا أنْ نتوسع في هذا البحث ، لنتطرق إلى التركيبات الجميلة ، فسيطول بنا المقام إلى حد يخرجنا عن مجال الكتاب ، وأدل دليل على ذلك ، تحدّيات القرآن المتكاثرة فيه (١) ...


إضافة إلى ذلك ، وببساطة تامة : إنَّ في بعض اللغات ، والعربية الواسعة خاصة ، مفردات لا نجد لها معاني تطابقها في اللغات الأخرى ، ولهذا يضطر المترجمون ، وفي كثير من الأحيان ، أن ينقلوا اللغة الأصلية بذاتها ، أو يترجموها ترجمة بالمعنى ، وفي هذا - من الواضح - فقدان فصـاحــة اللغـة ولطافتها ، وجَرْسِها ، وانحرافها في الغالب عن المعنى المقصود تماماً وأساساً ، كما تنعدم روحية الكلام والألفاظ بانعدام تنسيق الجمل ونظمها . وكيف! وإنَّ القرآن يتحدى الناس بفصاحته ، وبلاغة نسجه - إضافة إلى الجهات الأخرى - مما جعل البلغاء ، وفصحاء الدنيا ، يعترفون بالقصور والفشل ، عندما شاهدوا تفاعل القرآن مع أرواح وقلوب المستمعين لآياته ، وشدّها نحوه ، وتعلقها به ، فما كان منهم إلا تسميته بالإعجاز!


هذا وإنْ كان لا مفرَّ لغير العرب ، من الرجوع إلى القرآن المترجم ، ولكن لا بدَّ من التسليم ، أنَّ التراجم مع كثرتها ، وتعددها ، من حيث تنوع اللغات ، لا مجال لطلب تلك اللطافة ، والبلاغة ، والفصاحة القرآنية منها ، بالإضافة إلى أنَّ بعض المترجمين لم يتمكنوا من إيفاء واجبهم في سلامة الترجمة اللفظية ، فوقعوا في أغلاط كبيرة ، واشتباهات جسيمة ، مما يُعدّ ظلماً للقرآن ، وصاحب القرآن !!


ويحتاج القارىء مع هذه التراجم إلى كتب التفسير والتأويل ، لتقربه من فهم القرآن ، وتساعده للوقوف على معانيه ، ومفاهيمه. 


والذين يدَّعون أنَّ من الممكن فهم القرآن ، بالاستقلال ، ومن دون حاجة إلى التفسير والتأويل ، فإنهم ، وبلا شك ، وقعوا في خطأ فادح ، لنظرتهم السَّطحية ، وعدم تعمقهم في حقائق ، ودقائق ، الآيات القرآنية.


ولأجل بسط الكلام وشرحه ، نبدأ ببيان معنى التفسير والتأويل ، على ضوء اللغة والمصطلحات القرآنية: