توقيع الإمام الحجة عجَّل الله فرجه للشيخ المفيد

توقيع الإمام الحجة عجَّل الله فرجه للشيخ المفيد

فبقدر ما يمر على شيعة أهل البيت (عليهم السلام) من الضيق والظلم ، بقدر ما تكون رعاية الإمام (عليه السلام) لهم في كل عصر أكثر وأكثر ، ومصداق ذلك قول الإمام الحجة بن الحسن أرواحنا فداه وعجل الله فرجه ، وقد ذكر الشيخ الطبرسي وغيره من علماء الطائفة رحمهم الله في الاحتجاج وغيره التوقيع الصادر من الإمام الحجة عجل الله فرجه للشيخ المفيد رضوان الله عليه (١) في أيام بقيت من صفر ، سنة عشر وأربعمائة ، ورد على الشيخ المفيد أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان قدس الله روحه ونور ضريحه ذكر موصله أنه يحمله من ناحية متصلة بالحجاز ، نسخته : للأخ السديد ، والوليّ الرشيد ، الشيخ المفيد ، أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان أدام الله إعزازه ، من مستودع العهد المأخوذ على العباد.


 

أما بعد :

سلام عليك أيها الوليّ المخلص في الدين ، المخصوص فينا باليقين ، فإنّا نحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو ، ونسأله الصلاة على سيدنا ومولانا ونبينا محمد وآله الطاهرين ، ونعلمك -أدام الله توفيقك لنصرة الحق ، وأجزل مثوبتك على نطقك عنا بالصدق- : 

أنه قد أُذن لنا في تشريفك بالمكاتبة ، وتكليفك ما تؤديه عنا إلى موالينا قِبَلك ، أعزهم الله بطاعته ، وكفاهم المهم برعايته لهم وحراسته ، فقف أيَّدك الله بعونه على أعدائه المارقين من دينه على ما أذكره ، واعمل في تأديته إلى من تسكن إليه بما نرسمه إن شاء الله ، نحن وإن كنا نائين بمكاننا النائي عن مساكن الظالمين ، حسب الذي أراناه الله تعالى لنا من الصلاح ، ولشيعتنا المؤمنين في ذلك ، ما دامت دولة الدنيا للفاسقين ، فإنّا نحيط علماً بأنبائكم ، ولا يعزب عنا شيء من أخباركم ، ومعرفتنا بالذل الذي أصابكم ، من جنح كثير منكم إلى ما كان السلف الصالح عنه شاسعاً ، ونبذوا العهد المأخوذ منهم وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون .


إنا غير مهملين لمراعاتكم ، ولا ناسين لذكركم ، ولولا ذلك لنزل بكم اللأواء (۱) واصطلمكم الأعداء (۲) فاتقوا الله جل جلاله ، وظاهرونا على انتياشكم (۳) من فتنة قد أنافت عليكم (٤) يهلك فيها من حُمَّ أجله (٥) ويحمى عنها من أدرك أمله ، وهي أمارة لأزوف حركتنا (٦) ومباثَّتكم بأمرنا ونهينا ، والله متم نوره ولو كره المشركون . 


اعتصموا بالتقية ! من شب نار الجاهلية ، يحششها (۷) عصب أموية ، يهول بها فرقة مهدية ، أنا زعيم بنجاة من لم يرم فيها المواطن ، وسلك في الطعن منها السبل المرضية ، إذا حل جمادى الأول من سنتكم هذه ، فاعتبروا بما يحدث فيه ، واستيقظوا من رقدتكم لما يكون في الذي يليه . 


ستظهر لكم من السماء آية جلية ، ومن الأرض مثلها بالسوية ، ويحدث في أرض المشرق ما يحزن ويقلق ، ويغلب من بعد على العراق طوائف عن الإسلام مُرَّاق ، تضيق بسوء فعالهم على أهله الأرزاق ، ثم تنفرج الغمة من بعد ، ببوار طاغوت من الأشرار ، ثم يسترّ بهلاكه المتقون الأخيار ، ويتفق لمريدي الحج من الآفاق ما يؤملونه منه على توفير عليه منهم واتفاق ، ولنا في تيسير حجهم على الاختيار منهم والوفاق ، شأن يظهر على نظام واتساق . 


فليعمل كل امرئ منكم بما يقرب به من محبتنا ، ويتجنب ما يدنيه من كراهتنا وسخطنا ، فإن أمرنا بغتة فجأة حين لا تنفعه توبة ، ولا ينجيه من عقابنا ندم على حوبة ، والله يلهمكم الرشد ، ويلطف لكم في التوفيق برحمته .


نسخة التوقيع باليد العليا على صاحبها السلام : 

هذا كتابنا إليك أيها الأخ الولي ، والمخلص في ودّنا الصفي ، والناصر لنا الوفي ، حرسك الله بعينه التي لا تنام ، فاحتفظ به ! ولا تظهر على خطنا الذي سطرناه بما له ضمَّنَّاه أحداً ! وأدِّ ما فيه إلى من تسكن إليه ، وأوصِ جماعتهم بالعمل عليه إن شاء الله ، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين .