التوقيع الثاني للإمام الحجة عجَّل الله فرجه

التوقيع الثاني للإمام الحجة عجَّل الله فرجه

وورد عليه كتاب آخر من قبله صلوات الله عليه ، يوم الخميس الثالث والعشرين من ذي الحجة ، سنة اثنتي عشرة وأربعمائة . نسخته :

من عبد الله المرابط في سبيله إلى ملهم الحق ودليله .


 

سلام الله عليك أيها الناصر للحق ، الداعي إليه بكلمة الصدق ، فإنّا نحمد الله إليك الذي لا إله إلا هو ، إلٓهنا وإلٓه آبائنا الأولين ، ونسأله الصلاة على سيدنا ومولانا محمد خاتم النبيين ، وعلى أهل بيته الطاهرين . وبعد :


فقد كنا نظرنا مناجاتك ، عصمك الله بالسبب الذي وهبه الله لك من أوليائه ، وحرسك به من كيد أعدائه ، وشفعنا ذلك الآن من مستقر لنا ينصب في شمراخ (١) ، من بهماء صرنا إليه آنفاً ، من غماليل (٢) ألجأنا إليه السباريت (۳) من الإيمان ، ويوشك أن يكون هبوطنا إلى صحصح من غير بُعد من الدهر ، ولا تطاول من الزمان ، ويأتيك نبأ منا بما يتجدد لنا من حال ، فتعرف بذلك ما نعتمده من الزلفة إلينا بالأعمال ، والله موفقك لذلك برحمته ، فلتكن حرسك الله بعينه التي لا تنام ، أن تقابل لذلك فتنة تسلّ نفوس قوم حرثت باطلاً ، لاسترهاب المبطلين ، يبتهج لدمارها المؤمنون ، ويحزن لذلك المجرمون ، وآية حركتنا من هذه اللوثة ، حادثة بالحرم المعظم ، من رجس منافق مذمم ، مستحل للدم المحرم ، يعمد بكيده أهل الإيمان ، ولا يبلغ بذلك غرضه من الظلم والعدوان ، لأننا من وراء حفظهم بالدعاء الذي لا يحجب عن ملك الأرض والسماء ، فلتطمئن بذلك من أوليائنا القلوب ، وليثقوا بالكفاية منه ، وإن راعتهم بُهَمُ الخطوب ، والعاقبة بجميل صنع الله سبحانه ، تكون حميدة لهم ، ما اجتنبوا المنهي عنه من الذنوب. 


ونحن نعهد إليك أيها الولي المخلص ، المجاهد فينا الظالمين ، أيدك الله بنصره ، الذي أيد به السلف من أوليائنا الصالحين ، أنه من اتقى ربه من إخوانك في الدين ، وخرج مما عليه إلى مستحقيه ، كان آمناً من الفتنة المبطلة ، ومحنها المظلمة المُضلّة ومن بخل منهم بما أعاره الله من نعمته ، على من أمره بصلته ، فإنه يكون خاسراً بذلك لأُولاه وآخرته .


ولو أن أشياعنا وفقهم الله لطاعته ، على اجتماع من القلوب ، في الوفاء بالعهد عليهم ، لما تأخر عنهم اليمن بلقائنا ، ولتعجلت لهم السعادة بمشاهدتنا ، على حق المعرفة وصدقها منهم بنا ، فما يحبسنا عنهم ، إلا ما يتصل بنا مما نكرهه ولا نؤثره منهم ، والله المستعان وهو حسبنا ونعم الوكيل ، وصلاته على سيدنا البشير النذير محمد وآله الطاهرين وسلم) (١).


انظر إلى قوله أرواحنا فداه : 

«فما يحبسنا عنهم ، إلا ما يتصل بنا مما نكرهه ، ولا نؤثره منهم» 

وقوله -عجل الله فرجه- :

«ولو أن أشياعنا وفقهم الله لطاعته ، على اجتماع من القلوب ، في الوفاء بالعهد عليهم ، لما تأخر عنهم اليمن بلقائنا ، ولتعجلت لهم السعادة بمشاهدتنا»

 فما يمنعنا من لقاء الإمام الحجة عجل الله فرجه إلا الذنوب ، والفرقة والتحزب إلى مجموعات وطوائف ، فلولا الإمام عجل الله فرجه لما بقي مُوَالٍ بل موحِّد ، فنحن باقون بدعائه وحفظه كما قال أرواحنا فداه :

«إنا غير مهملين لمراعاتكم ، ولا ناسين لذكركم ، ولولا ذلك لنزل بكم اللأواء أو اصطلمكم الأعداء» 

وقوله عجل الله فرجه :

«لأننا من وراء حفظهم بالدعاء الذي لا يحجب عن ملك الأرض والسماء ، فلتطمئن بذلك من أوليائنا القلوب ، وليثقوا بالكفاية منه ، وإن راعتهم بهم الخطوب ، والعاقبة بجميل صنع الله سبحانه ، تكون حميدة لهم ، ما اجتنبوا المنهي عنه من الذنوب» 

لا توجد آفة على المؤمن في الدنيا والآخرة أعظم من الذنوب ، وخير دعاء روي عن الإمام الحجة أرواحنا فداه ، يصور حال مجتمعاتنا وواقعنا هو هذا الدعاء ، ونحن في أمسّ الحاجة إلى ترجمته عملياً ، حتى يظهر على سلوكنا ومعاملاتنا اليومية وهو :