علي بن يقطين وزيراً لهارون العباسي

علي بن يقطين وزيراً لهارون العباسي

فلما رأى هارون محبة علي بن يقطين وولاءه ، والحرص على خدمته ، جعله وزيراً خاصاً له وقرّبه على غيره ، فلما جاء تكليف علي بن يقطين بالوزارة من هارون خاف علي بن يقطين على نفسه ، لعلمه بظلم هارون وتصرفاته ، فبقي متحيراً لا يستطيع رده ولا يستطيع قبوله ، فما كان منه إلا أن أرسل إلى الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) بالأمر ، كما روي عن أبي علي بن طاهر قال : 

استأذن علي بن يقطين مولاي الكاظم (عليه السلام) في ترك عمل السلطان فلم يأذن له ، وقال : 

«لا تفعل فإن لنا بك أُنساً ، ولإخوانك بك عزاً ، وعسى أن يجبر الله بك كسراً ، ويكسر بك نائرة المخالفين عن أوليائه .


يا علي كفارة أعمالكم الإحسان إلى إخوانكم ، اضمن لي واحدة ، وأضمن لك ثلاثاً ، اضمن لي أن لا تلقى أحداً من أوليائنا إلا قضيت حاجته وأكرمته ، وأضمن لك أن لا يظلك سقف سجن أبداً ، ولا ينالك حد سيف أبداً ، ولا يدخل الفقر بيتك أبداً ، يا علي من سرَّ مؤمناً ، فبالله بدأ وبالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ثنَى وبنا ثلَّث» (۱) .


فكان علي بن يقطين منفساً لشيعة الإمام الكاظم (عليه السلام) ، لتفريج أمورهم ، وقضاء حوائجهم ، ومما لا شك فيه ، وجود رجل مثل علي بن يقطين في البلاط العباسي ، ووزيراً خاصاً للخليفة مباشرة ، يكون محطَّ الأنظار ، وتحت الرقابة من الدولة ومن الناس ، فعلى سبيل المثال لما يكون رجل من الشيعة وزيراً للداخلية لدولة سنية ، بل متشددة تنصب العداء ، بل تقتل أهل البيت (عليهم السلام) وشيعتهم تحت كل حجر ومدر ، يكون حينئذٍ شبه المعجزة ، أن يكون مثل هذا وزيراً للداخلية على سبيل المثل ، ومن الطبيعي أيضاً أن يكون موضع السهام للحاسدين ، وأصحاب المطامع .