وهذا ما حدث لعلي بن يقطين ، فقد وشي به عند هارون ، أنه ممن يأتمّ بالإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) ، وينقل إليه الأموال ، فانتاب هارون شيء من الريبة بابن يقطين ، فقال الحاسدون لهارون إن كنت تشك في أمرنا ، فاختبره في الوضوء بمنزله بحيث لا يشعر ، فصمَّم هارون على ذلك لمراقبته من حيث لا يشعر ، فكان قبل تصميم هارون لمراقبته ، أرسل علي بن يقطين للإمام الكاظم (عليه السلام) عن الحدود الشرعية في المسح على الرجلين ، هل إلى القبة ، أم إلى المفصل نهاية القدم؟ كما في الخرائج أن علي بن يقطين كتب إلى موسى بن جعفر (عليه السلام) ، اختلف في المسح على الرجلين ، فإن رأيت أن تكتب ما يكون عملي عليه فعلت ، فكتب أبو الحسن :
«الذي آمرك به أن تتمضمض ثلاثاً ، وتستنشق ثلاثاً ، وتغسل وجهك ثلاثاً وتخلل شعر لحيتك ثلاثاً ، وتغسل يديك ثلاثاً ، وتمسح ظاهر أذنيك وباطنهما ، وتغسل رجليك ثلاثاً ، ولا تخالف ذلك إلى غيره» . فامتثل أمره وعمل عليه .
فقال الرشيد : أُحب أن أستبرئ أمر علي بن يقطين ، فإنهم يقولون إنه رافضي ، والرافضة يخفّفون في الوضوء ، فناطه (١) بشيء من الشغل في الدار حتى دخل وقت الصلاة ، ووقف الرشيد وراء حائط الحجرة ، بحيث يرى علي بن يقطين ولا يراه هو ، وقد بعث إليه بالماء للوضوء فتوضأ كما أمره موسى ، فقام الرشيد وقال :
كذب من زعم أنك رافضي .
فورد على علي بن يقطين كتاب موسى بن جعفر :
«توضأ من الآن كما أمر الله ، اغسل وجهك مرة فريضة ، والأخرى إسباغاً ، واغسل يديك من المرفقين كذلك ، وامسح مقدم رأسك ، وظاهر قدميك ، من فضل نداوة وضوئك ، فقد زال ما يخاف عليك» (٢) .
فهكذا شيعة أهل البيت (عليهم السلام) المخلصين ، مسدّدون من الإمام (عليه السلام) في كل زمان ومكان ، قال الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) :
«إن لي مع كل ولي أذناً سامعة ، وعيناً ناظرة ، ولساناً ناطقاً» (۳) ، وهذا الأمر في كل عصر من عصور الأئمة (عليهم السلام) ، وفي زماننا هذا المسدد هو مولانا الإمام وليّ العصر ، صاحب الزمان أرواحنا فداه وعجل فرجه .