دعاء آخر للإمام الكاظم (عليه السلام) للخروج من السجن

 دعاء آخر للإمام الكاظم (عليه السلام) للخروج من السجن

وهذا دعاء آخر للإمام موسى الكاظم (عليه السلام) للخروج من السجن روي في العيون والبحار والأمالي للشيخ المفيد وفي كتب الأدعية عن ما جيلويه ، عن علي ، عن أبيه قال : سمعت رجلاً من أصحابنا يقول : 

(لما حبس الرشيد موسى بن جعفر (عليه السلام) ، جنَّ عليه الليل فخاف ناحية هارون أن يقتله ، فجدد موسى (عليه السلام) طهوره ، واستقبل بوجهه القبلة ، وصلى لله عزّ وجلّ أربع ركعات ، ثم دعا بهذه الدعوات فقال : 

«يا سيدي نجِّني من حبس هارون ، وخلصني من يده ، يا مخلص الشجر من بين رمل وطين وماء ، ويا مخلص اللبن من بين فرث ودم ، ويا مخلص الولد من بين مشيمة ورحم ، ويا مخلص النار من بين الحديد والحجر ، ويا مخلص الروح من بين الأحشاء والأمعاء ، خلصني من يدي هارون» .


قال : فلما دعا موسى (عليه السلام) بهذه الدعوات ، أتى هارون رجل أسود في منامه وبيده سيف قد سلَّه ، فوقف على رأس هارون وهو يقول : 

يا هارون أطلق عن موسى بن جعفر وإلا ضربت علاوتك بسيفي هذا ، فخاف هارون من هيبته ثم دعا الحاجب فجاء الحاجب 

فقال له : اذهب إلى السجن ، فأطلق عن موسى بن جعفر 

قال : فخرج الحاجب فقرع باب السجن ، فأجابه صاحب السجن 

فقال : من ذا ؟ 

قال : إن الخليفة يدعو موسى بن جعفر فأخرجه من سجنك ، وأطلق عنه .


فصاح السجان : يا موسى إن الخليفة يدعوك . 

فقام موسى (عليه السلام) مذعوراً فزعاً وهو يقول : 

لا يدعوني في جوف هذا الليل إلا لشر يريد بي، 

فقام باكياً حزيناً مغموماً آيساً من حياته ، فجاء إلى هارون وهو ترتعد فرائصه فقال :

سلام على هارون فرد عليه السلام ، 

ثم قال له هارون : ناشدتك بالله هل دعوت في جوف هذه الليلة بدعوات؟ 

فقال : نعم ، 

قال : وما هن؟ 

قال : جددت طهوراً ، وصليت لله عزّ وجلّ أربع ركعات ، ورفعت طرفي إلى السماء وقلت : 

«يا سيدي خلصني من يد هارون وذكره وشرّه» ، وذكر له ما كان من دعائه ، 

فقال هارون قد استجاب الله دعوتك ، يا حاجب أطلق عن هذا ، ثم دعا بخلع فخلع عليه ثلاثاً ، وحمله على فرسه ، وأكرمه وصيَّره نديماً لنفسه، 

ثم قال : هات الكلمات ، فعلَّمه فأطلق عنه ، وسلمه إلى الحاجب ليسلمه إلى الدار ويكون معه ، فصار موسى بن جعفر (عليه السلام) كريماً شريفاً عند هارون ، وكان يدخل عليه في كل خميس ، إلى أن حبسه الثانية ، فلم يطلق عنه حتى سلمه إلى السندي بن شاهك وقتله بالسم) (١) .


إنَّ خوف الإمام الكاظم (عليه السلام) وبكاءه ليسا ـ والعياذ بالله ـ عن ضعف ، إنما ذلك لإظهار الجانب البشري للإمام (عليه السلام) ، ولإظهار المصيبة عند الخلق ، فلولا ذلك لما عرفت مصيبة الإمام (عليه السلام) وبقية الأئمة سلام الله عليهم ، لذا لمَّا تقرأ مصيبة الإمام الحسين (عليه السلام) تجده يشرف على الموت عند رؤية مصيبة ولده علي الأكبر (عليه السلام) ، وكذا يبكي على أخيه أبي الفضل العباس (عليه السلام) ، ومن قتل من أهل بيته وأصحابه ، ومن تتبع سيرة أهل البيت (عليه السلام) يجد هذا الأمر واضحاً جلياً ، لإظهار المصيبة للخلق ، وإلا لما تعرف مصائب أهل البيت (عليه السلام) ، فالنبي ، وهو أفضل الخلائق وسيد الرسل (صلى الله عليه وآله وسلم) ، بكى لوفاة ابنه إبراهيم (عليه السلام) والمصائب التي ستحلّ بأهل بيته وبذرّيّته من بعده .