خادم الشريعة الغراء آية الله المعظم المجاهد
الحاج ميرزا عبدالرسول الحائري الإحقاقي قدس سره
أهدنا الصراط المستقيم
بسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيم
الحمد لله رب العالمين وأفضل وأزكى السلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة على أعدائهم ومنكري فضائلهم من الآن إلى قيام يوم الدين آمين رب العالمين .
إن العبد في جميع أموره وفي كل حالاته يحتاج إلى الإمدادات الغيبية والهداية الربانية لحظة بلحظة ، أي أنه يحتاج في كل لحظات حياته إلى الرعاية الإلهية وبشكل متجدد ودائم .
فعلى سبيل المثال ، لا يكفي للإنسان سلامة جسمه فقط ، بل المهم إدامة السلامة ، وذلك يستلزم توفير الرعاية الدائمة والمستمرة للشخص السليم كسلامة البيئة ، والتنفس والتغذية الصحيحين وحفظ النظافة ، والابتعاد عن (الميكروبات) ، ومئات بل آلاف الأسباب الأخرى التي يحتاجها الإنسان السليم في كل لحظة وساعة ويوم وشهر وسنة من مدة حياته ، فلو فقد أو ضعف أحد العوامل أو أكثرها فستهجم الأمراض الخطرة بل الموت على ذلك الإنسان السليم .
وعلى هذا نقيس سلامة الدين والإيمان ، حيث أن المهم فيهما أدامتهما، فإذا قطع التوفيق لحظة واحدة عن الإنسان فانه سيقع في واد خال من الإيمان وهو وادي الهلاك والموت الحقيقي وذلك لوجود العوامل الكثيرة جدا والخطرة في محاربة الدين على أيدي أبالسة الناس وشياطين الأنس والجن ، والتي هي أخطر من (الميكروبات) المسببة للأمراض الظاهرية بمراتب كثيرة ، والتي تعترض المؤمن والسالك في الصراط المستقيم ، لتزل قدمه ، نعوذ بالله من سوء العاقبة .
ان عوامل واسباب الأمراض الروحية هي أكثر بكثير من عوامل الأمراض الجسدية ، وغالبا ما تجد هذه الأمراض في داخل الإنسان نفسه مأوى لها مغتنمة الفرص لتهجم وتدمر دينه وإيمانه ، كحب الذات والشهوة والشهرة ، فكلها ومئات العوامل الأخرى من نظائرها هي ضد عبادة الله وتوحيده ، والإنسان كما ذكرنا معرض في كل لحظة للهجوم من أحد أو جميع هذه العوامل ، ولو لم يكن هناك عدو لأيماننا غير (النفس الأمارة بالسوء) لكان هذا العدو كافيا لأبادته .
إذا فأهم وأثمن نعمة علينا أن نطلبها من الله عز وجل مع كل نفس نتنفسه هي إدامة الهداية والاستقامة في السير على الصراط المستقيم ، ولذا يقول سيد الموحدين أمير المؤمنين علي عليه السلام - في الحديث : «أدم توفيقك الذي به أطعناك ... » إلى آخر الحديث .
يعنى : اللهم أدم لنا توفيقك في الطاعة ونحن عبادك الضعفاء كي نبقى في الطريق الى آخر عمرنا بسلامة ظاهرية وباطنية ، وجسمية وروحية ، ولا نكون كالذين يسلب منهم التوفيق فجأة بعد سنين عديدة من العبادة والطاعة والهداية ، وذلك على أثر الغرور أو العصبية ، أو اللامبالاة أو الغفلة ، أو الرغبة بالشهوة والشهرة ، فينحرفون عن الصراط المستقيم ، ويتيهون في وادي الظلام ، ويسقطون في وادي الضلال .