خادم الشريعة الغراء آية الله المعظم المجاهد
الحاج ميرزا عبدالرسول الحائري الإحقاقي قدس سره
حق فاطمة (ع) حق الله
بسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الانبياء والمرسلين حبيب قلوبنا وطبيب نفوسنا ابي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين الى قيام يوم الدين آمين رب العالمين.
باسمك المقدس يا واهبة الوجود ، أزين الصفحة الأولى من فجرنا الصادق ، وقد شدني ذكرك الجميل المحبوب على قلوبنا وعلى سلوكنا الى طريق الحق والحقيقة في أتم النشاط .
ها هو جمالك الفتان الذي ملأ الخافقين وسخر أرواح العالمين بقوة جاذبية إعجازية ، وهاهو حسنك الأخاذ الذي ضمن الوجود بتجليه الوديع.
إن فؤادي ينظر إلى آثارك وتجلياتك بعين البصيرة ، وقلبي يسمع نغمك الربوبي في كل آن .
يا من فطم العارفون عن معرفتك وأزهر الكون بأنوارك ، يا بضعة الرسول ويا حبيبة قلبه ويا أم أبيها ماذا أقول في حقك لقد عجزت الألسن عن وصفك وجفت الأقلام عن كنه معرفتك .
يا سيدتنا ومولاتنا أيتها الزهراء والصديقة الكبرى التي على معرفتها دارت القرون الأولى.
أمر الله تعالى بالمحافظة على مودتها كما أمر بإعطائها فدكا ، وهي البضعة الطاهرة التي أمرنا بحبها ومودتها ، ورضى الله في رضاها ، ومن أحبها فقد أحب الرسول الذي حبه حب الله تعالى ، ومن أبغضها وآذاها فقد أبغض النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأذاه الذي بغضه وإيذائه بغض الله تعالى وإيذاؤه .
فطالما أوصى (ص) بحفظها وإكرامها واحترامها سيما بعد غروب شمس النبوة .
ولكن أمة السوء نسوا جميع ذلك وأسرعوا إلى إضاعتها وظلمها وهتك حرمتها واذيتها وغصبها حقها ، ونسوا الكلمة المعروفة (يحفظ المرء في ولده) وقاست أشد المصائب والمحن حتى قالت (سلام الله عليها ) :
صبت علي مصائب لو أنها
صبت على الأيام صرن لياليا
فتبا لهم وسحقا وويلهم ، أما عرفوا أنها :
بنت من أم من حليلة من
ويل لمن سن ظلمها وأذاها
وهل تبين ظلم القوم إلا بمقامها ؟
وهل تحقق غضب الله عليهم إلا بغضبها وعدم رضاها ، لأن من أغضبها فقد أغضب الله ورضاه في رضاها ، وهل ثبت أصل شجرة الولاية أو تنشبت عروقها إلا بصبرها وإنشائها لتلك الخطبة الغراء بين حشد من المهاجرين والأنصار ؟
وهل خفي على أحد حقيقتها وصدق دعواها وصحة مقالتها أو تنكر مظلوميتها وغصب نحلتها علنا على رؤوس الأشهاد ؟
وأيم الله لقد أحكمت حكمتها وكملت سياستها بما أوصت بدفنها ليلا سرا ، فقد ميزت بهذا المؤالف عن المخالف وأسفرت عن الحق تمام الاسفار فهناك ارتطموا في الفضيحة والعار ارتطاما وايقنوا أن غضب الله كان لهم لزاما .
سيدتي : لقد دنس هؤلاء المنافقون ، ذوو الأحقاد والأطماع والحسد ، الجمال الطبيعي والحسن الأصيل المنبعث من تلك الأنوار الزاهرة ، بغصبهم الخلافة من صاحب الولاية الإلهية .
فأستدلوا في سقيفتهم البراهين الماكرة والخادعة حججا واهية أضلتهم وأعمتهم عن الحقيقة الواضحة .
فيا أيها الغاصبون الذين قصرتم هممكم على الظلم والطغيان ، ورحتم تنتظرون النتيجة .
متى قويتم على النظر إلى بضعة الرسول وحبيبته .
وأنى لكم بمشاهدة أشعة أنوارها التي أضاءت لها كل شيء ؟!.
كيف يمكن للجمال الطاهر أن ينظر إليه بعين غير طاهرة أو تمد يد الغدر على وجه طالما رفع الحزن والكرب عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وأنى يتسنى الوصول إلى ذلك النور المشع .
ان معرفة الزهراء التي غمرت العالم بأنوارها لا تفتقر إلى دليل وبرهان ، وأنتم ترون ببرهانكم المصنوع بيدكم الفكرى وخيالكم ، بأنكم تملكون الدليل الذي هو نتيجة مجموعة أوهامكم .
إن تصديق فاطمة عليها السلام هو تصديق القرآن ، ولدي العزيز : لم يكن من السهل تكذيب فاطمة الزهراء سلام الله عليها.
لقد أجمع علماء الاسلام السنة منهم والشيعة ، على أن فاطمة الزهراء سلام الله عليها ، هي أحد أفراد ومصاديق (أهل البيت) في هذه الآية المباركة ، حيث حباها الله بالطهر ، ووقاها شر الأرجاس .
ومن جملتها رجس الكذب ، والإفتراء ، والحرص ، وعبادة الأهواء .
فالإدعاء الذي لا محل له يكمن في تحرك هذه الصفات السيئة القذرة .
وفعلا فإن من ينسب واحدة من هذه الصفات إلى بضعة نبي الإسلام الطاهرة ، ويكذب مليكة يوم الحشر في دعواها ، فإنه يكذب الإله جل وعلا ، ومن يكذب الله فهو ملحد وكافر ...
فکسروى لم يأبه بالكفر والنفاق ، لكن هذه اللامبالاة ستكون العاقبة لافتضاحه .
وعلاوة على هذا ، إن لم يكن الحق في هذه المسألة بجانب فاطمة ، ولم يكن النبي (ص) قد أعطى (فدكا) لحبيبته ، إذن لماذا صار الخليفة الأول ، وطبقا لرواية أبن عبد ربه ليتاوه من ألم خطيئته ، وراح يعرب عن ندمه ؟
ويقول ليتني أعطيت (فدكا) إلى فاطمة ولم أحرمها منها .
والخليفة الثاني أيضا ، أعاد (فدكا) إلى الإمام علي لكنه أبى وقال . في حالة حرمان صاحبة الحق (أي الزهراء) من حقوقها المشروعة الثابتة ، فمع افتقادي إياها فإني لا أقبل بفدك .
نقلا عن المحاكمة والتشريح في تاريخ آل محمد (ص) الصفحة ١١٣) .