الكتاب الناطق أمير المؤمنين (ع)

خادم الشريعة الغراء آية الله المعظم المجاهد 

الحاج ميرزا عبدالرسول الحائري الإحقاقي قدس سره


الكتاب الناطق أمير المؤمنين (ع)


بسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيم


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الانبياء والمرسلين حبيب قلوبنا وطبيب نفوسنا ابي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين الى قيام يوم الدين آمين رب العالمين .


إحصاء فضائل هذا الكتاب الناطق ، وتعداد مناقبه ، والوصول إلى مقامه الشامخ يتجاوز مقدرة الإنسان !! 


لم يعرفه غير الله العليم ، ورسوله الكريم كما قال صلى الله عليه وآله وسلم : «يا على ما عرفك إلا الله وأنا»


ولقد قال بنفسه عليه الصلاة والسلام : «ظاهري إمامة ، وباطني غيب منيع لا يدرك»


وتكفي هاتان الكلمتان في بيان اللاتناهي في مقامه الشامخ عليه السلام


وبصورة عامة ، فلسان كل متكلم يكل عن وصفه ، وقلم كل كاتب يعجز عن الوصول إلى كنهه


وكل ما يقال عن الآية الكبرى والنبأ العظيم ، فإنما هو قطرة من المحيطات ، وذرة شعاع نور في مقابل شمس الشموس .


كل ما يُذكر من عظمة فليس مبالغة وغلوا بل هو إقلال من شأنه وحط لعظمة صانعه ، إذ يقول في كتابه الكريم

{وَ إِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} .


وكذلك يقول أمير المؤمنين عليه السلام : «سلوني قبل أن تفقدوني» .


فكلامه هذا يدل على إحاطته بنواميس العالم الأكبر ، وتعمقه في عالم التكوين والنشأة


ويتضح من تفسير قوله تعالى : {قُلْ كَفى بِاللَّـهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ} .


إن جميع الحقائق والدقائق ، وتفسير الكتاب الصامت )القرآن الكريم) وتأويله ، وظاهره وباطنه عنده


يفهم من ذلك أنه تعلم رموز الكتاب المعجز في جامعة الجبروت .


إذا فكل ما في الكتاب التكويني والتدويني ، مدون في صدر هذا الكتاب الأنفسي ، الذي هو وعاء للعلم والإحاطة!!.


ما عسى أن يقول القائل في نطقه وبصره وسمعه ، وهو لسان الله الناطق ، وعين الله الناظرة ، وأذن الله الواعية!!.


ماذا أقول في يقينه وإيمانه وهو القائل : «والله لو كشف لي الغطاء ما ازددت يقينا» .


وحيث كان مصدر الأخلاق الفاضلة والسجايا الكريمة ، مظهر الصفات الربوبية ، فكل ما قيل في عدله وكرمه ، وشجاعته ، ورحمته وعطفه ، لا يعد شيئا في الواقع .


نستنتج من ذلك : أن كل ما تواتر عنه من المعاجز والكرامات ، وعجائب الأقوال وغرائب الأفعال ، وما ظهر عنه فهو من آثار إمامته الظاهرية ، المنسجمة مع فهم وشعور ما سِوى اللهوإلاّ فإن أشعة حقيقة هذه الحجة البالغة لله تعالى ، وأنوار الجبروت لهذا الولي الخالص للرب ، الذي كان قلبه وعاء للمشيئة الإلهية أعظم وأسمى من أن ينالها حتى الأنبياء والأولياء


يقول سلام الله عليه في ذلك : «نحن صنايع ربنا ، والخلق بعد صنايع لنا» ..... أجل


فأنى لسماء العقول أن تتحمل إشعاع شمس الولاية ؟!!!. 


وأنى لأفق بني البشر أن يقوى على اجتذاب أنوار الإمامة؟!!!. 


فمقام ذلك أقصر ، ومجال هذا أضيق من هذا الرحب الفسيح


وتنزهت ذات البارئ الخالق المصور المهيمن ، الذي خلق الحقيقة التي لا ند لها ولا شبيه .


سبحان ربي العظيم وبحمده !!!