خصائص الإمام الحسين (ع)

خادم الشريعة الغراء آية الله المعظم المجاهد 

الحاج ميرزا عبدالرسول الحائري الإحقاقي قدس سره


خصائص الإمام الحسين (ع)


بسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيم


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الانبياء والمرسلين حبيب قلوبنا وطبيب نفوسنا ابي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين الى قيام يوم الدين آمين رب العالمين .


فلما خضع الحسين عليه السلام لله ، ظهر خضوعه وانكساره في كل العالم ، فكان كل خضوع من فاضل خضوعه ، وكل خشوع بتبعية خشوعه ، بل خضوعه له عليه السلام


فأحبه الله حيث بلغ غاية مرتبة العبودية ، وتوجه إليه بكل حقيقة في الظاهر والباطن ، والحقيقة والمجاز ، والذاتيات والعرضيات ، فأكرمه الله تعالى وحباه واجتباه وفضله على غيره بالأمور النسبية


فصار أشرف الخلق جداً ووالداً وأماً وأخاً وولداً ، ولم يحظ بذلك الاجتماع أحد من المخلوقين سواه - روحي فداه .


ثم لما كان هو المظهر للدين الحق ، وهو القول الفصل (الفاصل بين الحق والباطل) وجب أن يكون الأئمة عليهم السلام  (الذين هم حدود الولاية التفصيلية) من صلبه ومن نسله ومن ذريته ، حتى تتم له الأمور المعنوية الإلهية ، التي كل منها كاف ومستقل في الشرافة له عليه السلام .


لذا خصه الله عز وجل بما خص به نفسه المقدسة في الأماكن المنسوبة إليه تعالى وفي المكان المنسوب إليه ، ولذا خُيِّرَ َالمسافر في القصر والإتمام في الحائر الحسيني المقدس


تشريفا وتعظيما ، كما خُيِّرَ فيهما في المساجد الثلاثة ، وليس هذا الحكم للنبي وسائر الأئمة عليهم السلام


ثم نسب أرض كربلاء إليه عليه السلام ، وليس في الوجود أرض أشرف منها ، وقد قال مولانا الصادق عليه السلام : «إن الله خلق أرض كربلاء قبل خلق الخلق باثنين وعشرين ألف عام ، وإن الكعبة افتخرت على أرض كربلاء ، فأوحى الله إليها ، أن اسكني فلولا أرض كربلاء لما حلقتك [إلى أن قال عز وجل] كوني خاضعة ذليلة لأرض كربلاء»


ونسب إليه ماء الفرات الذي افتخر زمزم عليه ، فأجرى الله فيه عين من الصبر عقوبة له . ويجرى ميزابان من الجنة في الفرات . وليس هذا الماء من مياه الدنيا


ثم استحب السجدة على أرض كربلاء ، كرامة للحسين عليه السلام ، واخذ السبحة من تلك التربة المقدسة المطهرة ، وجعلها مع الميت ، وليس هذا لأحد من المخلوقين ، ولا لأرض من الأراضي


ثم جعل فيها الشفاء ، مع أنه تعالى جعل الطين كله حراما إلا التربة الحسينية ، فإن أكلها شفاء من كل داء ، وحملها أمان من كل خوف ، لأنها ذكر الله واسمه (يا من أسمه دواء ، وذكره شفاء) .


ولم ينل بهذه الفضائل غيره عليه السلام ، وفي هذا أسرار عجيبة غريبة ، يضيق صدري بإظهارها ، ولا يضيق بكتمانها


ثم أنه تعالى جعل جميع الأيام التي ظهر فيها ، سر من أسرار الربوبية ، أو ليلة من ليالي كذلك منسوبة إليه عليه السلام لا غيره من الأئمة عليهم السلام ، ولذا استحب في زيارته عليه السلام كليالي القدر، وليلة النصف من شعبان ، وأول ليلة من شهر رمضان وآخره ، وليالي العيد ، وليلة عرفة ويومها ، وأيام العيد ، وأول رجب وغيرها من الأيام ، زائدا من الأيام المنسوبة إليه عليه السلام كيوم عاشوراء ، ويوم الأربعين وغيرهما


وفي هذه الأوقات كلها يزار الحسين عليه السلام لبيان أنها منه وإليه


والحاصل أنه (تعالى) خصه بنفسه لتحمل هذه المصيبة العظمى والداهية الكبرى ، وجعل له ما جعل لنفسه ، وأحتم على نفسه إجابة الدعاء عند اللواذ به عليه السلام البتة ، وهو ما ورد ، من أن الإجابة تحت قبته .


وهي قبة الخشوع والخضوع ، والتذلل والانكسار لله سبحانه وتعالى ، فان ذلك أصله وينبوعه الحسين عليه السلام فلا يستجاب دعاء أبدا [في شرق الأرض وغربها] إلا تحت قبته الشريفة المقدسة ، وإن كان عند قبر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وسائر الأئمة عليهم السلام ، لأ ن الخضوع التام الظاهر في الكائنات إنما كان به عليه السلام خاصة


ولذا كان عليه السلام صاحب الشفاعة الكبرى يوم القيامة ، وقد سمعت حديثا : في أن الأمة المرحومة [يوم القيامة] ألف صف ، تسعمائة وتسعة وتسعون صفا منهم يدخلون الجنة بشفاعة الحسين عليه السلام

وصف واحد يدخلون الجنة بشفاعة سائر الأئمة عليهم السلام


لأن شرط دخول الجنة العبودية ، المستلزمة للخضوع والخشوع ، وولاية أهل البيت عليهم السلام ، فإذا نقصوا شيئاً من أحكام العبودية وأطوارها وأحوالها البالغ إلى الحد المذكور في الحديث ، كان الحسين عليه السلام متمما لها ، بفاضل خضوعه الظاهر المحيط بالكائنات كلها


وأما في الولاية فيشتركون (سلام الله عليهم) فيها ، فافهم .