الصلاة الوسطى

خادم الشريعة الغراء آية الله المعظم المجاهد 

الحاج ميرزا عبدالرسول الحائري الإحقاقي قدس سره


الصلاة الوسطى 


بسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيم


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين حبيب قلوبنا وطبيب نفوسنا أبي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين آمين رب العالمين .


قال الله تعالى : {حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَ الصَّلاةِ الْوُسْطى}


وأما في التأويل والباطن فالصلاة عبارة عن ولاية الله التي مظهرها أمير المؤمنين عليه السلام كما هو منطوق الأخبار والتفاسير، 

كما ورد عنهم (عليهم السلام) : «نحن الصلاة والزكاة» ، 


وقال تعالى : {وَ اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاةِ وَ إِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخاشِعِينَ} ، 


فالصبر كما في الخبر هو رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فإنه تحمل كلفة التبليغ وصبر على أذى قومه حتى قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : «ما أوذي نبي مثل ما أوذيت» ، 


وذلك لأن الأذايا الواردة على عترته وذريته (عليهم السلام) واردة عليه لأنهم (عليهم السلام) بضعته وأغصانه (صلى الله عليه وآله وسلم) ، بل الأذايا الواردة على الأنبياء والمرسلين واردة عليه أيضا (صلى الله عليه وآله) لأنهم مخلوقون من نوره ومتصلون به اتصال الشعاع بالشمس واتصال النور بالمنير .


والصلاة مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) ، وهي الكبيرة إلا على الخاشعين ، 


والخاشعين هم الشيعة المؤمنون ، وهم المعنيون في قوله تعالى : {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ، الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ} 


فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : «قد أفلحوا بك وبولايتك يا أبا الحسن» ، 


وفي قوله سبحانه : {إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ} فالصلاة هو سلام الله عليه والفحشاء والمنكر أعدائه ، كما في بعض الروايات نص على ذلك وفي بعض الروايات كلما في القرآن من الفحشاء والمنكر والبغي والخمر والميسر والأصنام والأزلام وغير ذلك فهي في أعدائنا ، وعلى هذا فقس . 


وهذه الصلاة الظاهرية هي حدود ولايته ، فحفظها عبارة عن الإقرار بها لسانا وقلبا والاقتداء ظاهرا وباطنا قولاً وعملاً والدخول في كل ما يرضيه والتجنب عن كل ما لا يرضيه ، وحكاية أوصافه وأخلاقه في الأعضاء والقلب والجوارح والتبري من أعدائه في اللسان والجنان والأركان والتجنب عن أوصافهم وأخلاقهم السيئة وعن كل شر وسوء ومنكر لأنهم [أي أعدائهم] أصل كل شر وفرعه ومنشأه ومبتدأه ومنتهاه ، كما أن كل خير فمحمد وآله (عليهم السلام) أصله وفرعه ومعدنه ومأواه ومنتهاه ، فإياك أن تتصف بالخلق السيئ وبالعمل الباطل فإن ذلك من فروع أعدائهم ورشحهم .


فصلاة الظهر فهي في التأويل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، والعصر مولانا أمير المؤمنين عليه السلام ، وكانتا هما في الأصل ركعتين كبقية الفرائض ، فزاد (صلى الله عليه وآله وسلم) في الظهر الركعتين الأخيرتين كرامة لنفسه (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وزاد في العصر أيضا الركعتين الأخيرتين كرامة لأخيه ووصيه وابن عمه (عليه السلام) . 


وأما صلاة العشاء ففي التأويل هي سبط المصطفى ابن المرتضى ابو محمد الحسن المجتبى (ع) . 


وأما صلاة الفجر ففي التأويل هي إمامنا الحسين (ع) المعنى في قوله تعالى: {إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً} .


وأما صلاة المغرب هي الوسطى الذي أمرنا بحفظها أن الزهراء سلام الله عليها صارت هي الوسطى والقلب في حديث الكساء وعطف عليها أبوها وبعلها وبنوها ، وهي الأصل في آية القربي في قوله : {قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى} 


فأمر الله تعالى بالمحافظة على مودتها كما أمر بإعطائها حقها في قوله عز من قائل: {وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ}


فأعطاها فدكا ، وهي البضعة الطاهرة التي أمرنا بحبها ومودتها ، ورضى الله في رضاها ، ومن احبها فقد أحب الرسول الذي حبه حب الله تعالى ، ومن أبغضها وأذاها فقد أبغض النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأذاه الذي بغضه وإذائه بغض الله تعالى وإيذاؤه .


فطالما أوصى (صلى الله عليه وآله وسلم) بحفظها وإكرامها واحترامها سيما بعد غروب شمس النبوة ، وغروب الشمس أول وقت صلاة المغرب ووقتها مضيق يجب المبادرة إلى حفظها وأدائها ، فطابق الظاهر التأويل في الإشارة والتلويح بل الدليل على المسارعة إلى إكرامها والبدار إلى احترامها وتعظيمها وتبجيلها ، وأمة السوء نسوا جميع ذلك وأسرعوا إلى إضاعتها وظلمها وهتك حرمتها وأذيتها وغصبها حقها ، ونسوا الكلمة المعروفة (يحفظ المرء في ولده) وقاست أشد المصائب والمحن حتى قالت (سلام الله عليها) : 


صبت علي مصائب لو أنها 

صبت على الأيام صرن لياليا 


فتبا لهم وسحقا وويلهم ، أما عرفوا أنها : 


بنت من أم من حليلة من 

ويل لمن سن ظلمها وأذاها


وأيم الله لقد أحكمت حكمتها وكملت سياستها بما أوصت بدفنها ليلا سرا ، فقد ميزت بهذا المؤالف عن المخالف وأسفرت عن الحق تمام الأسفار ، فهنالك ارتطموا في الفضيحة والعار ارتطاما وأيقنوا أن غضب الله كان لهم لزاما .