خطبة الحكيم الإلهي الميرزا عبدالله الحائري الإحقاقي
٦ جمادي الآخر ١٤٣٩هـ
الحب الحقيقي
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين
السَّلامُ عَلى أئِمَّةِ الهُدى وَمَصابِيحِ الدُّجى وَأعلامِ التُّقى وَذَوي النُّهى وَأُولي الحِجى وَكَهفِ الوَرى وَوَرَثَةِ الأنبياءِ وَالمَثَلِ الأعلى وَالدَّعوَةِ الحُسنى وَحُجَجِ اللهِ عَلى أهلِ الدُّنيا وَالآخِرةِ وَالاُولى وَرَحمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ .
أيها المكرمون ، وأيتها المكرمات ، مشايخنا العظام ، شبابنا الأعزاء ، ضيوفنا المحترمون ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
قال تبارك وتعالى في محكم كتابه : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، بسم الله الرحمن الرحيم {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ، قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَ الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ} صدق الله العلي العظيم (سورة آل عمران:٣١-٣٢) .
لهاتين الآيتين روايتان في سبب نزولهما ، إحداهما في تفسير مجمع البيان والأخرى في تفسير المنار :
- الأولى تقول : إدعى جمع من الحاظرين في مجلس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إنهم يحبون الله مع أن العمل بتعاليم الله كان أقل ظهوراً في أعمالهم ، فنزلت هاتان الآيتين بشأنهم .
- وتقول الأخرى : حظر فريق من مسيح نجران مجلس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وزعموا في حديثهم أن مبالغتهم في تقديس المسيح إنما ينبثق من حبهم لله فنزلت الآيتين .
أعزائي ماهو الحب الحقيقي ؟؟
تقول الآية الأولى إن الحب ليس بالعلاقة القلبية فحسب ، بل يجب أن تظهر آثاره في عمل الإنسان ، إن من يدعي حب الله فعليه أولا إتباع رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، «إن كنتم تحبون الله فاتَّبعوني» .
في الواقع إن من آثار الحب الطبيعية إنجذاب المحب نحو المحبوب والإستجابه له ، صحيح أن هناك حباً ضعيفاً لا تتجاوز أشعته جدران القلب ، إلا أن هذا من التفاهة بحيث لا يمكن إعتباره حباً ، لا شك أن للحب الحقيقي آثاراً عملية تربط المحب بالحبيب وتدفعه للسعي في تحقيق طلباته ، والدليل على ذلك واضح ، فحب المرء شيئاً لا بد أن يكون بسبب عثوره على أحد الكمالات فيه ، ولا يمكن أن يحب الإنسان مخلوقاً ليس فيه شيء من قوة الجذب ، وعليه فإن حب الإنسان لله ناشئ من كونه منبع جميع الكمالات وأصلها .
إن محبوباً هذا شأنهُ لا بد أن تكون أوامره كاملة أيضا ، فكيف يمكن لإنسان يعشق الكمال المطلق أن يعصي أوامر الحبيب وتعاليمه؟؟
فإن عصى فذلك دليل أن حبه غير حقيقي .
أعزائي هذه الآية لا تقتصر في ردها على مسيح نجران والذين إدَّعوا حب الله على أهل رسول الله صلى الله عليه وآله ، بل هذا أصيل وعام في منطق الإسلام ، موجَّه إلى جميع العصور والقرون ، إن الذين لا يفتأون ليلاً نهاراً يتحدثون عن حبهم لله ولأئمة الإسلام وللمجاهدين في سبيل الله وللصالحين والأخيار ولكنهم لا يشبهون أولائك في العمل هم كاذبون .
جاء في معاني الأخبار عن الإمام الصادق (ع) أنه قال : «ما أحب الله من عصاه» .
ثم قرأ الأبيات فقال :
تعصي الإله وأنت تُظهر حبهُ
هذا لعمري في الفعال بديع
لو كان حبك صادقا لأطعته
إن المحبَ لمن يحبُ مطيعُ
فيجب علينا أن نقاوم عند مواجهة الحوادث في مسير طاعتنا لله ونتجنب المعاصي ، وعند إبتلائنا بالشدائد الفردية والإجتماعية [ونعمل وفقاً للشرع] (كررها ثلاثاً) .
أيها المؤمن جريمة الجاني تتطلب أساساً دينياً ، وتحتاج إلى تشخيص دقيق من جانب حاكم الشرع ، فلذلك لا ينبغي الإساءة إلى شخص قبل إثبات جريمته .
هل المراعاة لحرمة الآخرين واجب علينا أم لا ؟؟
هل الإشاعة للفواحش حرام أم لا ؟؟
مع الأسف الشديد في القضية المعلنة التي واجهت الأحساء الحبيب ، قام البعض بما لا ينبغي القيام به ، دمروا شرف المجتمع وضربوا الإسلام والتشيع ضرباً ، وا حيرتااه .
ولكن والحمدلله في كل مرة تتعرض هذه المدرسة الأوحدية الولائية لهذه المحن والصعاب ، فنتوجه بأنظارنا إلى مقام قطب الوجود وملاذ العالم سيدنا ومولانا الإمام الحجة المنتظر ، أرواحنا فداه ، ونتعلق بأذيال كرمه وعنايته المباركة ، فتنكشف هذه المحن ويرتفع هذا البلاء ببركة عنايته ، أرواحنا فداه ، وببركة دعاء المؤمنين وصلواتهم .
وعليه أدعو جماتنا إلى الوحده والتكاتف ونبذ الفرقة والتشاؤم ومراعاة رضا الله سبحانه ورضا أوليائه صلوات الله عليهم أجمعين وترك القيل والقال .
وبناءاً على ذلك فإن إدارة الأمور بيد وكيلنا الشيخ الفاضل عبدالجليل علي الأمير وسأعين لجنة مكونة من بعض المشائخ الكرام في إدارة أمور الجماعة في المملكة العربية السعودية وتيسير الأمور بما فيه مصلحة الدين والمذهب ومصلحة المؤمنين والحفاظ على وحدتهم وعزتهم بعون الله .
في الخاتمة نذكر علماؤنا الماضين الذين جاهدوا في سبيل المعصومين ، خاصةً شيخنا الأوحد المظلوم أحمد بن زين الدين الأحسائي ، والسيد الأمجد ، والميرزا حسن الگوهر ، وعمي الأكبر آية الله المعظم الميرزا علي الحائري الإحقاقي ، وجدي الإمام المصلح والعبد الصالح آية الله المعظم الميرزا حسن الحائري الإحقاقي ، ووالدي المجاهد آية الله المعظم الميرزا عبدالرسول الحائري الإحقاقي .
اللهم صل على محمد وآله الطاهرين وعجل فرجهم ووفقنا لطاعتهم وأبعدنا عن معصيتهم ونور قلوبنا بمعرفتهم وبحبهم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .