إستشهاد السيدة فاطمة الزهراء (ع)



خطبة الحكيم الإلهي الميرزا عبدالله الحائري الإحقاقي 

 ٤ جمادي الآخر ١٤٣٨هـ


إستشهاد السيدة فاطمة الزهراء (ع)


بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ


الحمد لله رب العالمين والصلاة السلام على أشرف الأنبياء والمرسلين حبيب قلوبنا وطبيب نفوسنا البشير النذير والسراج المنير أبي القاسم محمد  وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين المعصومين ، واللعن الدائم على أعدائهم ومخالفيهم وغاصبي حقوقهم ومنكري فضائلهم من الآن إلى قيام يوم الدين أبد الآبدين آمين يا رب العالمين .


عظم الله لك الأجر يا صاحب الزمان (عجل الله فرجه الشريف) في مصاب أمك الزهراء (عليها السلام) .


السلام عليك أيتها المعصومة المظلومة ، السلام عليك أيتها الطاهرة المطهرة ، السلام عليك أيتها المضطهدة المغصوبة ، السلام عليك أيتها الغراء ،  السلام عليك يا قرة عين الرسول ، السلام عليك يا فاطمة بنت محمد رسول الله ورحمة الله وبركاته .


أيها الأخوان ، وأيتها الأخوات ، مشائخنا العظام ، ضيوفنا المحترمون ، شبابنا الأعزاء ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .


يجب على جميع الفرق الإسلامية مع غض النظر عن مذهب دون مذهب ، إقامة مأتم مناسب للزهراء (عليها السلام) لعظمة هذه المصيبة ، وليست هذه القضية تعبدية ، مع غض النظر عن كل مذهب ومسلك ، فمقتضى الإيمان بالله ولخاتم الأنبياء محمد (صل الله عليه وآله) ، وبحكم السنة القطعية إقامة شعائر الله ، فالمناسبة الفاطمية ليست مختصة بالشيعة فحسب ، بل تتعلق بكل من يؤمن بالقرآن و السنة المطهرة . 


إن مقامات الزهراء (عليها السلام) لا تعد ولا تحصى ، مقامها عند الله ، مقامها عند الملائكة ، ومقامها عند الأنبياء والنبي محمد (صل الله عليه وآله وسلم) ، ومقامها عند الأئمة (عليهم السلام) ، ومقامها عند العلماء والمحدثين ، ومقامها يوم القيامة ، ومقامها عند الإنسانية ، ومقاماتها الخاصة .


إن الحديث عن مقامات الصديقة فاطمة الزهراء حديثٌ طويل ، ولا يمكن أن نوجزه في عدد من الخطب .


قال الإمام الحسن العسكري في حق جدته فاطمة عليها السلام : 

«نحنُ حُججُ اللهِ على خلقِه ، وجدّتُنا فاطمة حجّةُ اللهِ علينا» .   


ولكن لا يسقط الميسور بالمعسور ، إن من المقامات التي خصت بها فاطمة الزهراء (عليها السلام) هو مقام الرضا ، أي أن الله يرضا لرضاها و يغضب لغضبها ، حيث جاءت الكثير من الروايات الشريفة المأثورة عن الرسول وأهل بيته (عليهم السلام) لتأكد هذه المنقبة العظيمة للصديقة الشهيدة ، 


وهذا مما يدل على كونها ذا مقام عالي وشريف سامي لها عند الله تعالى ، إذ لا معنى أن يرضا الله لشخص من دون أن يكون له عند الله منزلة وكرامة ، وعلى هذا الأساس تكون فاطمة (عليها السلام) كريمة عند الله تعالى ، لعلوِّ شأنها ومنزلتها عنده لذلك يرضا لرضاها ويغضب لغضبها ، 


كما روي عن النبي (صل الله عليه وآله وسلم) : 

«يا فاطمه إن الله ليغضب لغضبك ويرضى لرضاك» .


وكذلك ما ورد عنه (صل الله عليه وآله وسلم) أنه قال : 

«يا فاطمة أبشري فلك عند الله مقام محمود تشفعين فيه لمحبيك وشيعتك فتشفعين» .    


يقول الباري عز وجل : 

«يا فاطمة ، وعزتي وجلالي وارتفاع مكاني ، لقد آليت على نفسي ، من قبل أن أخلق السماوات والأرض بألفي عام ، أن لا أعذب محبيك ومحبي عترتك بالنار»


لم تكن الزهراء إمرأةٌ عادية ، كانت إمرأة روحانية ، إمرأة ملكوتية ، كانت إنسان بتمام معنى الكلمة ، نسخة إنسانية متكاملة ، إمرأة حقيقة حقيقية كاملة ، بل حقيقة الإنسان الكامل ، لم تكن إمرأةٌ عادية بل هي كائن ملكوتي تجلي في الوجود بصورة إنسان ، بل كائن إلهي جبروتي ظهر على هيئة إمرأة ، فقد إجتمعت في هذه المرأة جميع الخصال الكمالية المتصورة للإنسان وللمرأة .


إنها المرأة التي تتجلى بجميع خصال الأنبياء ، المرأة التي لو كانت رجلاً لكان نبيا ، فمقامها في الواقع برزخٌ بين النبوة والإمامة ، الكائن الذي إجتمعت فيه المعنويات والظاهر الملكوتية والإلهية والجبروتية والملكية والإنسية .


ورد في الحديث القدسي : 

«يا أحمد لولاك لما خلقت الأفلاك ، ولولا عليٌ لما خلقتك ، ولولا فاطمة ما خلقتكما»


فأساس الوجود هي الزهراء (عليها السلام) .


نعم ، الله سبحانه وتعالى غرس في قلب كل موالي محبة محمد وآل محمد (عليهم السلام) ، فمحبتهم (عليهم السلام) أساس الدنيا والبشرية ، والسير على منهاجهم ينجي الموالي من سوء العاقبة والمصير .


قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : 

«إن الله له الحمد عرض حب علي وفاطمة وذريتها على البرية ، فمن بادر منهم بالإجابة جعل منهم الرسل ، ومن أجاب بعد ذلك جعل منهم الشيعة ، وإن الله جمعهم في الجنة» .


فإنهم سلام الله عليهم ضحوا من أجل رفع شأن كل موالي وموالية ، ومن أحب محمد وآل محمد عليهم السلام يجب عليه الصبر على أعداء الولاية .


 قال أمير المؤمنين عليه السلام :

«من أحبنا أهل البيت صُبَّتْ عليه البلايا صباّ» .


فيجب الصبر على البلاء وإنتظار الفرج لظهور الإمام الحجة عجل الله فرجه الشريف وسهل الله مخرجه لإظهار الحق وإزهاق الباطل ، وإبطال الظلم ونشر العدل والدين ،


قال أبو عبدالله الصادق عليه السلام :

«ليس من شيعتنا من قال بلسانه وخالفنا في أعمالنا وآثارنا ، ولكن شيعتنا من وافقنا بلسانه وقلبه وإتبع آثارنا وعمل بأعمالنا ، أولئك شيعتنا»    .


أجل ، فإن مجرد الإطلاع على الحقائق لا يحقق لنا السعادة ، فثمرة هذا النوع من المعارف ، هو أن نتخلق بالأخلاق الفاضلة وأن نتحلى بقوة الإرادة ونتصف بصفات الحق ، ثم نعتصم بهم ونتمسك به حتى نصل إلى مرتبة اليقين .


في الخاتمة ،

أوصيكم بتقوى الله ،  أوصيكم بتقوى الله ، أوصيكم بتقوى الله والتجنب عن شياطين الإنس والجن ، وأكد وكيلي الأول في الكويت الحبيبة الأخو الفاضل الأمين الشيخ عبدالله نجم المزيدي أبي صادق حفظه الله ، وأيضاً أكد إتباع وكيلي الأول في المملكة العربية السعودية الأخو الفاضل الأمين الشيخ توفيق البوعلي حفظه الله ، لأن كلامهما كلامي ورأيهما رأيي وخطوتهما خطوتي .


ونذكر آباءنا وأجدادنا وأساتذتنا الذين عرّفونا الولاية ، ولاية مولانا أمير المؤمنين عليه السلام ، ولامتداد الولاية ، ووجود ذرية أمير المؤمنين (عليه السلام) من وجود حامل لتلك الأنوار العلوية الولائية ، وهي الزهراء (سلام الله عليها) ، التي أظهر الوجود بوجودها وأشرقت الأرض بنورها (صلوات الله عليهم أجمعين) . 


منهم الشيخ الأوحد ، أحمد ابن زين الدين الإحسائي ، والسيد الأمجد ، السيد كاظم الرشتي ، والميرزا حسن الگوهر ، وجدي الإمام المصلح والعبد الصالح آية الله المعظم الميرزا حسن الحائري الإحقاقي ، وعمي الأكبر آية الله المعظم الميرزا علي الحائري الإحقاقي ، ووالدي المجاهد آية الله الميرزا عبدالرسول الحائري الإحقاقي ، وسائر علماء مدرستنا ، ونذكر الشهداء السعداء شهداء الصلاة والصيام مفاخر جامع الإمام الصادق (عليه السلام) ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .