وتعاونوا على البر والتقوى



خطبة الحكيم الإلهي الميرزا عبدالله الحائري الإحقاقي 

١٨ شوال ١٤٤٣هـ


وتعاونوا على البر والتقوى


بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ


السَّلامُ عَلَيكُمْ يا أهلَ بَيتِ النُّبُوَّةِ ، وَمَوضِعَ الرِّسالَةِ ، وَمُختَلَفَ المَلائِكَةِ ، وَمَهبِطَ الوَحي ، وَمَعدِنَ الرَّحمَةِ ، وَخُزَّانَ العِلمِ ، وَمُنتَهى الحِلمِ ، وَأُصُولَ الكَرَمِ ، وَقادَةَ الاُمَمِ ، وَأولياءِ النِّعَمِ ، وَعَناصِرَ الأبرارِ ، وَدَعائِمَ الأخيارِ ، وَساسَةَ العِبادِ ، وَأركانَ البِلادِ ، وَأبوابَ الإيمانِ ، وَأُمَناءَ الرَّحمنِ ، وَسُلالَةَ النَّبِيِّينَ ، وَصَفوَةَ المُرسَلِينَ ، وَعِترَةَ خِيرَةِ رَبِّ العالَمِينَ وَرَحمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ .


واللعن الدائم على أعدائهم و مخالفيهم وغاصبي حقوقهم ومنكري فضائلهم و مبغضي شيعتهم من الآن إلى قيام يوم الدين أبد الآبدين آمين يا رب العالمين .


قال الله تبارك وتعالى في محكم كتابه الكريم :

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، بسم الله الرحمن الرحيم {وَ تَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَ التَّقْوى وَ لا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَ الْعُدْوانِ}


أيها المكرمون ، وأيتها المكرمات ، علمائنا الأجلاء ، شبابنا الأعزاء ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . 


أشكر الله تعالى على إتاحة الفرصة لي لرؤية وجوهكم المضيئة مرةً أخرى ، وأنا سعيد جدا لوجودي بينكم ، ومن ناحية أخرى أنا حزين ، أنا حزين لأنني لا أرى بينكم من تلك الشخصيات المحببة والمؤمنة والمخلصة فيما بيننا .


في العامين الماضيين توفى العديد من الأشخاص ذوي القيمة العالية ، الذين حينما كانوا في الخدمة لم يكن هناك أي نقص وخلل ، وعلى رأسهم فقدنا و فقدت جماعتنا المؤمنة والإسلام عالماً عاملاً خادم الدين و المذهب بكل إخلاص و أمانة ، لقد فقدت نعمة من نعم الله عز وجل ، وكيلنا المحترم الفاضل الأمين الشيخ عبدالله نجم المزيدي رحمه الله ، كان ظله علينا كالأب الطيب العطوف ، هيهات أن يأتي الزمان بمثله ، تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته ، وحشره مع أوليائه محمد وآله الطاهرين (ع) .


وبعد انتقاله إلى رحمة الله تعالى ، كان لا بد من تعيين من يقوم مقامه استكمالاً لمسيرة الخير و العطاء لجماعته ، وبعد التفكير و التأمل والإتكال  على الله العلي القدير ، وبرعاية صاحب العصر و الزمان عجل الله فرجه الشريف ، فقد رأينا تكليف سماحة العلامة الفاضل المجاهد الحاج علي محمد الجدي وكيلاً مطلقاً في دولة الكويت ، بإمامة الجماعة وتدريس الأمور الفقهية وإستلام الأخماس وغيرها من الأمور المكلف بها سلفه الراحل الشيخ عبدالله نجم المزيدي رحمه الله ، كما أني أطلب من مشائخنا الأفاضل وجماتنا حفظهم الله ، الإلتفاف حوله والتعاون معه و الأخذ برأيه في أداء رسالته و تحقيق مهامه الكبيره ، داعياً له ولكم التوفيق و السداد برعاية مولانا الحجة النتظر عجل الله تعالى فرجه و أرواحنا له الفداء .


إن الدعوة إلى التعاون التي تؤكد عليها الآية الكريمة التي تلوتها في أول كلامي :

{وَ تَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَ التَّقْوى} 

تعبر عن مبدأ إسلامي عاماً ، تدخل في مداره جميع المجالات الإجتماعية والأخلاقية والدينية وغيرها ، وقد أوجبت هذه الدعوة على المسلمين التعاون في أعمال الخير ، كما منعتهم ونهتهم عن التعاون في أعمال الشر و الإثم و العدوان الذي يدخل في إطاره الظلم و الإستبداد والجور بكل أصنافه .


كان في العصر الجاهلي إذا غزت جماعة من إحدى القبائل جماعة أخرى ، بدأ أفراد القبيلة الغازية مؤازرة الغازين بغض النظر عما إذا كان الغزو عادلاً أو لا ، وهو المبدأ القائل : 

(انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً) 


ونرى على مر التاريخ وفي وقتنا الحاظر أيضاً آثار هذا المبدأ الجاهلي في كل العلاقات ، ومع الأسف الشديد ، حتى في العلاقات الدينية كراراً ومراراً رغم تأكيد الإسلام على تركه ، وتظهر آثار هذا المبدأ الجاهلي في علاقات الحساد من العلماء مع شيخنا الأوحد أعلى الله مقامه الشريف ، وفي الواقع إنما وصلت شهرة الشيخ أحمد ابن زين الدين الإحسائي قدس سره إلى أنحاء البلاد الإسلامية ، لمّا رأى الحساد قوة آراء الشيخ في الفلسفة والحكمة الإسلامية ، و الأهم أنه كان من أتباع الأئمة الأطهار عليهم السلام في الحكمة ، دون الإلتفات إلى فلسفة الشرق و الغرب ، 


فالعلماء الحساد الذين لا يطيقون رؤية الشيخ تعاونوا على الإثم و العدوان ، فبدؤوا يتآمرون عليه ، وقد استخدموا من متشابهات كلامه في كتبه و بدؤوا الهجمة عليه بالتهم وكفروه تكفيراً ، وتبعهم بعض الجهلة من الناس بغض النظر عما إذا كان الغزو عادلاً أو لا .


ولكن بما أن الشمس لا تختبئ دائماً بين الغيوم ، فقد دافع عن الشيخ الأوحد علماءٌ كبار أحرار ، الذين تعاونوا على البر و التقوى من زمن الشيخ إلى زماننا هذا ، كما أنه قد كتب العلماء الأتقياء مئات من التصنيفات القيمة في رد الشبهات والإتهامات الواردة على الشيخ المرحوم ، وقد وضحوا عقائده الحكمية المحكمة بشكلٍ واضح جداً 

 ، وذكروا أن أياً من معتقدات الشيخ الأوحد ليست معادية للدين ، بل تتفق مع أقوال سائر العلماء الآخرين ، فنحن فخورون بأن آباءنا المرحومين كانوا من أولائك الأشخاص الذين دافعوا عن المظلوم فهم تعاونوا على البر و التقوى وفق الآية المباركة ، وعلينا جميعاً أن نعمل بهذا الواجب الديني أعني الدفاع عن هذا الحكيم الإلهي وعن العلماء الذين ينشرون آراءه الصحيحة و تحقيقاته العميقة ويدافعون عنه ويبينون الحقائق بالكتابة و الخطابة وبالفضائيات وسائر الوسائل الحديثة المتداولة في زماننا هذا قربة إلى الله .


في الخاتمة نذكر علماءنا الماضين ، الإمام المصلح والعبد الصالح آية الله المعظم الميرزا حسن الحائري الإحقاقي ، وعمي الأكبر آية الله المعظم الميرزا علي الحائري الإحقاقي ، ووالدي المجاهد المظلوم آية الله المعظم الميرزا عبدالرسول الحائري الإحقاقي ، وشهداء تشييعه وشهداء الصلاة و الصيام و الشيخ عبدالله المزيدي بالصلاة على محمد وآل محمد ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .