خطبة الحكيم الإلهي الميرزا عبدالله الحائري الإحقاقي
٢١ ربيع الأول ١٤٢٧هـ
أساس التوحيد معرفة الله
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين حبيب قلوبنا وطبيب نفوسنا البشير النذير والسراج المنير أبي القاسم محمد ، وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين المعصومين ، ولعنة الله على أعدائهم ومخالفيهم وغاصبي حقوقهم و منكري فضائلهم من الآن إلى قيام يوم الدين أبد الآبدين آمين يا رب العالمين .
قال الله تبارك و تعالى في محكم كتابه ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، بسم الله الرحمن الرحيم {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَ الْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَ يَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ} صدق الله العلي العظيم .
وقال الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) : «نَوَّرَ اللهُ عبداً سمع مقالتي فوعاها و بلَّغها من لم تبلغه ، يا أيها الناس ليبلغ الشاهد الغائب» .
أيها المكرمون ، وأيتها المكرمات ، إخواني الأعزاء القادمون من الأحساء و الدمام و البحرين و سائر البلاد ، علمائنا المحترمين و مشايخنا العظام ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
تشير الآية المباركة التي تلوت و الحديث النبوي الشريف بوجوب إبلاغ المعارف و الأحكام الدينية للآخرين ، لا ريب في أن الإسلام أساسه التوحيد ، و أساس التوحيد معرفة الله ، إذاً معرفة الله أعظم و أهم المعارف ، ولكنه تعالى لا يعرف من جهة ذاته ، «الطريق إليه مسدود و الطلب مردود» ،
نعم ، إن معرفته جلَّ و علا من جهة آثاره و مخلوقاته ، {سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} ، دليله آياته ووجوده إثباته ، فالواجب على الناس كلهم أن يجتهدوا في معرفة ربهم على قدر إمكانهم فإنها الوسيلة الوحيدة في سعادة دنياهم و آخرتهم ، تحصل معرفة الله على قدر معرفة آياته وصفاته ، أعني معرفة شخصٍ في توحيد الله عزَّ و جل في آياته تختلف بدرجات آياته ، و يقيناً أعظم معرفة لله بسبيل أنبيائه و رسله و عباده الصالحين الذين ظهروا بالصورة البشرية التي هي أكبر حجة لله و معرفة رسوله النبي الأعظم محمد إبن عبدالله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته المعصومين مصادر فيضهِ ومظاهر عدلهِ ومرائي جمالهِ ومحالِّ مشيئتهِ وأفعاله أفضل وأعلى وأدق في معرفةِ وجودِ الصانع ، نعم ، مروي عن المعصوم : «بنا عرف الله و بنا عبد الله» .
يا أهل المعرفة ، الآن كيف نتمكن أن نعرف أهل البيت (ع) ، بواسطة الآثار الباقية من علمائنا الأجلاء الذين بذلوا عمرهم الشريف في إيصال مقامات أهل البيت (ع) إلينا من زمانهم إلى زماننا هذا ، و سيستمر هذا العمل الشريف إلى قيام يوم الدين ، فلو لم يكن العلماء لم يكن التوحيد الحقيقي ، «العلماء باقون ما بقيَ الدهر» ، و «العلماء ورثة الأنبياء» ، هم باقون بواسطة آثارهم القيمة التي نشرت طوال حياتهم الطيبة أو بعدها بالكتابة و الخطابة وتعزيز الدين و العقيدة الحق و التقرب إلى الله ، من أبرز هؤلاء العلماء حكيمنا الإلٰهي الخبير و الفيلسوف الإمامي الكبير الشيخ أحمد بن زين الدين الإحسائي ، الذي أفنى عمره الشريف في نشر فضائل و مناقب أهل البيت بطريقٍ عال ، وما قصّر في بيان معاجز و مناقبهم الإلهية في خلال كتبه الثمينه ، يبلغ عددها أكثر من ٢٠٠ مجلد ، وسائر علماء هذه المدرسة الذين إمتازوا بصفاء العقيدة و التمسك بولاية أهل البيت (ع) ولهم خدمات مشهورة في نشر علوم آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وليس لهم ذنب إلا الدفاع عن الحق المبين وتوضيح الحقائق ، {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَ الْهُدى} ، هم يعني علماء هذه المدرسة ما كتموا ما أنزل من البينات و الهدى ، يعني ما كتموا مقامات أهل البيت الشامخة ، ولم يقصّروا في نشر فضائل آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ودفع الشبهات الواردة التي فيها تنقيص عن مقامات ومراتب المعصومين الأربعة عشر (ع) التي رتبهم الله فيها من الولايه الكليه الإلهية على جميع العوالم الكونية و الإمكانية ، وكل المجموعات الشمسية و كونهم عليهم السلام الحجج على كل معترفٍ لله بملكة الربوبية و سلطان العبودية و الإحاطة عليهم بجميع الذرات الوجودية وكونهم الوسائط في الإفاضات الشرعية والكونية إلى غيرها من الفضائل التي منحهم إياها .
وعلينا أن نعمل بهذا الواجب الديني ، يعني الدفاع عن هذا الحكيم العظيم ، وعن الذين ينشرون آرائه الصحيحة وتحقيقاته الجميلة ويدافعون عنه و يبينون الحقائق قربة إلى الله ، بالكتابة والخطابة وبالفضائيات أو بالإنترنت وسائر الآلات الحديثة المتداولة في زماننا هذا .
طبعاً الأعداء والحاسدون والذين لا يتحملون هذا يريدون إلقاء الفتنة و التشتت في آراء أبناء هذه المدرسة ، مع هذا نحمد الله تبارك و تعالى أبناء هذه المدرسة الإعتقادية الأوحدية الرائدة راسخون في سلوكهم ، هم راسخون في سلوكهم كما في السابق ، لأن محبة أهل البيت جارية في عروقهم ، ولا تنفك عنهم هذه المحبة إلى الأبد .
طوبى لكم ، عند المنصفين من العلماء الآن زمان الأوحدية ، كما أشار به المولى المجاهد المظلوم المعظم خادم الشريعة الغراء والدي الحاج الميرزا عبدالرسول الحائري الإحقاقي قبل وفاته .
يا أهل الإيمان قد حمل راية الأوحدية الولائية آباؤنا و مراجعنا الماضين منهم آية الله المعظم الميرزا موسى الحائري الإحقاقي ، وآية الله المعظم الميرزا علي الحائري الإحقاقي ، و الإمام المصلح و العبد الصالح الميرزا حسن الحائري الإحقاقي ، وسائر علماء هذه المدرسة ، وفقدنا في هذا الطريق شهداء حيث استشهد عدد من الكويتيين و الاحسائيين وهم من خير المؤمنين المقلدين للراحل الكبير في أثناء عودة المشيعين من العراق إلى الكويت ، يرحمهم الله جميعاً و يسكنهم فسيح جناته .
ويجب علينا أن نحفظ هذه الراية الولائية الأوحدية حتى نقدمها بيد صاحبها مولانا صاحب العصر و الزمان إمامنا المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف .
وفي الخاتمة أشكر وكيلي الأول العام في الكويت المحبوب معتمدي ورجاي الأخ الأمين الفاضل فضيلة الشيخ عبدالله نجم المزيدي زاد الله في توفيقاته ، وفي منطقة الإحساء وهو فضيلة العلامة الشيخ توفيق البوعلي سلمه الله ، هما مأذونان بالرد على المسائل الشرعية و المسائل الأخرى كإثبات الهلال و القيام ببعض الأمور الخيرية و سائر الأعمال ، و أيضاً سائر وكلائنا في الكويت و الإحساء ، هم مأذونون بإقامة هذه الأعمال بعد أخذ الإجازة من جانب أبو صادق في الكويت ، و الشيخ توفيق البوعلي في الإحساء ، ويلزم أن تكون عندهم جلسة شهرياً للمشاورة ولوحدة الكلمة و المشي في طريق واحد .
إخواني الأعزاء ، أوصيكم بالتقوى و الإتحاد و التجنب من الكبر ، لأن «التقوى دار حصنٍ عزيز و الفجور دار حصن ذليل» ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .