خطبة الحكيم الإلهي الميرزا عبدالله الحائري الإحقاقي
٢١ صفر ١٤٢٩هـ
الصبر و التوسل و الوفاء
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين حبيب قلوبنا وطبيب نفوسنا البشير النذير والسراج المنير أبي القاسم محمد ، وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين اللذين أذهب الله عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا ، واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين من الآن إلى قيام يوم الدين آمين يا رب العالمين .
أيها المكرمون ، وأيتها المكرمات ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
السلام عليك يا أبا عبدالله ، السلام عليك يا بن محمد المصطفى ، السلام عليك يا بن علي المرتضى ، السلام عليك يا بن فاطمة الزهراء ، السلام علي يا أخا الحسن المجتبى ، السلام علي يا بن خديجة الكبرى ، السلام عليك يا أبا الفضل العباس ، السلام عليك يا زينب الكبرى .
نتقدم بجليل العزاء للنبي العظيم وآله الطيبين الطاهرين سيما صاحب العصر و الزمان روحي و أرواحنا له الفداء عجل الله فرجه الشريف ، و للعلماء و الأفاضل بمناسبة ذكرى الأربعين لسبط النبي و أصحابه .
و أيضاً نرفع أحر التعازي في ذكرى وفاة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وذكرى شهادة السبط الإمام الحسن المجتبى ، وذكرى شهادة ثامن الحجج مولانا و مولى الكونين علي بن موسى الرضى ، سلام الله عليهم أجمعين .
ورد عن الإمام جعفر الصادق (ع) قوله : «إن السماء بكت على الحسين (ع) أربعين صباحاً بالدم ، و إن الأرض بكت عليه أربعين صباحاً بالسواد ، و إن الشمس بكت عليه أربعين صباحاً بالكسوف و الحمرة ، و إن الملائكة بكت عليه أربعين صباحاً» ،
وقد زار الصحابي الجليل جابر بن عبدالله الأنصاري الإمام الحسين في الأربعين ، مشى حافياً حتى وقف عند رأس الحسين (ع) و كبَّر ثلاثاً ثم خرَّ مغشياً عليه ، فلما أفاق قال : «السلام عليكم يا آل الله» .
بلى ، إن البكاء على مصاب الحسين (ع) أفضل الطاعات و الأعمال و القربات ، يجلب الرزق ، يشرح الصدر ، و ينور القلب ، (نورو مجلسنا بالصلوات على محمد وآل محمد) .
عن إمامنا الباقر (ع) في ظمن وصاياه لجابر عندما يقول : «واعلم يا جابر بأنك لا تكون لنا ولياً ، حتى لو اجتمع أهل مصرك وقالوا إنك رجلٌ سوء لم يحزنك ، ولو قالوا إنك رجل صالح لم يسرك ، ولكن اعرض نفسك إلى كتاب الله ، و إن كنت سالكً سبيلهُ ، زاهداً في تزهيدهِ ، راغبا في تزغيبهِ ، خائفاً في تخويفهِ ، فاثبت و أبشر» .
لمّا طواغيتُ الزمان قاتلوا آل بيت الرسول و أصحابهم وغلبوا عليهم ، طووا بساط الإسلام بما فيه ظاهراً ، و كللوا بالنجاح ، زعموا أن يتمكنون إسقاط الإسلام بالكل ، ولكن كانوا في الخطأ لأنه كان في قتل الحسين (ع) نصرة دين محمد و إحياء أمره و حفظ ناموسه ، سيد الشهداء إنصرف عن حقه لإثبات الحق ، و قتل في سبيل الله لنجاة الإنسان من التهلكة ، هناك ما يدعوا إلى التأمل من يوم عاشوراء إلى زماننا هذا ، بل على كَرْ الدهور تكرر هذا الأمر مراراً و تكرارا ، أعني الباطل يتغلب على الحق في بعض الأحيان ظاهراً ، ثم ينقلب الأمر و الحق يعرض جمالهُ بالكامل ، و الحق يعرضُ جمالهُ بالكامل على العالم مرةً أخرى ، الحق يُعلى ولا يُعلى عليه .
قاله الله تبارك و تعالى في محكم كتابه ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَها ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ} صدق الله العلي العظيم .
لم تكد تجرح قلوبنا بمفارقة والدي المقدس المظلوم آية الله المعظم الميرزا عبدالرسول الحائري الإحقاقي ، حتى امتلأت قلوبنا من حزنٍ أشدُ منها ، لم أفرغ من الآلام حتى واجهنا مسائل عديدة أخرى ، طوال هذه الفترة ما كان على يَدِنا إلّا ثلاثة :
- الأول / الصبر و التوكل على الله ، العبارة التي درسنا على يد جدي المعظم الإمام المصلح و العبد الصالح آية الله الميرزا حسن الحائري الإحقاقي ، عندَ إذن كان يقول : (فوِّض أمرك إلى الله و الله بصير بالعباد ولا تيأس أبدا) .
- و الثاني / التوسل بأهل البيت (ع) و محبتهم الذي ذرع والدي المعظم المولى المجاهد هذه المحبة في قلوبنا ذرعاً ، ولم تنفك هذه المحبة عن وجودنا حيثُ عُجنت قلوبنا بهذه المحبة ولله الحمد .
- و الثالث / الوفاء ، وفاء جماعتنا بعهدهم و بطريقتهم {وَ الَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَ عَهْدِهِمْ راعُونَ} ، الطريقة التي كانوا مشايخنا العظام ، شيخنا الأوحد أحمد بن زين الدين الإحسائي ، و السيد الأمجد محمد كاظم الحسيني الرشتي ، و الميرزا حسن الگوهر ، و آباؤنا فيها ، واحتفظت الجماعة بها بأنفسهم من الانزلاقات و الانحرافات ظاهراً و باطناً .
يا أهل الإحساء ، يا أهل الكويت ، يا أهل الوفاء و المعرفة ، خطنا واضح و منهجنا مُبيَّن ، طريقتنا هي السير على السراط المستقيم و الثبات على ولاية محمد وآل محمد ، و الآن واجبنا هو نشر فضائل آل محمد و مناقبهم ، ولن نتخطى هذا الخط أبدا ، لأن أرواحنا و أجسامنا ممزوجةٌ بالولاية ، أنار هذا المنهج حياتنا بمحمدٍ وآل محمد ، كيف نتمكن أن نترك سفينة النجاة التي من ركبها نجا و من تخلف عنها هلك .
في هذا المجلس العظيم وفي هذا اليوم الشريف أسأل الله تبارك و تعالى أن يساعدنا في خدمة الدين ، بوحدة الكلام ، و الإخلاص ، و المحبة ، و الصبر ، و العفو ، و العفو ، و العفو ، و الاستقامة ، و التجنب من الشياطين تحت راية مولانا و مقتدانا الإمام المنتظر عجل الله فرجه الشريف ، و البعثة بمساعدة و بإشراف مشائخنا الحاضرين الأعزاء في الإحساء و الكويت و سائر البلاد سيما معتمدي و رجاي سماحة الشيخ عبدالله نجم المزيدي حفظه الله ، وأخي الأكبر الفاضل العامل الشيخ توفيق البوعلي حفظه الله و رعاه ، مع التوكل على الله تبارك و تعالى .
اللهم اللهم اللهم اشفي مرضانا و ارحم موتانا و سلم ديننا و دنيانا بحق محمدٍ وآل محمد ، و السلام عليكم ورحمة الله و بركاته .