خطبة الحكيم الإلهي الميرزا عبدالله الحائري الإحقاقي
١٦ شوال ١٤٢٦هـ
الصبر و المصابر
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين حبيب قلوبنا وطبيب نفوسنا البشير النذير و السراج المنير أبي القاسم محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين المعصومين ، واللعن الدائم على أعدائهم ومخالفيهم وغاصبي حقوقهم إلى قيام يوم الدين آمين يا رب العالمين . (نوروا مجلسنا بالصلاة على محمد وآل محمد)
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَ صابِرُوا وَ رابِطُوا وَ اتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} صدق الله العلي العظيم .
أيها المكرمين ، و أيتها المكرمات ، أخواني المؤمنين ، و أخواتي المؤمنات العاملات ، مشايخنا العظام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
تقبل الله أعمالكم في الشهر المبارك بحق محمدٍ و آله الطاهرين ، لا أتمكن أن أظهر سرور قلبي من زيارة وجوهكم النيرة في هذا المجلس العظيم ، أشكر الله تعالى وفقني بأن أكون في خدمتكم في الكويت المحبوب في هذا الشهر المكرم مرة أخرى .
الآية المباركة التي قرأت في أول خطابي تشير إلى الدستورات المتعالية الإسلامية الأربعة التي تتضمن نجاح الإنسان في كل شؤوناته الفردية و الإجتماعية ، الصبر ، و المصابرة ، و المرابطة ، و التقوى .
و أما الصبر {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا} ، الصبر في هذه المباركة بمعنى الصمود ، الصمود أمام الشدائد و الأميال و الحوادث ، فإذاً الصبر هو الخطوة الأولى في النجاح .
مولانا أمير المؤمنين إمام المتقين (ع) يقول : «الصبر من الإيمان ، كالرأس من الجسد» ، الخطاب على المؤمنين في صدر الآية يفيد العموم ، أعني الصبر حكمٌ كليٌ يشمل على المؤمنين كافةً .
و أما المصابرة ، المصابرة بمعنى الصبر و المقاومة في وجه و أمام الصبر و الإستقامة في وجه و أمام الأعداء ، لا يخفى على الجميع إن العمل نحو رضا الله ورسوله و أهل البيت (ع) يحتاج إلى الجهد و العمل المتواصل و الصبر و المصابرة ، وهو ما نلمسه من علمائنا الأعلام سيرة شيخنا الأوحد ، و سيدنا الأمجد ، و آبائنا الذين أفنوا عمرهم الشريف في نشر فضائل أهل البيت المعصومين (ع) ، حتى تحملوا الظلم و الجور من سفهاء الأمة ، ولكن كل عملٍ لله ينمو والعاقبة للمتقين ، فالآن يجب علينا الصبر و المصابرة كما صبروا مشايخنا وآباؤنا يرحمهم الله ، منهم عمي الأكبر آية الله المعظم الحاج الميرزا علي الحائري الإحقاقي ، وجدي الإمام المصلح والعبد الصالح آية الله المعظم الميرزا حسن الحائري الإحقاقي ، ووالدي المظلوم آية الله المجاهد الميرزا عبدالرسول الحائري الإحقاقي ، قدس سرهم الشريف .
و أما المرابطة ، يروى عن الإمام الصادق (ع) : «علماء شيعتنا مرابطون في الثغر الذي يلي إبليس و عفاريته ، يمنعونه عن الخروج على ضعفاء شيعتنا ، وعن أن يتسلط عليهم إبليس» ، على هذا يجب علينا و على علمائنا أن نحفظ إيماننا و إيمان إخواننا المسلمين بالمجاهدة و المراقبة .
وأما عن أبي عبدالله (ع) في قول الله تبارك و تعالى {اصْبِرُوا وَ صابِرُوا وَ رابِطُوا} قال : «اصبروا على الفرائض ، و صابروا على المصائب ، و رابطوا على الأئمة» ، على هذا حدود الإسلام يحفظ عن طريق المعصومين ولا غير ، ولله الحمد علماؤنا رضوان الله عليهم أجمعين قد حملوا راية الجهاد عن المظلومين حتى نشروا فكرهم و آرائهم في أهل البيت (ع) ، و تحملوا كما تحمل شيخهم المقدس التهم و الظلم و الإفتراء ، ولكن شاء الله لراية الحق أن تعلو وتأخذ جذورها في الأرض تؤتي أكلها كل حين ، و الرابع التقوى ، ليس للاستقامة و المصابرة والصبر المرابطة قيمةً دون التقوى ، من الواجب في حياة الإنسان التقوى يسيطر سلطنته على أعمالنا كلها ، لأن التقوى دار حصنٍ عزيز و الفجور دار حصنٍ ذليل .
وفي الختام نطلب من الله أن يساعدنا في خدمة المؤمنين و في نشر فضائل و مناقب أهل البيت (ع) بوحدة الكلام ، وحدة الكلام أهم شيء ، والصبر والتقوى و التجنب عن المنافقين ، أسأل الله تبارك و تعالى التوفيق و السداد و الإمتنان لنا و لكم في طريق أهل البيت (ع) ، و السلام عليكم ورحمة الله و بركاته .