الإجابة على الإعتراض الرابع في خصوص الولاية الكلية للمعصوم (ع)

خادم الشريعة الغراء آية الله المعظم المجاهد 

الحاج ميرزا عبدالرسول الحائري الإحقاقي قدس سره


الإجابة على الإعتراض الرابع في 

خصوص الولاية الكلية للمعصوم (ع)


الإعتراض الرابع : يقولون : {النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} (سورة الأحزاب:٦) ، وأن هذه الآية جاءت صريحة في ولاية رسول الله (ص) على المؤمنين ، وهذه الولاية هي الولاية التشريعية ، فإذا كانت الولاية ولاية تكوينية ، كان على الله أن يقول : «النبي أولى بالسموات والأرض» ، أو يقول : «النبي أولى بكل شيء» .


أجيب على ما يقولون : إنه بموجب القاعدة المشهورة : (إثبات الشيء لا ينفي ما عداه) أي إذا نسبنا إلى زيد صفة الشجاعة ، وقلنا : إن زيداً شجاع ، لا ينفي أن يكون زيد كريماً ، أو عالماً ، أو غير ذلك .


فهؤلاء بجهلهم القواعد العلمية ، وعدم قراءتهم القرآن بدقة وبصيرة نافذة ، ولو لمرة واحدة ، ونتيجة للقراءة السطحية ، إن حصلت ، نراهم يقعون في أخطاء كبيرة كثيرة ، واشتباهات عديدة ، وبسبب هذه الأخطاء والاشتباهات ، نرى كثيراً من الشباب اليوم ، ينحرفون عن طريق الصواب وينزلقون في عقائدهم المذهبية .


يقولون : إن الله ، تبارك وتعالى ، قد جعل ولاية النبي الأكرم على المؤمنين فقط ، وليس على سائر المخلوقات والموجودات


هؤلاء الجهلة لا يعلمون ، أو عناداً يتجاهلون أن ثبوت الولاية المطلقة للأئمة المعصومين (ع) ، على البشري ، الذي هو أشرف المخلوقات ، لا ينافي ولايتهم المطلقة على سائر المخلوقات التي هي دون الإنسان درجة .


كما أن هؤلاء القوم ، إذا كان استدلالهم على النبي (ص) والأئمة المعصومين (ع) ، صحيحاً ، فقد يصح ذلك على الله ، ذي الجلال والإكرام ، الذي له الولاية الكلية على جميع العوالم ، بصورة قطعية ، حيث يقول تعالى

{اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا} (سورة البقرة:٢٥٧) ، ومعنى ذلك أن الله ، تبارك وتعالى ، وليُّ المؤمنين فقط ، وليس ولياً ، والعياذ بالله ، على سائر الموجودات ، كما يزعمون .


وبناء على ما ذكرناه نقول لهؤلاء الجهلة ، الذين يدعون فهم القرآن إنهم سيجدون جواب اعتراضهم في القرآن الكريم ، ويلتفتون إلى أنهم عندما يستشكلون في شيء لا يدعون بغضهم لأهل بيت العصمة يعمي أبصارهم حتى لا يروا الآية المباركة

{اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا} الموجودة في (سورة البقرة) .


وإذا قالوا : إن ولاية الله على السَّماوات والأرض تثبت بدلائل أخرى ، نقبل منهم ، ولكن يجب أن يعلموا ان الله ، تبارك وتعالى ، قد أثبت ولاية الرسول الأكرم (ص) ، والأئمة الطاهرين (ع) على جميع الكائنات والمخلوقات في القرآن الكريم بآيات كثيرة منها : {وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ} (سورة الأنبياء:١٠٧) ، وما هذه الرحمة إلا درجة من درجات الولاية الكلية المطلقة .


وأي دليل أقوى وأحسن من الله ، سبحانه وتعالى ، عندما يثبت لنفسه ، ولرسوله الكريم ، والأئمة الطاهرين الولاية الكلية المطلقة ؟!


ومنها : الآية المباركة : {إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا} (سورة المائدة:٥٥) التي يثبت الله فيها الولاية الكلية المطلقة ، له ، جل شأنه ، ولرسوله الكريم ، وآله المعصومين (ع) .


وبناء على قواعد اللغة العربية ، فإن (واو) العطف ، ينقل حكم ما بعده عيناً إلى ما قبله ، بحيث أن الولاية الخاصة بالله ، جل وعلا ، ولاية عامة مطلقة ، على جميع المخلوقات ، وولاية الرسول الأكرم (ص) ، والأئمة الطاهرين (ع) ، على المنوال والأسلوب نفسه ، مع فارق أن ولاية الله ، تبارك وتعالى ، ولاية بذاته وأصالته ، وأما ولاية الأئمة المعصومين ، فولاية تبعية تتعين بإذن الله تعالى .


كتاب الولاية الجزء الثاني ص١٢٨-١٣١