المرجع الديني الكبير الإمام المصلح العبد الصالح
الحاج ميرزا حسن الحائري الإحقاقي قدس سره
هل كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مذنبا
ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر
سُؤل الإمام المصلح أعلى الله مقامه حول تفسير الآيات الكريمة:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
{إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً ، لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ ما تَأَخَّرَ وَ يُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَ يَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً ، وَ يَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً} (سورة الفتح:١-٣)
ما تفسير هذه الآيات الشريفة؟ وهل كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مذنبا حتى يغفر الله ما تقدم من ذنبه وما تأخر؟ أرجو شرح ذلك؟
- جواب الإمام المصلح رضوان الله عليه :
الأنبياء سفراء الله ، ولا ينبغي لله تعالى أن ينتخب سفيرا وممثلا ، إلا معصوما مطهرا ، ولا ينتخب من الناس من يميل إلى الذنوب والخطايا أبدا ، جل ربي ، وجلت عظمته .
وهذا النبي العربي الذي هو أشرف المرسلين ، وخاتم النبيين ، والمبعوث إلى كافة الخلائق أجمعين ، كيف يجوز أن ينحرف عن مشيئة الله وإرادته ، ويختار من الأعمال ما هو خلاف رضا الله ، وخلاف اختياره .
حاشا نبينا المعظم ، صلى الله عليه وآله وسلم ، من ارتكاب الأخطاء والذنوب ، حاشاه حتى من ترك الأولى ، فهو معصوم مطلق ، قد عصمه ربه القادر الغني ، من كل سوء وشين .
في (المجمع) ، و (القمي) : عن الإمام الصادق عليه السلام ، سئل عن هذه الآية فقال : "ما كان له ذنب ، ولا هم بذنب ، ولكن الله حمله ذنوب شيعته ، ثم غفرها" .
وفي (المجمع) : عنه عليه السلام أنه سئل عنها فقال : "والله ما كان له ذنب ، ولكن الله سبحانه ضمن له أن يغفر ذنوب شيعة علي عليه السلام" ، ما تقدم من ذنبهم ، وما تأخر .
وفي بعض الروايات إن الله عز وجل يوجه الخطاب إلى نبيه في مثل هذه الآيات والمقصود أمته من باب (إياك أدعو واسمعي يا جارة) .
والذي يساعد هذا التفسير ، ويقرب الأذهان منه ، الأحاديث الواردة في تفسير الآية الشريفة التي في سورة إبراهيم عليه وعلى نبينا وآله السلام ، وهي {أَ لَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَ فَرْعُها فِي السَّماءِ ، تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها وَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} (سورة إبراهيم:٢٤-٢٥) .
في (الكافي) عن الإمام الصادق عليه السلام ، أنه سئل عن الشجرة في هذه الآية فقال : "رسول الله صلى الله عليه وآله ، أصلها ، وأمير المؤمنين عليه السلام ، فرعها ، والأئمة من ذريته عليهم السلام ، أغصانها ، وعلم الأئمة ثمرتها ، وشيعتهم المؤمنون ورقها .
قال: والله إن المؤمن ليولد ، فتورق ورقة فيها ، وإن المؤمن ليموت ، فتسقط ورقة فيها . وفي (الإكمال) والحسن والحسين ثمرها ، والتسعة من ولد الحسين عليهم السلام ، أغصانها" .
وفي (المعاني) : وغصن الشجرة : فاطمة عليها السلام ، وثمرها : أولادها ، وورقها : شيعتها ، فلا عجب إذا ، ولا بأس ، أن ينسب ذنب شيعته إليه كما ينسب الورق وأطواره إلى الشجرة ، فيقال اخضرت الشجرة ، إذا أورقت في الربيع ، واصفرت الشجرة ، إذا ذبلت في الخريف ، والحال أن أصلها لا تخضر ، ولا تصفر ، وإنما يخضر ويصفر الورق .