خادم الشريعة الغراء آية الله المعظم المجاهد
الحاج ميرزا عبدالرسول الحائري الإحقاقي قدس سره
الإجابة على الإعتراض السادس
في خصوص الولاية الكلية للمعصومين (ع)
الإعتراض السادس : يقولون أن الولاية المطلقة الكلية اذا كانت للإمام ، فلا يبقى شيء لله تعالى !
ونقول في الجواب :
أولا : من أين لهم الإحاطة بقدرة الله تعالى التى لا تنتهي حتى يقولوا : ان اثبات مقام الولاية المطلقة الكلية للأئمة المعصومين (ع) ، لا يبقى شيئا من القدرة الإلهية ؟!!
هل أحاطوا بجميع ذاتيات ومقامات الباري ، جل وعلا ، حتى يصدروا هذا الحكم ؟!
وهل يتصورون أن العناية الإلٰهية المقدسة إذا منحت أهل بيت العصمة ، والولاية الكلية المطلقة ، تفرغ خزائن الله تبارك وتعالى التي لا تنفد ؟!
وهل يتصور هؤلاء البلهاء أن الذات الالهية اذا منحت وأعطت وتفضلت على أهل البيت (ع) بالولاية الكلية ، لم يبق لله شيء ، فيحصل الفراغ الذي يتأثر به المخلوق ؟!
إنهم لا يعلمون التوحيد ، ولكم هم بحاجة الى معرفة الله ، لأنهم لا يعلمون أن قدرة الباري ، جل وعلا ، الأزلية ، لا تتأثر ، ولا تنصرف ، ولا تقل ، بحيث أن عدداً من الجهال يتدخلون بها ، ويتصرفون فيها ، ويجعلون لها ، حداً ، وكماً ، وكيفاً .
ثانيا : إن الرسول الأكرم محمد (ص) ، وآله الميامين الأطهار (ع) ، منصوبون من طرف الباري ، جل وعلا ، ومعيَّنون بالنص الإلٰهي المقدس ، وقد أثبت ، تبارك وتعالى ، لهم ، الولاية الكلية المطلقة بأمر وإذن منه جل شأنه ، وأعطاهم سبحانه ، حق التصرف في الكائنات ، علماً بأنهم (ع) من مخلوقات الله تعالى ، وعباده الطاهرين ، ولا مانع لما أعطى ، ولا قيد لما تصرف ، ولا حد لإرادته ، ولا إحاطة لقدرته ، أوليس هذا من فضل الله ، تبارك وتعالى ، دليلاً على أنَّ له عباداً معصومين كاملين ، قد خلقهم ، وفضلهم ؟!.
ثالثا : إن اعتراضهم يكون وجيهاً ، عندما نفترض باطلاً ونقول : ان الله ، ذا الجلال والإكرام ، خلق محمداً (ص) ، وآل محمد (ع) ، وفوض اليهم أمور الوجود ، والخلق ، والرزق ، وغيرها ، وجعلهم فاعلين ومدبرين ، يتصرفون كما يشاؤون في عالم الكائنات ، دون أن يكون لرب العباد ، جل وعلا ، حق التدخل في شيء !
فيكون من الطبيعي ، ومن بديهيات المعرفة ، والقول : إنَّ هذا كفر ، وشرك ، وباطل من أساسه ، بناء لهذا المنطق .
لكن القائلين بالولاية الكلية المطلقة لمحمد (ص) ، والأئمة المعصومين (ع) من ولده ، يقولون عكس ذلك تماماً ، حيث أنهم يعتقدون أن الفاعل على الإطلاق والمدبر بالاستقلال في عوالم الخلقة والوجود ، هو الله ذو الجلال والإكرام ، ولا مؤثر في الوجود إلا الله ، تبارك تعالى ، بمعنى ان الله ، تبارك وتعالى ، عندما جعل محمداً (ص) ، وآل محمد (ع) واسطة للتشريع ، أي إيصال العلوم والأحكام ، بينه وبين مخلوقاته ، فقد جعلهم (ع) وسطاء في التكوين ، أي إيصال الرحمة والفيض الإلٰهي الى عباد معينين .
وهذه العقيدة بهذا المصداق ، يؤيدها ويفرضها ، ويصدقها العقل ، والقرآن ، وأخبار أهل بيت العصمة (ع) ، وليس الأحد من المسلمين أن يشكك أو يستشكل في ذلك ، وإن أهل البصيرة والتحقيق لا يخفى عليهم هذا الأمر ، ولا يكون التوحيد الكامل إلا من هذا الطريق .
كتاب الولاية الجزء الثاني ص١٣٦-١٣٨