العلة الفاعلية هم محمد و آل محمد (ع)

خادم الشريعة الغراء آية الله المعظم المجاهد 

الحاج ميرزا عبدالرسول الحائري الإحقاقي قدس سره


العلة الفاعلية هم محمد و آل محمد (ع)


الحمد الله رب العالمين وأفضل وأزكى السلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة على أعدائهم ومنكري فضائلهم من الآن إلى قيام يوم الدين أمين رب العالمين .


(أنا سائلكم فيما إليكم التفويض و عليكم التعويض)


من زعم أن محمداً وآله عليهم السلام وغيرهم من الموجودات خالقون ورازقون دون الله أو مع الله بمعنى التشريك أو بأمر الله بمعنى التفويض كما يفعل العبد بأذن سيده فهو كافر كفر الجاهلية الأولى لا فرق بينه وبين من جعل الله شريكاً وبين من عبد الأوثان لاستلزام ذلك الاستقلال للممكن وانقلابه إلى الوجوب ، 


قال الصادق عليه السلام: "من زعم أنا خالقون بأمر الله فقد كفر" ، 


يعني من زعم أن الله فوض إلينا أمور عباده كما يفوض السيد أموره إلى عبده والموكل إلى وكيله بلا إشراف بل بالإعتزال يعني يعتزل سبحانه عن أمور خلقة ، فقد كفر لأن الحادث إذا صح له الاستقلال لحظة عن القديم صح له ذلك دائما إذ لا فرق بينها وبين غيرها وهذا ممتنع بالنسبة إلى الحادث الفاني ، والتفويض الوارد إليهم عليهم السلام في بعض الروايات والزيارات كما في زيارة الرجبية "أنا سائلكم فيما إليكم التفويض وعليكم التعويض" وقول سيد الساجدين وزين العابدين عليه السلام ، "اخترعنا من نور ذاته وفوض إلينا أمور عباده ، إلينا إياب هذا الخلق وعلينا حسابهم" .


وقول الهادي عليه السلام في الزيارة الجامعة : "وَإيابُ الخَلقِ إلَيكُم وَحِسابُهُم عَلَيكُم وَفَصلُ الخِطابِ عِندَكُم وَآياتُ اللهِ لَدَيكُم وَعَزائِمُهُ فِيكُم وَنُورُهُ وَبُرهانُهُ عِندَكُم وَأمرُهُ إلَيكُم".


فالمراد منه السببية الإلهية وهم الواسطة في الصدور والورود بهم فتح الله وبهم يختم و لولاهم لما أفاض الله على الخلق في جميع مراتب الوجود فيضه . لثبوت أنهم عليهم السلام محال أفعاله وتراجمة فيضه التكويني والتشريعي فالفيوضات تصل إليهم وبهم لا إلى غيرهم .


وبالجملة حيث أنهم عليهم السلام محلا لفعله سبحانه كما عرفت من التقرير المتقدم يسند إليهم صلوات الله عليهم الفاعلية ويصح إطلاقها عليهم مجازا كما يصح إطلاقها على الملائكة كذلك بل عليهم بطريق أولي لورود الفيض عليهم أولا وبالذات وإلى غيرهم بهم ثانيا وبالعرض لأن الغير إنما يصح إطلاقها عليه لوجود بعض اسرارهم فيه مثل الملائكة لما كانوا مظهرا لهم سلام الله عليهم صح إطلاقها عليهم مجازاً ومثل عيسى بن مريم لما كان حاكيا لهم صلح إسناد إليه ذلك ، قال تعالى {إِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيها فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وَ تُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَ الْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَ إِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتى بِإِذْنِي}  صدق الله العلي العظيم (سورة المائدة:١١٠)


ونعم ما قال بعض العارفين في هذا العنوان:


سرى سرهم في الكائنات وفضلهم

وكل نبي فيه من سرهم سر


وإلا الفاعل الحقيقي هو الله سبحانه وتعالى قال الإمام عليه السلام: "الحمد لله الذي لم يُشهد أحداً حين فطر السماوات و الأرض ولا أتخذ معينا حين برء النسمات هو الذي اخترع الخلق لا من شيء كان وحده لا شريك له ولا وزير ولا نصير" ، قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ}.