الإجابة على الاعتراضات في خصوص الولاية الكلية للمعصومين (ع)


خادم الشريعة الغراء آية الله المعظم المجاهد الحاج ميرزا عبدالرسول الحائري الإحقاقي قدس سره


الإجابة على الإعتراضات في 

خصوص الولاية الكلية للمعصوم (ع)


الإعتراض الأول : يقولون : إذا كان للرسول الأكرم (ص) ، والإمام ، الولاية على جميع الأشياء ، كان من الأولى أن يكون الباب ، والحائط ، والسيف ، والرمح ، لا تعمل دون إذنهم. وعليه إذا مس سيف جسد الإمام ، أو أصاب جسد الرسول حجر ، كان ذلك بإذنهم ، ولم يكن أحد قد ظلمهم ، وأن الأذى قد لحقهم بإذنهم !


ونحن نجيب على هذا الإعتراض ، فنقول لهم : إنَّ هذا الإعتراض يرد على الباري ، جل وعلا ، في ولايته على جميع الأشياء ، وبضرورة مفروض الإعتراض ، يجب أن لا تعمل الأشياء ، مثل الباب ، والسيف ، والرمح ، من دون إذن الباري .


فإذا نزل سيف على جسد الإمام ، وجرحه ، أو أصاب حجر جسم الرسول (ص) ، وأصابه بأذى ، كان ذلك بإذن الله ، تبارك وتعالى ، وأن الله جل وعلا، هو قد أنزل هذا البلاء على النبي (ص) ، والإمام (ع) ، وليس ذلك من طرف الأعداء ، ولا يكون قد ظلمهما أحد ، وأن الله ، عزّ وجلّ ، هو أراد أن ينزل بهما الأذى .


ولكن يجب أن نقول لهؤلاء الأغبياء : إنَّ الولاية الكلية تخص الله وحده ، وأن محمداً (ص) ، وآل محمد (ع) ، هم عباده ، وأن الله الرحمن الرحيم ، بموجب نص الآية الكريمة {إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ ...} ، وسائر الآيات ، والروايات المتواترة التي ذكرناها فيما سبق ، قد جعل هؤلاء المعصومين أولياء أمره ، وخلفاءه على جميع الكائنات ، وانه قد انتخبهم من بين عباده ، وفضلهم ، وميزهم ، وجعلهم وسطاء بينه وبين مخلوقاته ، وهم وسيلة الرحمة لعباده ، وتوَّجهم بالولاية الكلية المطلقة ، التي كانت وما زالت لهم فخراً من قبل أن يخلق الخلق إلى يوم القيامة .


ولما كانت هذه الدنيا دار امتحان واختبار ، فقد جعل الله سبحانه وتعالى ، عباده أحراراً فيها ومخيرين ، ليظهر كل شخص جوهره وباطنه ، حتى تتم حجته يوم القيامة .


إن الله ، سبحانه وتعالى ، قادر على أن يجري أمره وإرادته على جميع الموجودات ، ويمنع الظالمين ، والمفسدين ، والطغاة ، من ظلم الناس ، ولكنه ، سبحانه ، يمهلهم في هذه الدنيا أياماً حتى يتبين الخبيث من الطيب فيجزي كلاً منهم جزاءه كما قال سبحانه : {وَ لا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ} ، فنرى في هذه الآية المباركة أن الله ، سبحانه وتعالى ، يمهل الكفار ليعملوا ما يشاؤون من أعمال السوء ، وليست هذه المهلة من قبيل العجز وعدم القدرة الإلهية ، وإنما هذه المهلة لأجل أن يظهر الكفار خبيئة أسرارهم وخبث باطنهم ، ولأجل أن يعصوا الله كما يشاؤون طوعاً، حتى يحاسبهم الله ، يوم القيامة ، على أعمالهم السيئة ، ويؤاخذ هم فيأخذهم بذنوبهم ومعاصيهم ، حيث لا تكون لهم حجة يدافعون بها عن أنفسهم تحقيقاً لقوله تعالى : {ما كانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} ، وتفسير الآية الكريمة : إن الله ، سبحانه وتعالى ، لا يترك المؤمنين ، والمفسدين لحالهم ، وإنما يمهلهم حتى يميز الخبيث من الطيب .


وبناء على هذا فإن سكوت أولياء الله أمام الظالمين ، ليس عن عجز في القدرة ، أو عدم العلم ، بل لأجل أن يجرى المقدر عليهم من قبل الله تعالى ، وذلك لأجل رضى الله عنهم .


وتأييداً لما ذكر أعلاه ، فإن الإمام علي بن موسى الرضا (ع) قد أوضح هذا الموضوع ببيانه الواضح ، حتى أزال الشك والتردد ، في إجاباته الوافية الكافية ، وأقنع الضعفاء ، والناس ، الذين يشكون من هذا الخصوص ، ويوسوسون للناس :


"عن الحسن بن الجهم قال : قلت للرضا (ع) : إن أمير المؤمنين (ع) ، قد عرف قاتله ، والليلة التي يقتل فيها ، والموضع الذي يقتل فيه ، وقوله لما سمع صياح الأوز في الدار : "صوائح تتبعها نوائح !" ، وقول أم كلثوم : لو صليت الليلة داخل الدار ، وأمرت غيرك يصلي بالناس ، فأبى عليها ، وكثر دخوله وخروجه تلك الليلة ، بلا سلاح ، وقد عرف ، عليه السلام ، أنَّ ابن ملجم (لعنه الله) قاتله بالسيف ، كان هذا مما لم يجز تعرّضه !


"فقال (ع) : ذلك كان ، ولكنه خيّر في تلك الليلة لتمضي مقادير الله ، عز وجل" .


وتأييداً لما أقول ، أذكركم بقصة إبراهيم النبي (ع) المذكورة في القرآن بصورة مفصلة ، حيث ترون أن إبراهيم (ع) لأجل أن يمتثل لأمر الله تعالى ، رضي بأن يذبح ولده بيده ، وذلك من أجل أن يرضى الله تعالى ، في حين أنه كان يستطيع أن لا ينفذ هذا الأمر الإلهي ، ولكن عندما وجد أن الرضى الإلهي في تقديم ابنه العزيز قرباناً لله مع الإمكانية والاستطاعة في العصيان ، اختار إجابة أمر الله تعالى ، وقام وهم فعلياً بذبح ولده ، فتدخلت العناية الإلهية .


وهكذا أئمتنا صلوات الله عليهم ، كانوا يستطيعون بإذن الله تبارك وتعالى ، أن يدفعوا عن أنفسهم جميع المصائب والبلايا ، ولكن كانوا جميعهم في حالة الرضى والتسليم لأمر الله تعالى ، ولأجل إجراء المقدر من قبل الله عليهم ، فكانوا مستسلمين أبداً للأوامر الإلهية ، وبلا تردد .


(عيون أخبار الرضا) 

روى هرثمة بن أعين قال : دخلت على سيدي ومولاي -يعني الرضا عليه السلام- في دار المأمون ، وكان قد ظهر في دار المأمون أن الرضا ، عليه السلام ، قد توفي ، ولم يصح هذا القول ، فدخلت أريد الإذن عليه


قال : وكان في بعض ثقات خدم المأمون غلام يقال له : صبيح الديلمي ، وكان يتوالى سيدي ، حق ولايته ، وإذا صبيح قد خرج ، فلما رآني قال لي :

يا هرثمة ! ألست تعلم أني ثقة المأمون على سره وعلانيته ؟ 

قلت بلى ، 


قال : إعلم يا هرثمة ، إنَّ المأمون دعاني وثلاثين غلاماً من ثقاته على سره وعلانيته ، في الثلث الأول من الليل ، فدخلت عليه ، وقد صار ليله نهاراً من كثرة الشموع ، وبين يديه سيوف مسلولة ، مشحوذة ، مسمومة ، فدعا بنا غلاماً غلاماً ، وأخذ علينا العهد والميثاق بلسانه ، وليس بحضرتنا أحد  من خلق الله غيرنا ، فقال لنا :

هذا العهد لازم لكم ، أنكم تفعلون ما آمركم به ، ولا تخالفوا فيه شيئاً

قال : فحلفنا له ، 


فقال : يأخذ كل واحد منكم سيفاً بيده ، وامضوا حتى تدخلوا على علي بن موسى الرضا في حجرته ، فإن وجدتموه قائماً ، أو قاعداً ، أو نائماً ، فلا تكلموه ، وضعوا أسيافكم عليه واخلطوا لحمه ، ودمه ، وشعره ، وعظمه ، ومخه ، ثم اقلبوا عليه بساطه ، وامسحوا أسيافكم به ، وصيروا إلي ، وقد جعلت لكل واحد منكم ، على هذا الفعل ، وكتمانه ، عشر بدر دراهم ، وعشر ضياع منتخبة ، والحظوظ عندي ما حييت ، وبقيت !


قال : فأخذنا الأسياف بأيدينا ، ودخلنا عليه في حجرته ، فوجدناه مضطجعاً ، يقلب طرف يديه ، ويتكلم بكلام لا نعرفه .


قال : فبادر الغلمان إليه بالسيوف ، ووضعت سيفي ، وأنا قائم أنظر إليه ، وكأنه قد كان علم مصيرنا إليه ، فليس على بدنه ما لا تعمل فيه السيوف ، فطووا عليه بساطه ، وخرجوا ، حتى دخلوا على المأمون ، فقال : ما صنعتم ؟


قالوا : فعلنا ما أمرتنا به يا أمير المؤمنين . قال : لا تعيدوا شيئاً مما كان .


فلما كان عند تبلج الفجر ، خرج المأمون ، فجلس مجلسه مكشوف الرأس ، محلل الأزرار ، وأظهر وفاته ، وقعد للتعزية ، ثم قام حافياً حاسراً ، فمشى لينظر إليه وأنا بين يديه .


فلما دخل عليه حجرته ، سمع همهمته ، فأرعد ، 

ثم قال : من عنده ؟ 

قلت : لا علم لنا يا أمير المؤمنين ، 

فقال : أسرعوا وانظروا .


قال صبيح : فأسرعنا إلى البيت ، فإذا سيدي (ع) جالس في محرابه ، يصلي ويسبح ، 

فقلت : يا أمير المؤمنين ! هو ذا نری شخصاً في محرابه يصلي ، ويسبح !

فانتفض المأمون ، وارتعد ، ثم قال : غدرتموني لعنكم الله ! ثم التفت إلي من بين الجماعة فقال لي : يا صبيح ! أنت تعرفه ، فانظر من المصلي عنده ؟


قال صبيح : فدخلت ، وتولى المأمون راجعاً ، ثم صرت إليه عند عتبة الباب .


قال ، عليه السلام ، لي : يا صبيح

قلت : لبيك يا مولاي ، وقد سقطت لوجهي

فقال : قم يرحمك الله {يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَ اللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ} .


قال : فرجعت إلى المأمون ، فوجدت وجهه كقطع الليل المظلم ، 

فقال لي: يا صبيح ! ما وراءك ؟ 

فقلت له : يا أمير المؤمنين ! هو والله جالس في حجرته ، وقد ناداني ، وقال لي كيت ، وكيت .

قال : فشد أزراره ، وأمر برد أثوابه ، وقال : قولوا إنه كان غشي عليه ، وإنه قد أفاق !!


قال هرثمة : فأكثرت الله ، عز وجل ، شكراً وحمداً ، ثم دخلت على سيدي الرضا ، عليه السلام ، فلما رآني قال : يا هرثمة ! لا تحدث أحداً بما حدثك به صبيح ، إلا من امتحن الله قلبه للإيمان بمحبتنا وولايتنا !


فقلت : نعم يا سيدي ، 

ثم قال (عليه السلام) : يا هرثمة ! والله لا يضرنا كيدهم شيئاً حتى يبلغ الكتاب أجله" .


أقول : ومن مطالعة هذه الرواية ، الصحيحة المعتبرة ، والمنقولة في معظم الكتب المعتبرة للشيعة ، نستطيع أن نجيب المعاندين بلسان الإمام الرضا (ع) حيث يقول ما مضمونه : أننا أصحاب الولاية الكلية الإلهية ، نفعل ما نريد ، ونقدر على كل تصرف في الموجودات ، ونأمرها وننهاها ، ولكن لا يكون ذلك إلا بإذن من الله ، تبارك وتعالى ، وإرادته .


وفي هذا المجال روايات وأخبار كثيرة متواترة ، لا تدع مجالاً لأي فرد أن ينكر ، وخاصة إذا تجرد عن العناد والهوى ، فيقبل ما جاء في الروايات والأخبار عن مقام أهل البيت ، والأئمة الأطهار (ع) كما وصفهم الله تعالى ، ورسوله الأكرم (ص) .


وبعد معرفة الإنسان للمقام الشامخ ، والدرجات العالية للأئمة الطاهرين ، والعمل بما أوصوا به ، يكمل إيمانه ، وينجو من وساوس الشيطان الرجيم .


ولأجل إثبات ، وإيضاح ، وبيان ما قلناه ، نذكر رواية مشهورة أخرى حتى يعرف الضعفاء في الإيمان ، أن الشيعة المخلصين لأهل البيت المعصومين (ع) ، لا يعتقدون بمقام أهل البيت جزافاً ، وإنما جاء إيمانهم ، واعتقادهم الطاهر ، بناء على ما تعلموه من الأئمة المعصومين (ع) ، وهم يتبعونهم في عقائدهم المقدسة .


إن المعاندين الذين ينكرون فضل الأئمة ، بعد معرفتهم بالنصوص ، لا يعاندون الشيعة فقط ، وإنما يعاندون أهل البيت (ع) ، ويوجهون سهامهم المسمومة ، عن قصد أو غير قصد ، إلى التوحيد والولاية بشكل خاص .


لقد كان المعاندون لا يتركون فرصة إلا ويناظرون خلالها الأئمة الأطهار ، ويعترضون عليهم ، ويباحثونهم ، ولكن أهل البيت (ع) كانوا دوماً يردون عليهم بأجوبة مقنعة مسكتة ، لا يردها إلا المعاند ، الذي لا يريد أن يعرف عدد أصابع يده ، فيخرج المعاندون ، مسوَّدة وجوههم في الدنيا والآخرة .


وهنا نورد رواية تبين مصدر عقائد المعاندين التي تحارب الدين ، كما تبين محاولاتهم لإطفاء نور الله (جل وعلا) ، وتكشف عن خيبة آمالهم في ذلك ، كما تظهر حقيقة ما قلناه :


(مناقب ابن شهر آشوب)

 كان حميد بن مهران حاجباً خاصاً للمأمون ، ومن أشد الناس عداوة وحسداً للإمام الرضا (ع) ، وكان حميد هذا رجلاً خبيثاً دنيئاً ، ويتحين الفرص ، ليعترض على الإمام (ع) ، ويحقره أمام الناس ، عناداً الله ، جل وعلا ، ورسوله (ص) ، وخاصة بعد أن راحت تزداد شهرة الإمام الرضا (ع) بازدياد الآيات البينات ، والمعجزات الباهرات ، التي صدرت منه (ع) فتجاوز في مقامه حداً ظاهراً ، جعل حميد وسـيـده المأمون يحقدان عليه أشد الحقد ، ويطلبان له المهالك .


"ولما بويع الرضا (ع) ، قلَّ المطر ، 

فقالوا : هذا من نکده

فسأله المأمون أن يستسقي ، 

فقبل ، وقال : "رأيت رسول الله (ص) في منامي يقول : يا بني انتظر يوم الاثنين ، وابرز إلى الصحراء ، واستسق ، فإن الله يسقيهم ، وأخبرهم بما يريد الله ، وهم لا يعلمون حالك ، ليزداد علمهم بفضلك ، ومكانك من ربك .


"فبرز يوم الإثنين ، وصعد المنبر ، وحمد الله ، وأثنى عليه ، ثم قال : "اللهم يا رب أنت عظمت حقنا أهل البيت ، فتوسلوا بنا كما أمرت ، وأملوا فضلك ورحمتك ، وتوقعوا إحسانك ونعمتك ، فاسقهم سقياً نافعاً عاماً ، غير رائث ، ولا ضائر ، وليكن ابتداء مطرهم بعد انصرافهم من مشهدهم هذا إلى منازلهم ، ومقارهم" .


"فرعدت السماء ، وبرقت ، وهاجت الرياح ، فتحرك الناس ، فنبأهم أنَّ هذا العارض لبلدة كذا ، إلى تمام عشر مرات ، ثم بدا عارض فقال : هذا لكم ، وأمرهم بالانصراف وقال : لم تمطر عليكم ، ما لم تبلغوا منازلكم" .


ونزل من المنبر ، فكان كما قال ، فقالوا : هنيئاً لولد رسول الله ، كرامات الله ، عز وجل !


"فلما حضر عند المأمون ، قال له حمید بن مهران : تجاوزت حدك ، وصلت على قومك بناموسك ، فإن صدقت فأمر هذين الأسدين المصوَّرين ، اللذين على مسند المأمون أن يأخذاني !!" .


وبعد فإنك تلاحظ كيفية انتقال الحدث ، من الولاية التشريعية إلى الولاية التكوينية ، لأن إحياء صورة أسدين وتحويل تلك الصورة إلى حقيقة واقعة وملموسة ، من خصائص الولاية التكوينية ، ونحيل المعاندين إلى بقية الرواية ، بل إلى عدم التجريح والطعن ، عناداً وجهلاً :


يقول الراوي : فغضب الرضا (ع) ، ونادى : دونكما الفاجر ، فافترساه ، ولا تبقيا له عيناً ولا أثراً !!


"فانقلبا ، وقطعاه ، وأكلاه ، ثم استقبلا الرضا (ع)" .


أقول : لكم يشبه هذا الأمر قصة عصا موسىٰ ، عندما أمرها أن تتبدل إلى ثعبان ، وذلك بأمر الله ، عز وجل ، وأن الله ، جل وعلا ، الذي أعطى موسى هذه القدرة على تبديل العصا اليابسة لتتحول بالقدرة الإلهية إلى أفعى ، أفلا يستطيع الباري ، جل وعلا، أن يعطي القدرة نفسها بكمالها ، وتمامها ، إلى نبيه محمد (ص) ، وآل محمد (ع) ؟؟!


إن هذا الإعتقاد نابع من كون المسلمين يؤمنون بأن الأئمة الطاهرين المعصومين هم ورثة الأنبياء جميعاً ، بل وإنَّ الله (سبحانه) قد فضلهم على جميع الأنبياء ومنحهم مميزات لم يمنحها نبياً سابقاً .


ولكن العجب كل العجب من بعض ضعاف النفوس حين يقبلون لموسىٰ بن عمران (عليهما السلام) بعض الأعمال التي توسلها بالقدرة الإلهية الممنوحة ، لتبليغ رسالته ويستغربون ، بل وينكرون ، جهلاً ، أو عناداً بعد علم ، ما يقوم به أحد الأئمة المعصومين (ع) ، الأربعة عشر ، ولو تجاوز ما قام به موسیٰ أو غيره من الأنبياء !


"وقالا : يا ولي الله في أرضه ! ماذا تأمرنا أن نفعل بهذا ؟ وأشارا إلى المأمون العباسي .


قال : فغشي عليه .

 فقال : أمكثا . ثم قال : صبّوا عليه ماء ورد وطيبوه فلما صب عليه أفاقه ، 

فقالا : أتأمرنا أن نلحقه بصاحبه ؟

فقال (ع) : لا ، لأن الله تعالى فيَّ تدبيراً هو متممه ، 

فقالا : فما تأمرنا ؟ 

قال : عودا إلى مقركما كما كنتما !


فصارا صورتين على المسند . فقال المأمون : الحمد لله الذي كفاني شر حمید بن مهران! .



كتاب الولاية
الجزء الثاني ص١٠٨-١١٨