تضحية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته عليهم السلام

المرجع الديني الكبير الإمام المصلح العبد الصالح 

الحاج ميرزا حسن الحائري الإحقاقي قدس سره


تضحية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) 

وأهل بيته عليهم السلام


بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين واللعنة على أعدائهم ومبغضيهم ومنكري فضائلهم من الآن إلى يوم الدين آمين رب العالمين.


لقد تحمل أشرف الأنبياء وخاتم المرسلين في سبيل إعلاء كلمة التوحيد ، وإنقاذ البشرية من ورطة الجهل والشرك والتخلف ، ومن أجل إسعاد الإنسانية أذى كبيراً وجهداً مضنياً ، حتى قال (صلى الله عليه و آله): "ما أوذي نبي مثل ما أوذيت" واستطاع في ظل الجهاد والكفاح المرير والتضحيات الجسام أن يوصل الأمة البائسة إلى أعلى درجات السيادة والسعادة ومع هذا كله كان يقول: {قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى‏ }.


كان صلى الله عليه وآله آية في الاستقامة وطوداً شامخاً في الصبر فقد صبر كما وصاه الباري جل وعلا في قوله: {فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} في مقابل أذى الجهال في عصر الجاهلية ، والتزم الحلم والأخلاق السامية إلى أن نال من الله تعالى شهادة ووساماً ينطق  على الخافقين مدى الأعصار: {وَ إِنَّكَ لَعَلى‏ خُلُقٍ عَظِيمٍ}.


ووصى أهل بيته باقتفاء أثره في الصبر ، وتحمل الأذى من الأمة ، حرصاً على أهداف الإسلام ، و التنازل عن حقوقهم في هذا السبيل ، وكأنه كان يخاطب كلا من أهل بيته عليهم السلام بهذه العبارات:


 ١- أخي وأبن عمي ووصيي وخليفتي ...... يا أمير المؤمنين يا ولي الأمة وقائدها هل تعلم أنهم سيغصبون الخلافة منك بعدي ، يا صمصام ذي العزة والجلال ، أيها الفارس المقدام حذار من أن تسل ذا الفقار بوجه الجاهلين من الأمة وتفنيهم ، أن أمتي الفتية بحاجة إلى الصبر والحلم ، والعطف والحنان ، ومن أولى بالحلم تجاهها منك.


 ٢- ويافاطمة: يا بضعتي ، ويا حبيبة الله والرسول سيغصبون فدكا منك ، وسيرتكبون أقبح الأساليب وأقسى أنواع التعامل معك ... فلا تدعي عليهم ولا تحثي زوجك الغيور وابن عمك للوقوف بوجههم تحملي ، واصبري فان بقاء ذكر الله ، واستمرار ذكري و ثبات كيان هذه الأمة في الدنيا ، و شفاعة المذنبين في الآخرة كل ذلك منوط بصبرك و تحملك.


٣- حسن .. يا ولدي أيها الإمام المجتبى يا سيد شباب أهل الجنة يا وارث حلمي هل تعلم أن خصما كله مكر وخداع كمعاوية سيعترض طريقك ، وأن غاوياً فاسقاً منغمساً في حب الجاه كابن هند يسعى لتخريب شريعة جدك ومحق دين ربك ، فلا تخاصمه . واستعمل أسلوب الصلح معه .. كي تحافظ على هذه الأمة الفتية ، وتنقذها من التعرض للزوال.


٤- أنت يا حسين … يا قرة العين يا خامس أهل الكساء سيتولى السلطة في عصرك يزيد الماجن بالرعب و بالخطط الماكرة التي رسمها له أبوه معاوية ، و ستعلن عن كفره و نفاقه و ما كان يكنه أبوه و أجداده من الحقد و العداء للدين.


انه سيحاول اقتلاع جذور الإسلام ، واستئصال أسس القرآن .


 فعليك يا ولدي المقدام ، يا مظلوم كربلاء ، أن تنهض بشجاعة وتروي بدمك الطاهر شجرة الإسلام وتلغي أسس الحكم الأموي الجائر ، وتعلن عن كفر آل سفيان ، مبطلا نظام الزندقة السفيانية ومقتلعاً الشجرة الخبيثة الملعونة في القرآن يا ثمرة فؤادي ستكون أنت وشبابك وأهل بيتك وديعتي الغالية فبدماء رجالكم ودموع نسائكم ستروى شجرة الشريعة الغراء وهكذا ضحى هذا الرسول الرحيم كل ما يملك ، وما تملك عترته الطاهرة في سبيل تحقيق رضى المحبوب وحفاظاً على الدين وبقاء الإسلام وسعادة البشرية .