الحقيقة الطاهرة للرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم)

المرجع الديني الكبير الإمام المصلح العبد الصالح 

الحاج ميرزا حسن الحائري الإحقاقي قدس سره


الحقيقة الطاهرة للرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) 


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الانبياء والمرسلين حبيب قلوبنا وطبيب نفوسنا ابي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين الى قيام يوم الدين آمين رب العالمين. 


{قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَ لا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً}. 


ان الحقيقة الطاهرة للرسول الأعظم هي أسمى من طينة البشر ، بل لا مجال للمقارنه!! 


أنه كان موجودا لاهوتيا تردى رداء البشرية بارادة الله ليقوم بهداية الناس ، كما كان جبرئيل أمين الوحي يتردى برداء البشرية أحيانا ويظهر بصورة دحية الكلبي. 


قال تعالى: {وَ لَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلاً وَ لَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ} (سورة الأنعام:٩).


هذه المعجزة العظيمة تفوق كل معاجز الأنبياء والمعصومين عليهم السلام. 


واذا انكر أحد فضائل المعصومين ومعاجزهم ، فلا يسعه انكار هذه المنقبة العظمى التى صرح بها القرآن الكريم.


ان قصة المعراج تثبت احاطة علم الرسول وهيمنته على جميع العوالم الامكانية ، وشرفه على جميع الانبياء والمرسلين والملائكة المقربين. 


ومع ذلك فهو عبد مطيع ، ومحتاج الى حضرة ذي الجلال ، ونموذج قدرته السامية ، واحاطته اللامتناهية. 


فقولهم عليهم السلام: "نزهونا عن الربوبية، وقولوا فينا ما شئتم ولن تبلغوا" منسجم مع الأدلة والبراهين المحكمة.


 فما عسى المرء أن يقول تجاه هذا المقام المنيع؟


أجل ، غاية ما نستطيع قوله في شأن المعصومين عليهم السلام أنهم عالمون بالغيب ، وعلمهم حضورى واحاطي. لماذا؟ 


لان صاحب المعراج شاهد جميع زوايا الوجود بعينيه اللتين في رأسه ، فلا يبقى مجال للعلم الارادي.


في هذا التجوال المبارك لم يبق مكان حتى يخفى على الرسول ، ويأتي دور السؤال: هل يعلم أو لا يعلم؟! 


ان أشد المسائل غورا في الغيب: الجنة والنار ، ومع ذلك فقد شاهدهما رسول الله (صلى الله عليه و آله) في أثناء المعراج ، وحكى طرفا من أخبارهما للأصحاب بعد ذلك. 


لقد أخبر بوجود بعض الناس في النار ، رغم أنهم كانوا أحياء في عصره ، فالمسألة تجاوزت طي المكان الى طي الزمان أيضا. فلم يبق موضع يغيب عن ناظريه.


فمهما نقول في حق هؤلاء ، لا نزال مقصرين على اللحوق بشأنهم ولذلك قالوا عليهم السلام (ولن تبلغوا)!!


 أجل ، لا يبلغ أحد وصف الحقيقة.