صاحب الولاية الكلية الإلٰهية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع)

خادم الشريعة الغراء آية الله المعظم المجاهد 

الحاج ميرزا عبدالرسول الحائري الإحقاقي قدس سره


صاحب الولاية الكلية الإلٰهية

أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع)


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين حبيب قلوبنا وطبيب نفوسنا أبي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين آمين رب العالمين.



قال تعالى: {إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ}.


قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): "من كنت مولاه فعلي مولاه"، مسند أحمد ۱۳۲/۱ قد أجمع جمهور علماء الخاصة واغلب علماء العامة ومنهم (أبو بكر الرازي) و(الطبري) وغيرهم أن المراد بالذين آمنوا في هذه الآية الكريمة هو صاحب الولاية الكلية الإلهية مولى الموحدين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) وفاطمة الزهراء (ع) ، وبعده ينتقل هذا المقام الإلهي المنيع إلى أولاده الأحد عشر عليهم السلام، وهو اليوم يختص بولي العصر وإمام الزمان الحجة ابن الحسن العسكري (ع). 


كل من يحمل ولاية محمد وآل محمد بين جوانحه فهو يملك كل شيء، حتى ولو لم يملك شيئا آخر ... ومن لا يحمل الولاية في قلبه فهو لا يملك أي شيء حتى لو كان يملك كل شيء.


إن جوهرة الولاية ثروة عظيمة خالدة، يقوى بها على ضمان الحياة الأبدية والخلود السرمدي فهي النقطة المركزية لأعضائنا وجوارحنا تمثل حقيقة ذاتنا الطاهرة.


إن الإنسان الذي ليس لديه ولاية رسول الله (صلى الله عليه و آله) وولاية علي وآل علي عليهم السلام هو في الواقع فاقد للتوحيد أيضا، وأن توحيده ناقص لا محالة- فلو عمل جميع الواجبات والمستحبات فليس له من ذلك إلا التعب. 


إن مثل هذا الشخص مثل الشيطان الرجيم الذي عبد الله عز وجل وسجد له وسبّح وهلّل مدة سبعين ألف عام - كما قيل - إلا أن أتعابه وعباداته كلها ذهبت هدرا لأن باطنه وعباداته كانت فاقدة لنور الولاية المتجلي حينها في آدم أبي البشر، حيث كان حاملا ومظهرا لشعاع من أنوار ولاية محمد وآل محمد عليهم السلام، فلم يسجد ولم ينقاد له، لذا فقد أبعد من رحمة الله عز وجل إلى يوم القيامة ملعونا حتى يدخل نار جهنم داخرا: {قالَ فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ رَجِيمٌ . وَ إِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلى يَوْمِ الدِّينِ}


لقد قرن الله عز وجل في الآية المباركة مورد البحث بين ولايته - وهي الولاية الكلية المطلقة والشاملة لجميع الجوانب التكوينية والتشريعية - وولاية رسوله الأكرم وخليفته بالحق أمير المؤمنين علي (ع) ، ولكن لا يُترك القول إن ولاية الله عز وجل ليس لها اتحاد وعينية ذاتية مع ولاية رسول الله (صلى الله عليه و آله) وأهل بيته الأطهار، وإذا قلنا ذلك - والعياذ بالله- فإنه موجب للشرك والكفر ، كالقائلين بعقيدة (وحدة الوجود) أو (وحدة الموجود) فقد تورط هؤلاء بعقيدة الشرك هذه عن جهل أو عمد. 


بل إن هذا الاتحاد له حالة الأثر والمؤثر كالمنير والنور، والفاعل والفعل، وأوضح مثال على ذلك مسألة النار والحديدة المحمى، ففي الظاهر كلاهما حارقان، وكلاهما له نور وحرارة ولكن في الواقع النار هي المؤثر والحديدة المحمى أثر لها ، إذ أنه لا يملك في ذاته شيئا مستقلا، بل هو فقط حامل فعل ومظهر للنار، فلو انقطعت عنه النار لحظة واحدة فسيفقد كل ميزاته تلك.


إن شرط صحة التوحيد الكامل هو الالتزام الواضح وضوح الشمس في رابعة النهار بولاية المعصومين الأربعة عشر عليهم السلام. 


فيا أيها المسلمون! 

ويا شيعة آل محمد ومحبي آل بيت النبوة! 

تيقظوا، فما زال القرآن مرفوعا - بأساليب شيطانية - على رماح الرياء والتزوير، وما زال الحق المغصوب لصاحب الولاية لم يسترد، وما زال دم مظلوم كربلاء وجميع شهداء الإسلام في غليان، وما زال علي جليس الدار، ومازالت بضعة رسول الله فاطمة الزهراء تثن في بيت الأحزان، وفي مقابل ما زال أمثال معاوية على منابر الكفر.


نعم فعندما نتصفح كتاب التاريخ نجد: أن الشخصية العظيمة الوحيدة، الذي كان بمنزلة نفس الرسول (صلى الله عليه و آله) في خصائصه ومواصفاته، هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فقط، وأن هذا الرداء الملكوتي لا يمكن أن يرتديه أحد غيره، وهو الوحيد القادر على حفظ هذه الأمانة، وتحمل مسؤولية الدين الإسلامي الحنيف، بما كان يحتوي عليه من علم وتقوى وفضائل خرجت من بين المؤالفين والمخالفين ... إن الله سبحانه، ورسوله الأكرم (صلى الله عليه و آله)، اختصا كرسي الولاية والخلافة بأمير المؤمنين علي (ع) ، وأولاده الطاهرين (صلوات الله عليهم) لأن لا أحد سواهم يستحق ذاك الموقع والمكانة، ومن كان له أدنى معرفة بتاريخ الإسلام، وتبصر بعين الحقيقة المجردة، يجد صحة هذا الكلام جليا وواضحا ...


إن أعداء علي (ع) - فضلا عن أحبائه - ومع كل العناد الذي كانوا يضمرونه له، لم يتمكنوا أن ينكروا فضله وموقعه، وراحوا يعترفون بمقامه الشامخ في الإسلام، وأن لا مثيل له، ولا نظير، بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله). 


وهاهي الكتب مشحونة بتصاريحهم بذلك، وسجلها التاريخ بحيث لا مجال لنا بذكرها في هذا المجال المختصر.