خادم الشريعة الغراء آية الله المعظم المجاهد
الحاج ميرزا عبدالرسول الحائري الإحقاقي قدس سره
التوحيد هو الولاية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الانبياء والمرسلين حبيب قلوبنا وطبيب نفوسنا ابي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين الى قيام يوم الدين آمين رب العالمين.
{يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ} (المائدة:٦٧)
تعلمون أن البشرية في تطورها ونموها كالإنسان بحاجة إلى مربي ومعلم قدير يرقى به إلى مدارج الكمال فالأمم الماضية لم تكن قادرة على حمل الرسالة المحمدية ولم تكن قد تعرفت على النعمة الحقيقية حتى حان موعد ظهور الموجود الكامل والنور الأول محمد وآل محمد صلوات الله عليهم أجمعين بعد أن تهيأت النفوس وتنورت العقول على أيدي الأنبياء والأوصياء الصالحين فاكمل الله سبحانه وتعالى نعمته على هذه الأمة المرحومة برسالة اكمل الرسل في غدير خم في حجة الوداع بإعلان الولاية الكلية الإلهية المطلقة لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهما السلام فيها تمت النعمة وكمل الدين ورضي الرب لنا الإسلام دينا، فبشر المقرين المؤمنين بهذا الأصل الثالث من أصول الدين انهم بلغوا الكمال وحازوا الإيمان الحقيقي، لان إنكار الولاية إنكار للإسلام وهو الكفر والشرك الحقيقي {وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ} لأن الولاية لعلي وذريته عليهم السلام تعادل الرسالة والقرآن وهما لن يفترقا إلى يوم القيامة.
أبنائي المؤمنين .. إن للولاية مراتب، أولها العلم بكلام المعصومين عليهم السلام واستيعاب أحاديثهم، وثانيها العمل بأوامرهم والانتهاء عن نواهيهم ومتابعتهم في كل الأمور فهم أعظم نعم الله، لا أنهم بعض نعم الله لان جميع النعم منهم وبهم وعنهم وإليهم عليهم السلام قال تعالى {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً} (المائدة:٣) وجدير بالقول أن لكل مؤمن دليل ذاتي وآية تدل على ولايته ومحبته لأمير المؤمنين وآله الطاهرين عليهم السلام وهو البكاء على الحسين عليه السلام لأنهم أصل المحبة واصل كل نعمة، وأدنى المحبة أن يميل القلب إليهم والى أوليائهم وينصرف عن أعداءهم وأولياء أعداءهم.
فعن سليمان بن جعفر الجعفري قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول لأبي: مالي رأيتك عند عبد الرحمن بن يعقوب؟
قال: إنه خالي،
فقال له أبو الحسن عليه السلام: إنه يقول في الله قولا عظيما، يصف الله تعالى ويحده، والله لا يوصف. فإما جلست معه وتركتنا وإما جلست معنا وتركته
فقال : إن هو يقول ما شاء، أي شيء علي منه إذا لم أقل ما يقول؟
فقال له أبو الحسن عليه السلام: أما تخافن أن تنزل به نقمة فتصيبكم جميعا.
أبنائي .. أدعوكم وأحثكم خصوصا المؤمنين الكاملين المتقين أن تتحدوا مع إخوانكم المؤمنين حتى وإن كانوا من أصحاب الذنوب لأنكم من أصل واحد إنكم من شعاع أنوار محمد وآله الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين، فان لم يقبل المؤمن الكامل إخوانه الذين هم أدنى منه حتى يكونوا مثله فلن يقبله المعصمون حتى يكون مثلهم وأنى له بذلك فاعتبروا واتحدوا حول الولاية فهي الجامعة التي تجمع المختلفين المتفاوتين من المؤمنين وتحصنهم من مكر أعداءهم المنكرين وتحميهم من فتن المنافقين.
أما أعلى مراتب المحبة فهي أن ينشغل القلب بذكرهم عليهم السلام وبالصلوات عليهم والتسليم لهم في كل شيء في أحكام فروع الدين (الفقه) وفي التوحيد وأصول الدين (الحكمة) والتفويض إليهم في كل ما يرد عليه ظاهرا وباطنا والرد إليهم والأخذ عنهم والاتباع لهم والاقتداء بهم في كل شيء من الاعتقادات والمعارف والأعمال والأقوال والأحوال.
خلاصة القول إن الشرك الحقيقي هو إنكار الولاية، والتوحيد هو الولاية، والروح التي نفخت في آدم هي الولاية وروح الآذان هي الشهادة الثالثة (الولاية) بل إن كل العبادات التي هي فروع الدين العشرة إنما هي جزء من الولاية الكلية الإلهية المطلقة لمحمد وآله الطاهرين لأنها الأصل الذي من لم يعرفه تاه في ظلمات الشرك وضل عن الدين الحق.