خادم الشريعة الغراء آية الله المعظم المجاهد
الحاج ميرزا عبدالرسول الحائري الإحقاقي قدس سره
الحسين أبقى على
الوجود تكوينا و تشريعا
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الانبياء والمرسلين حبيب قلوبنا وطبيب نفوسنا ابي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين الى قيام يوم الدين آمين رب العالمين.
قال الحجة عجل الله تعالى فرجه الشريف "بل قلوبنا أوعية لمشيئة الله إذا شاء الله شئنا وإذا شئنا شاء الله".
فإذا أراد الله سبحانه وتعالى شيئا وقع في قلب المعصوم أولا ثم بعد ذلك يخرج من قلوبهم ويتحقق في الخارج، لذلك كانت لهم الإحاطة بكل ذرات الوجود صلوات الله عليهم أجمعين بهذا صار المعصوم عين الله ويد الله ولسان الله يظهر ما في إرادة الله كما يظهر اللسان ما في القلب قال تعالى {وَ ما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَ لكِنَّ اللَّهَ رَمى} (الأنفال:١٧) ... فيد الرسول صلى الله عليه وآله هي يد الله فالرمي ظاهر بالرسول وباطن بالله لان الله سبحانه خلقهم في أعلى درجات الكمال إذ لا يسع الوجود أكمل منهم وبذلك صارت لهم الولاية الكلية الإلهية التشريعية والتكوينية فمن ينسب السهو والخطأ للرسول ويقول إن النبي ليهجر إنما ينسب الهجر إلى الله تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.
أما في ذلك اليوم الذي أحرق القلوب … في اليوم العاشر من المحرم وفي تلك الساعة حيث حرارة الشمس وثقل الحديد ولهيب الصحراء وشدة العطش وفي مرمى السهام والرماح وتحت ظلال السيوف بين الأطفال المذعورين وسط القتلى والجرحى في تلك الساعة الرهيبة كان فناء الأعداء بل فناء الوجود حتم لابد منه لو أن الحسين قال حرفا واحدا (لا) حين عرضت عليه الشهادة لكنه صلوات الله عليه مع علمه بما يجري على عياله ونساءه من بعده من قتل وحرق وشتم وأسر وسبي وهوان مما لا يطيق حمله أي رجل غيور فكيف بالحسين وهو حجة الله البطل الشجاع القوي الأمين كما كان أمير المؤمنين عليهما السلام لكنه عليه السلام قَبِلَ القتل والشهادة وأبقى بذلك على الدين بل على الوجود تشريعاً و تكويناً.
فانه عليه السلام في هجومه على الأعداء حيث بدؤه بالحرب فثبت للطعن والضرب طحن جنود الفجار مجالدا بذي الفقار يحصدهم بيد هي يد الله حتى كاد أن يفنيهم فلم تكن تصل إليه السيوف ولا يصيبه السهام، في تلك اللحظة وفي قمة الهيمنة وعظمة القدرة سمع هاتفا يقول … "حسين أنسيت العهد الذي بيننا ... لقد قبلت الشهادة يا حسين" ... فتوقف الحبيب مستسلما لإرادة المحبوب متكأ على رمحه وهو يقول: "إن كان دين محمد لم يستقم إلا بقتلي يا سيوف خذيني" … و ما هي إلا لحظات حتى أحاطوا به من كل الجهات كما أحاطوا من قبل بأبيه المقيد بالوصية، فأتته السهام من كل جانب تتبعها الرماح تتلوها الحجارة، حتى صك الحجر جبينه المقدس واخترق السهم المثلث قلبه الشريف وفار الدم من قلب الوجود كالميزاب وأثخن بالجراح فسقط على الأرض جريحا تطأه الخيول بحوافرها وتعلوه الطغاة ببواترها قد رشح للموت جبينه واختلفت بالانقباض والانبساط شماله ويمينه وتجلط الدم في قلبه من شدة الظمأ ونزف الجراح فأبكى برزيته أهل السموات و الأرض حتى قضى وهو يقول:
تركت الخلق طرا في هواكا
وأيتمت العيال لكي أراكا
فلو قطعتني في الحب إربا
لما مال الفؤاد إلى سواكا
هذا ما كان في يوم العاشر حيث امتاز الأخيار عن الفجار وهذا ما سيكون يوم القيامة فقد ثبت في الحكمة أن كل جنس ينجذب إلى جنسه وحيث خلقت الجنة من أنوار المعصومين عليهم السلام وفي محبتهم فإنها تلقائيا سوف تجذب إليها المؤمنين الموالين وبالعكس فإن النار ستجذب إليها أعداء الولاية وتقول هل من مزيد، لذلك كان حب علي جنة وصار هو قسيم النار والجنة وعلامة ذلك في الدنيا أن ينجذب المؤمن إلى المعصومين عليهم السلام وإلى نوابهم بالحق والى الموالين المحبين وعلامة أهل النار العداء لأهل البيت عليهم السلام ولنوابهم بالحق والقاء الفتنة بين المؤمنين.
السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين ورحمة الله وبركاته.