خادم الشريعة الغراء آية الله المعظم المجاهد
الحاج ميرزا عبدالرسول الحائري الإحقاقي قدس سره
عدتم إلى مقام الإنسانية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الانبياء والمرسلين حبيب قلوبنا وطبيب نفوسنا ابي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين الى قيام يوم الدين آمين رب العالمين.
أبنائي الأعزاء
مضى شهر رمضان شهر الله الشهر الذي أنزل فيه القرآن شهر التوبة والغفران، فلنحاسب أنفسنا هل عدنا من هذا السفر المعنوي سالمة قلوبنا مغفورة ذنوبنا طاهرة أرواحنا صافية أجسامنا ؟ أليست الحمية رأس كل دواء؟
ولا تكفي الحمية من الطعام والشراب، بل الحمية من الذنوب أولى لأن بها سلامة النفوس والأرواح، وإن كانت صحة الأبدان مهمة فصحة الأرواح أهم.
أبنائي الأعزاء
ليست الجنة بكثرة الأعمال بل بالمحبة والإخلاص والتوجه لله حتى ولو كان هذا التوجه لحظة واحدة، نعلم أن الجنة خلقها الله للموالين المحبين أما التنافس بين المؤمنين ففي نيل الدرجات العالية بجوار محمد وآله الميامين سلام الله عليهم أجمعين.
فالصيام كغيره من سائر التكاليف العبادية وسيلة للعروج والعودة إلى حيث المبدأ {إِنَّ إِلى رَبِّكَ الرُّجْعى} (العلق:٨) فلا يدرككم العيد إلا وقد عدتم إلى مقام الإنسانية الحقة، ولا يلتفت منكم أحد وامضوا حيث تؤمرون حيث تعجز الحواس الظاهرية حتى العقل عن القيام فيقع مغشيا عليه تحت العرش عند المحبوب الحقيقي الذي هو بعينه ذلك المكلم نبي الله موسى بن عمران (ع) في الشجرة بأني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري وهو يأخذ عن رجل من الكروبيين والذي يأخذ عن رجل من العالين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
ومن أهم الأمور التي تعين الإنسان على الصلاح هما الصحة والأمان، وقد تفضل الله تبارك وتعالى بهما علينا في الكويت العزيزة ونسأله سبحانه أن يديم هاتان النعمتان المجهولتان علينا إلى ظهور القائم ومعه عجل الله تعالى فرجه الشريف، فحافظوا على الصحة والأمان في بلدكم الغالي بالأعمال الصالحة وخدمة المجتمع بالوحدة والاتحاد والتعاون على البر والتقوى قال تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَ أْمُرْ بِالْعُرْفِ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ} (الأعراف:١٩٩) إن الإعراض عن الجاهلين الذين يكفرون بنعم الله وينفقونها في سبيل الطاغوت وفي طريق التفرقة والفساد والطغيان كفرعون وقارون، والتباعد عن مجالسهم هو سبيل النجاة.
وصلاح المجتمع لا يتم إلا بمعرفة فرعون كل زمان وقارون كل زمان والابتعاد عنهم لان نجاستهم الظاهرية والباطنية مسرية معدية فاجتنبوا الطاغوت وبطانته المنافقين فإن النفاق سرطان الروح.
{وَ لا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ} (آل عمران:١٧٨)