إذا جاءكم فاسق

سماحة الحكيم الإلٰهي والفقيه الرباني المولىٰ

 ميرزا عبد الله الحائري الأحقاقي حفظه الله


إذا جاءكم فاسق


بسم الله الرحمن الرحيم


اللهم صلّ على محمدٍ وآل محمد


يقول تعالى في محكم التنزيل : {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ} (الحجرات:٦) .


دار الدنيا هي دار ممر لا دار مقر .. دار للاختبار والابتلاء ليحيى من حي عن بيّنة ويهلك من هلك عن بيّنة ، ولكن هذه الدار لما تزينت بغرورها اغتر بها الجاهل وصار يطلبها بحلالها وحرامها ، في حين أن الكيس الفطن يطلب الآخرة لأنها الحياة الباقية ، وطلب الآخرة يعني الغفلة عن هذه الدنيا الدنية والتي حبها هو رأس كل خطيئة .


حب الدنيا الذي جعل ابن سعد يرخص قتل ابن بنت رسول الله (صلى الله عليه و آله) في مقابل ملك الري .. حب الدنيا جعل أهل الكوفة يبيعون أديانهم لابن زياد وينكثون بيعة الحسين (ع) ، حب الدنيا الذي جعل المتلبسين بلباس العلماء يتجاسرون على أساطين العلم وأعمدة الدين کشيخنا الكبريائي الأوحد (أحمد بن زين الدين الأحسائي أعلى الله مقامه) ، بهذا العالم حمى أهل البيت بيضة الإسلام لأنه مفتاح علومهم الحقة ، ولكن الحساد والمنافقين الذين يدعون الانتساب إلى الملة والمذهب وقفوا ممثلين عكوسات الأنوار بتجسيدهم الصارخ لضد الآية الشريفة {وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} (الفتح:۲۹) فتشددوا أمام هذا العالم الجليل متكلفين على أنفسهم قول البهتان والزور في سبيل إطفاء نور الله ويأبى الله إلا أن يتم نوره .


ولكن علماؤنا الأعلام أعلى الله كلمتهم نذروا أنفسهم للدفاع عن المظلوم ، والتصدي للوقوف في وجه طلاب الدنيا ولذائذها من مال أو جاه أو شهرة على حساب علمائنا العظام ، فأحقوا الحق بإيضاحهم الحقايق وكشفهم عن حقيقة الواقع وابطالهم زيف أدلة أصحاب الجهالة ، الذين نسبوا إلى شيخنا من دون تدقيق مدعين للتصنيف والتحقيق فسطروا ما ليس بحقيق ونقلوا عبائره نقلاً غير دقيق ، ونسجوها على مقتضى أغراضهم المريضة ، وإن صدقهم من صدق .. وإن اعتذر لهم البعض بجهلهم للاصطلاحات المخصوصة فإنهم يقيناً خالفوا صريح الروايات الواردة عن آل بيت العصمة في حمل فعل المؤمن وقوله على سبعين محمل صحيح لنسبته إليهم ، فوقعوا في خطل الأوهام ومزال الأقدام .


 كيف يكون التجاسر بهذا الشكل المشين على ذلك الوجه المستنير الظاهر لنا من مقام المولى صاحب الأمر (ع) في زمن غيبته ، فالجليل جل وعلا أورث العلماء العلم وعلو الشأن والرفعة قبل أن يورثهم البلاء (العلماء ورثة الأنبياء) .