شهر الله (مرور عام على وفاة الإمام المصلح قدس سره)

خادم الشريعة الغراء آية الله المعظم المجاهد 

الحاج ميرزا عبدالرسول الحائري الإحقاقي قدس سره


شهر الله


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الانبياء والمرسلين حبيب قلوبنا وطبيب نفوسنا ابي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا،  واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين الى قيام يوم الدين آمين رب العالمين.


في هذا الشهر العظيم تمر علينا ذكرى مناسبتين اليمتين وعظيمتين ألا وهما ذكرى استشهاد أمير المؤمنين وسيد الوصيين، وحجته على العالمين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين، وقاتل الناكثين، والقاسطين، والمارقين، أمير البررة، وأعظمهم حسبا، وأكرمهم نسبا، وارحمهم بالرعية، وأعد لهم بالسوية، وأبصرهم بالقضية، أول القوم إسلاما، وأخلصهم إيمانا، وأشدهم يقينا، وأكثرهم علما، وأوفرهم حلما، وأشجعهم قلبا، وأسخاهم كفا، وأخوفهم لله عز وجل، وأعظمهم عناء، وأكثرهم بلاء، وأحوطهم على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، الإمام الباهر، والبحر الزاخر، والسيف الباتر، وقسيم الجنة والنار، وإمام الأخيار، أسد الله الغالب، وصاحب المناصب والمناقب، المرتضى علي بن أبي طالب عليه السلام فعظم الله أجورنا وأجوركم بهذا المصاب الجلل. 


وأما الذكرى الثانية هي مرور عام على وفاة مرجعنا الديني الكبير الإمام المصلح والعبد الصالح والدي المعظم الحاج ميرزا حسن الحائري الإحقاقي قدس سره الشريف. 


لقد قضى هذا المرجع العظيم الذي أحبه العدو قبل الصديق  لقد قضى هذا المرجع العظيم الذي عاش مصلحا ومات أباً للمصلحين!


قضى هذا المصلح ذو الاستقامة والدعوة إلى الخير. وذو العبقرية التي أبت وترفعت ومضت في طريق الإنسانية والكرم الإنساني لا تهادن ولا تلين!


لقد انفق هذا المرجع العظيم كل حياته وماله في خدمة الدين وأهل البيت عليهم السلام ولم يخلف درهما واحدا إلا أوقفه في خدمتهم عليهم السلام. 


قضى هذا المرجع العظيم الذي بأياديه البيضاء ملئت ربوع العالم بمؤسساته وخيراته وعطفت تمسح على رأس اليتيم والفقير والمسكين براحت كفيه المباركة تسكن آلامهم وجوعهم وعطشهم. 


قضى هذا المرجع العظيم ومازالت كلماته وأخلاقه الفاضلة وإنسانيته ترن أسماعنا وأذهاننا حيث شبهها أكثر العلماء الأعلام ووجهاء العصر بأخلاق رسول الله (صلى الله عليه و آله)، وكذلك شبهوا جوده وسخاءه وصلحه بالإمام الحسن المجتبى سلام الله عليه، وانتصاره على أشباه معاوية في هذا الزمان، مقتديا بمولاه المظلوم الإمام الحسن عليه السلام، والتي بذكرى ولادته الميمونة الطاهرة في هذا الشهر العظيم أبت الأقدار الإلهية إلا أن تستضيفه وتزف روحه الطاهرة إلى جنات الخلد مع الزهراء وأبيها وبعلها وبنيها عليهم السلام.


فيالها من مدرسة عظيمة درّس فيها السابقون واللاحقون مقتبسة منها الإصلاح والصلاح لروحها وجسدها داعية إلى الوحدة ووحدة الكلمة. 


فسلام عليك أيها الإمام المصلح يوم ولدت عظيما ومت على الأرض عظيما ويوم وارى جثمانك الطاهر محبيك إلى مثواك الأخير ويوم تبعث حيا. 


أيها المؤمنون، وبحلول شهر رمضان المبارك، نبارك لكم صيامه وقيامه في لياليه وأيامه، حيث أن صوم هذا الشهر كله خير كما قال تبارك وتعالى: {وَ أَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} خير للأبدان، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "صوموا تصحوا" فصحة الأبدان بالصيام والتقليل من الشراب والطعام، فإذا صح البدن وأصبح سالما أصبح العقل سالما، والشعور سالما، والتدبير لأن العقل السالم في البدن السالم كما قالوا. 


وأما أنه خير للأرواح، فالروح ترتاح في البدن السالم والجسد الخفيف وتكون حرة تشتاق إلى عبادة ربها وسوق الخيرات إلى نوعها وهكذا. وأما أنه خير للمجتمع، فإذا صام المؤمن الغني وجاع تذكر جوع إخوانه المساكين وواساهم بماله.


وأما أنه خير للأخلاق، فالأمانة والصبر والحياء والمواساة من مكارم الأخلاق التي توجب تقدم الفرد والجماعة في تنازع الحياة والقوة والاستقلال.


فالصوم رياضة شرعية عقلية للوصول إلى الأخلاق الفاضلة النافعة، فإذا تمرنت ثلاثين يوما صارت هذه الخصال الحميدة والصفات المحمودة فيك عادة فتنقذك من أرض الناسوت وتطير بك إلى سماء الملكوت بشرطها وشروطها ومن شروطها الإيمان بالعمل و اليقين بمنافعه.


وفي الختام أسال الله العلي القدير في هذا الشهر الفضيل ان يمن على سمو أمير البلاد بموفور الصحة والعافية وأن يرجعه إلى أرض الوطن سالماً غائماً. وأن يحفظ الله أمير الكويت وشعبها من كل سوء ومكروه.