لله ديـنــك جـنَّــة مـخـتــومــة
من كلّ فاكهةٍ بها زوجان
دین تدفّقَ حـكـمـةً وتـجـــدداً
كالبحـر لفظاً ، والسمـاء مـعـانـي
ألَّـفـتَ مــنــهُ وحــدةً كــونـيـة
العبدُ والمــولــى بهـا نِـدّان
يا مَنْ يموت ودرعُهُ مرهونَةٌ
قد دُسْتَ مَجْدَ الأصفر الــرَّنـــان
لو أدَّتِ الناسُ الزكاةَ ، وأنصفـوا
مـا كـانَ فـي الـــدنيــا فقـيـــر عــــان
يسَّرت للناس الشؤونَ فأيسروا
أما الهـــوى فـكـبـحـتَــهُ بـعـنـــان
وَجَمَعْتَ حَوْلَكَ يا رسولُ صحابةً
بعمــائـم أَزهى مـن التـيـجـــان
خشنت ملابسُهم ، ولان جوارُهم
بالعدل ، فالأعداء كالإخوان
تشقى العدالة في القصور، وأنتَ قد
أسعدتها بمضارب العـربـان
أمعلّم التوحيد وحّد أُمَّة
قَدْ فرَّقتهـا نـعـــرةُ الأديان
فتخالفت جُمُعاًً وآحاداً وأسـماءً
فــمـــارونٌ ســــوى مـــروان
قومٌ تقضُّ فراشَهم آراؤهم
ومسيحهم ورســـولـهــم أخـــوَانِ
يتنازعون على السماء وأَرضُهم
في قبضة الروّاد والحــدثـــان
فلتنـحـنِ الأجيال إجلالاً إذا
ذُكِرَ النبيُّ الأَطهُرَ العـــدنــاني
أَلمالىء الدنيـا بـذكـر الله ، والـدْ
داعي شعوب الأرض للوحدان
ولينعقِ المتعصَّبونِ فلم يــضــــر
طير الجنان تمطَّق الغــربـان (۱)
هذا ما وقفت عليه من كلام شاعر مسيحي ، مثقف ، ولاحظت كلامه العذب الصريح ، واعترافه بأنَّ الإسلام والقرآن ، بما فيه من قوانين فطرية ، متوافقة مع الضمائر الإنسانية ، سيحكم الدنيا ، والمجتمعات البشرية ، ويسود العالم بمعالمه العالية المتكاملة ، وينسخ كل الشرائع السماوية ، والأفكار ، والأنظمة الإجتماعية الإنسانية ، وتلغى كل القوانين الوضعية ، ولن يمكنهـا الثبات أمام قوانين القرآن العظيم ...
هذا كلام مفكر معاصر ، وقد مرَّ عليك تصريح ذلك الرجل «العظيم» ، عدو الله ورسوله ، وعدو الرسالة في صدر الإسلام «الوليد بن المغيرة» ، حيث نطق بما يملي عليه وجدانه ، وفطرته ، وقال في القرآن ، وهو على ما هو عليه من العناد : «إنه يعلو ولا يُعلى عليه!».
وإذ وقفت على شيء من عظمة القرآن الكريم ، بمقدار ما يناسب المقام ، وقرأت شواهد على ذلك ، واعتراف الشخصيات العظيمة فيه ، بما ينوّر أفكار جيل الشباب المتعطش إلى معرفة الحقيقة ، لاتباعها والابتعاد عن الأفكار الوضعية الضالة المضلَّة ، نرى أن نبيّن لك بعض الإصطلاحات القرآنية ، ومقدمات تفسير القرآن ، ليتسنى لأولادنا فهمه ، والخوض فيه ، والوقوف على واقعه العلمي العميق ، فيعتزوا به كتاباً ، وبرنامجاً ، ومنهاج حياة ، ثم يلتزمون به دون سواه.