- محمد بن سعد بن مزيد ومحمد بن أبي عوف ، قالا : حدثنا محمد بن أحمد بن حماد أبو علي المحمودي المروزي ، رفعه ، قال : أبو ذر الذي قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
ما أظلَّت الخضراء ، ولا أقلَّت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر ، يعيش وحده ، ويموت وحده ، ويبعث وحده ، ويدخل الجنة وحده ، وهو الهاتف بفضائل أمير المؤمنين ، ووصيّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، واستخلافه إياه ، فنفاه القوم عن حرم الله ، وحرم رسوله ، بعد حملهم إياه من الشام ، على قتب بلا وطاء ، وهو يصيح فيهم : قد خاب القطار يحمل النار.
سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول : إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلاً ، اتخذوا دين الله دخلاً ، وعباد الله خولاً ، ومال الله دولاً .
فقتلوه فقراً وجوعاً وذلاً وضراً وصبراً.
- أبو علي أحمد بن علي السلولي (عن) شقران القمي ، قال : حدثني الحسن بن حماد ، عن أبي عبد الله البرقي ، عن عبد الرحمن بن محمد بن أبي حكيم ، عن أبي خديجة الجمال ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
دخل أبو ذر على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومعه جبريل،
فقال جبريل : من هذا يا رسول الله؟
قال : أبو ذر،
قال : أما إنه في السماء ، أعرف منه في الأرض ، وسأله عن كلمات يقولهن إذا أصبح،
قال : فقال : يا أبا ذر كلمات تقولهن إذا أصبحت فما هن؟
قال : أقول يا رسول الله : اللهمَّ إني أسلك الإيمان بك ، (والتصديق بنبيّك) والعافية من جميع البلايا ، والشكر على العافية والغنى عن (شرار) الناس (۱).
- حمدويه وإبراهيم ابنا نصير ، قالا : حدثنا أيوب بن نوح ، عن صفوان بن يحيى ، عن عاصم بن حميد الحناط ، عن أبي بصير ، عن عمرو بن سعيد ، قال : حدثنا عبد الملك بن أبي ذر الغفاري ، قال:
بعثني أمير المؤمنين (عليه السلام) ، يوم مزق عثمان المصاحف،
فقال : ادعُ أباك ،
فجاء أبي إليه مسرعاً
فقال : يا أبا ذر ، أتى اليوم في الإسلام أمر عظيم ، مُزق كتاب الله ، ووضع فيه الحديد ، وحق على الله أن يسلط الحديد على من مزق كتابه بالحديد.
قال : فقال له أبو ذر : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول : إن أهل الجبرية من بعد موسى ، قاتلوا أهل النبوة ، فظهروا عليهم ، فقتلوهم زماناً طويلاً ، ثم إن الله بعث فتية ، فهاجروا إلى غير آبائهم ، فقاتلوهم فقتلوهم ، وأنت بمنزلتهم يا عليّ .
فقال علي : قتلتني يا أبا ذر.
فقال أبو ذر : أما والله لقد علمت أنه سيبدأ بك.
- حمدويه وإبراهيم ابنا نصير ، قالا : حدثنا أيوب بن نوح ، عن صفوان بن يحيى ، عن عاصم بن حميد الحنفي ، عن فضيل الرسان ، قال : حدثني أبو عبد الله عن أبي سخيلة ، قال: حججت أنا وسلمان بن ربيعة ، قال : فمررنا بالربذة ، قال : فأتينا أبا ذر ، فسلمنا عليه ، قال: فقال لنا :
إن كانت بعدي فتنة ، وهي كائنة ، فعليكم بكتاب الله ، والشيخ علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، فإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو يقول :
علي أول من آمن بي وصدقني ، وهو أول من يصافحني يوم القيامة ، وهو الصديق الأكبر ، وهو الفاروق بعدي ، يفرق بين الحق والباطل ، وهو يعسوب المؤمنين ، والمال يعسوب الظلمة.
- وبهذا الإسناد عن الفضيل الرسان ، قال: حدثني أبو عمر ، عن حذيفة بن أسيد ، قال : سمعت أبا ذر يقول - وهو متعلق بحلقة باب الكعبة -:
أنا جندب بن جنادة لمن عرفني ، وأنا أبو ذر لمن لم يعرفني ، إني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو يقول:
من قاتلني في الأولى والثانية ، فهو في الثالثة من شيعة الدجال ، إنما مثل أهل بيتي في هذه الأُمة ، مثل سفينة نوح في لجة البحر ، من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق ، ألا هل بلَّغت؟.
- جعفر بن معروف ، قال : حدثني الحسن بن علي بن النعمان ، قال: حدثني أبي ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول :
أرسل عثمان إلى أبي ذر موليين له ومعهما مائتا دينار ، فقال لهما : انطلقا بها إلى أبي ذر فقولا له : إن عثمان يقرأك السلام ، وهو يقول لك هذه مائتا دينار فاستعن بها على ما نابك.
فقال أبو ذر : هل أعطى أحداً من المسلمين مثل ما أعطاني؟
قالا : لا .
قال : فإنما أنا رجل من المسلمين ، يسعني ما يسع المسلمين.
قالا له : إنه يقول هذا من صلب مالي ، وبالله الذي لا إله إلا هو، ما خالطها حرام ، ولا بعثت بها إليك إلا من حلال.
فقال : لا حاجة لي فيها ، وقد أصبحت يومي هذا ، وأنا من أغنى الناس.
فقالا له : عافاك الله وأصلحك! ما نرى في بيتك قليلاً ولا كثيراً مما يستمتع به؟
فقال : بلى ، تحت هذا الإكاف الذي ترون رغيفا شعير ، قد أتى عليهما أيام ، فما أصنع بهذه الدنانير ، لا والله حتى يعلم الله أني لا أقدر على قليل ولا كثير ، ولقد أصبحت غنياً بولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام) وعترته الهادين المهديين الراضين المرضيين ، الذين يهدون بالحق وبه يعدلون ، وكذلك سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول ، فإنه لقبيح بالشيخ أن يكون كذاباً ، فرُدّاها عليه ، وأعلماه أنه لا حاجة لي فيها ولا فيما عنده ، حتى ألقى الله ربي ، فيكون هو الحاكم فيما بيني وبينه.
- حدثني علي بن محمد القتيبي ، قال : حدثني الفضل بن شاذان ، قال : حدثني أبي ، عن علي بن الحكم ، عن موسى بن بكر ، قال : قال أبو الحسن (عليه السلام) :
قال أبو ذر : من جزى الله عنه الدنيا خيراً ، فجزاها الله عني مذمة ، بعد رغيفيْ شعير ، أتغدى بأحدهما وأتعشى بالآخر ، وبعد شملتيْ صوف أتزر بإحداهما ، وأرتدي بالأُخرى.
قال : وقال : إن أبا ذر بكى من خشية الله ، حتى اشتكى عينيه ، فخافوا عليهما،
فقيل له : يا أبا ذر ، لو دعوت الله في عينيك؟
فقال : إني عنهما لمشغول ، وما عناني أكبر.
فقيل له : وما شغلك عنهما؟
قال : العظيمتان الجنة والنار.
قال : وقيل له عند الموت: يا أبا ذر ، ما مالك؟
قال عملي .
قالوا : إنا نسألك عن الذهب والفضة؟
قال : ما أصبح فلا أمسى ، وما أمسى فلا أصبح ، لنا كندوج ندع فيه حر متاعنا ، سمعت حبيبي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول : كندوج المرء قبره.
- محمد بن مسعود ومحمد بن الحسن البراثي ، قالا : حدثنا إبراهيم بن محمد بن فارس ، قال : حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن محمد بن سنان عن الحسين بن المختار ، عن زيد الشحام ، قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول :
طلب أبو ذر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فقيل له إنه في حائط كذا وكذا ، فتوجه في طلبه ، فوجده نائماً ، فأعظمه أن ينبهه ، فأراد أن يستبرئ نومه من يقظته ، فأخذ عسيباً يابساً فکسره ، ليسمعه صوته ، فسمعه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فرفع رأسه.
فقال : يا أبا ذر تخدعني؟ أما علمت أني أرى أعمالكم في منامي ، كما أراكم في يقظتي ، إن عينيَّ تنامان ولا ينام قلبي (١).