- أبو عبد الله جعفر بن محمد شيخ من جرجان عامي ، قال: حدثني محمد بن حميد الرازي ، قال : حدثنا علي بن مجاهد ، عن عمرو بن أبي قيس ، عن عبد الأعلى ، عن أبيه ، عن المسيب بن نجبة الفزاري ، قال:
لما أتانا سلمان الفارسي قادماً ، تلقيته في من تلقاه ، فسار حتى انتهى إلى كربلاء.
فقال : ما تسمّون هذه؟
قالوا : كربلاء،
فقال : هذه مصارع إخواني ، هذا موضع رحالهم ، وهذا مُناخ رِكابهم ، وهذا مهراق دمائهم ، قتل بها خير الأولين ، ويقتل بها خير الآخرين.
ثم سار حتى انتهى إلى حروراء ، فقال : ما تسمّون هذه الأرض؟
قالوا : حروراء .
فقال : حروراء خرج بها شر الأولين ، ويخرج بها شر الآخرين.
ثم سار حتى انتهى إلى بانقيا ، وبها جسر الكوفة الأول ، فقال : ما تسمون هذه؟
قالوا : بانقيا ،
ثم سار حتى انتهى إلى الكوفة قال : هذه الكوفة ؟
قالوا : نعم .
قال : قبة الإسلام .
- محمد بن مسعود ، قال : حدثنا أبو عبد الله الحسين بن أشكيب ، قال: أخبرني الحسن بن خرزاذ القمي ، قال : أخبرنا محمد بن حماد الساسي ، عن صالح بن فرج ، عن زيد بن المعدل ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
خطب سلمان فقال : الحمد لله الذي هداني لدينه ، بعد جحودي له إذ أنا مُذْكٍ لنار الكفر أُهِلّ لها نصيباً أو أُثبت لها رزقاً ، حتى ألقى الله عزّ وجلّ في قلبي حب تهامة ، فخرجت جائعاً ظمآن ، قد طردني قومي ، وأُخرجت من مالي ، ولا حمولة تحملني ولا متاع يجهزني ولا مال يقويني ، وكان من شأني ما قد كان ، حتى أتيت محمداً (صلى الله عليه وآله وسلم) فعرفت من العرفان ما كنت أعلمه ، ورأيت من العلامة ما أُخبرت بها ، فأنقذني به من النار ، فبنت من الدنيا على المعرفة التي دخلت عليها في الإسلام.
ألا أيها الناس ، اسمعوا من حديثي ، ثم اعقلوا عني ، قد أُوتيت من العلم كثيراً ، ولو أخبرتكم بكل ما أعلم لقالت طائفة : مجنون ، وقالت طائفة أُخرى : اللهمَّ اغفر لقاتل سلمان.
ألا إنّ لكم منايا تتبعها بلايا ، فإنّ عند عليّ (عليه السلام) علم المنايا ، وعلم الوصايا وفصل الخطاب ، على منهاج هارون بن عمران ، قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : أنت وصيّي وخليفتي في أهلي بمنزلة هارون من موسى ، ولكنكم أصبتم سنّة الأوّلين ، وأخطأتم سبيلكم ، والذي نفس سلمان بيده ، لتركبن طبقاً عن طبق ، سنة بني إسرائيل القذة بالقذة.
أما والله لو ولَّيتموها علياً ، لأكلتم من فوقكم ومن تحت أرجلكم ، فأبشروا بالبلاء ، واقنطوا من الرخاء ، نابذتكم على سواء ، وانقطعت العصمة فيما بيني وبينكم من الولاء.
أما والله لو أني أدفع ضيماً ، أو أُعِزّ لله ديناً لوضعت سيفي على عاتقي ، ثم لضربت به قدماً قدماً ، ألا إني أُحدثكم بما تعلمون وبما لا تعلمون ، فخذوها من سنة السبعين بما فيها.
ألا إنّ لبني أمية في بني هاشم نطحات . (وإنّ لبني أُميّة من آل هاشم نطحات) (۱) ألا إن بني أمية كالناقة الضروس ، تعض بفيها ، وتخبط بيديها ، وتضرب برجليها ، وتمنع درَّها.
ألا إنه حق على الله أن يذل باديها ، وأن يظهر عليها عدوها ، مع قذف من السماء ، وخسف ومسخ ، وسوء الخلق ، حتى إن الرجل ليخرج من جانب حجلته إلى الصلاة ، فيمسخه الله قرداً.
ألا وفئتان تلتقيان بتهامة ، كلتاهما كافرتان ، ألا وخسف بكلب وما أنا وكلب ، والله لولا ما لولا لأريتكم مصارعهم ، ألا وهو البيداء ، ثم يجيء ما تعرفون.
فإذا رأيتم أيها الناس الفتن ، كقطع الليل المظلم ، يهلك فيها الراكب الموضع ، والخطيب المصقع والرأس المتبوع ، فعليكم بآل محمد ، فإنهم القادة إلى الجنة ، والدعاة إليها إلى يوم القيامة ، وعليكم بعليّ ، فوالله لقد سلَّمنا عليه بالولاء مع نبيّنا ، فما بال القوم؟ أحسد؟ فقد حسد قابيل هابيل ، أو كفر؟ فقد ارتدّ قوم موسى عن الأسباط ، ويوشع وشمعون وابنيْ هارون ، شبر وشبير، والسبعين الذين اتهموا موسى على قتل هارون فأخذتهم الرجفة من بغيهم ، ثم بعثهم الله أنبياء مرسلين ، وغير مرسلين ، وأمر هذه الأُمة كأمر بني إسرائيل.
فأين يذهب بكم؟ ما أنا وفلان وفلان ، ويحكم؟ والله ما أدري أتجهلون أم تتجاهلون؟ أم نسيتم أم تتناسون! أنزلوا آل محمد منكم ، منزلة الرأس من الجسد ، بل منزلة العينين من الرأس ، والله لترجعن كفاراً ، يضرب بعضكم رقاب بعض بالسيف ، يشهد الشاهد على الناجي بالهلكة ، ويشد الناجي على الكافر بالنجاة ، ألا إني أظهرت أمري ، وآمنت بربّي وأسلمت بنبيّي ، واتبعت مولاي ومولى كل مسلم.
بأبي أنت وأمي قتيل كوفان! يا لهف نفسي لأطفال صغار! وبأبي صاحب الجفنة والخوان ، نكّاح النساء الحسن بن علي ، ألا إنَّ نبيَّ الله نحله البأس والحياء ، ونحل الحسين المهابة والجود ، يا ويح من احتقره لضعفه ، واستضعفه لقلّته ، وظلم من بين ولده ، وكان بلادهم عامر الباقين من آل محمد.
أيها الناس لا تكلّ أظفاركم عن عدوكم ، ولا تستغشّوا صديقكم ، فيستحوذ الشيطان عليكم ، والله لتبتلن ببلاء لا تغيرونه بأيديكم إلا إشارة بحواجبكم ، ثلاثة خذوها بما فيها وارجوا رابعها وموفيها.
بأبي (١) دافع الضيم ، شقّاق بطون الحبالي ، وحمّال الصبيان على الرماح ، ومغلي الرجال في القدور ، أما إني سأُحدثكم بالنفس الطيبة الزكية ، وتضريج دمه بين الركن والمقام ، المذبوح كذبح الكبش.
يا ويح لسبايا نساء من كوفان! الواردون الثوية ، المستغدون عشية ، وميعاد ما بينكم وبين ذلك فتنة شرقية ، وجاء هاتف يستغيث من قبل المغرب ، فلا تغيثوه لا أغاثه الله ، وملحمة بين الناس ، إلى أن يصير ما ذبح على شيبته (۲) المقتول بظهر الكوفة ، وهي كوفان ، يوشك أن يبنى جسرها ، وتبنى جنبتها ، حتى يأتي زمان لا يبقى مؤمن إلا بها أو يحن إليها ، وقينة (۳) مصبوبة تطأ في خطامها لا ينهيها أحد ، لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته.
وأُحدثك يا حذيفة أن ابنك مقتول ، فإن علياً أمير المؤمنين (عليه السلام) فمن كان مؤمناً دخل في ولايته ، فيصبح على أمر يمسي على مثله ، لا يدخل فيها إلا مؤمن ولا يخرج منها إلا كافر (۱).
- حمدويه وإبراهيم ابنا نصير ، قالا : حدثنا محمد بن عثمان ، عن حنان بن سدير ، عن أبيه ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال:
كان الناس أهل ردة بعد النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) إلا ثلاثة.
فقلت : ومن الثلاثة؟
فقال : المقداد بن الأسود وأبو ذر الغفاري وسلمان الفارسي ، ثم عرف الناس بعد يسير،
قال : هؤلاء الذين دارت عليهم الرحا ، وأبوا أن يبايعوا لأبي بكر ، حتى جاءوا بأمير المؤمنين (عليه السلام) مكرهاً فبايع ، وذلك قول الله عزّ وجلّ:
{وَما مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ} (۲) الآية.
- جبريل بن أحمد الفاريابي البرناني ، قال : حدثني الحسن بن خرزاذ قال : حدثني ابن فضال ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن زرارة ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، قال:
ضاقت الأرض بسبعة : بهم ترزقون وبهم تنصرون وبهم تمطرون ، منهم سلمان الفارسي والمقداد وأبو ذر وعمار وحذيفة (رحمة الله عليهم) وكان علي (عليه السلام) يقول : وأنا إمامهم ، وهم الذين صلّوا على فاطمة (عليه السلام).
- محمد بن مسعود ، قال : حدثني علي بن الحسن بن فضال ، قال : حدثني العباس بن عامر ، وجعفر بن محمد بن حكيم ، عن أبان بن عثمان ، عن الحارث بن المغيرة النضري قال : سمعت عبد الملك بن أعين ، يسأل أبا عبد الله (عليه السلام) قال:
فلم يزل يسأله حتى قال له : فهلك الناس إذاً؟
قال : أي والله يابن أعين هلك الناس أجمعون.
قلت : من في الشرق ومن في الغرب؟
قال : فقال : إنها فتحت على الضلال ، أي والله هلكوا إلا ثلاثة ، ثم لحق أبو ساسان وعمار وشتيرة وأبو عمرة فصاروا سبعة.
- حمدويه ، قال : حدثنا أيوب عن محمد بن الفضيل وصفوان ، عن أبي خالد القماط ، عن حمران ، قال : قلت لأبي جعفر (عليه السلام):
ما أقلَّنا ، لو اجتمعنا على شاة ما أفنيناها!
قال : فقال : ألا أخبرك بأعجب من ذلك؟
قال : فقلت : بلى.
قال : المهاجرون والأنصار ذهبوا إلّا ، وأشار بيده : ثلاثة.
- علي بن محمد القتيبي النيسابوري ، قال : حدثني أبو عبد الله جعفر بن محمد الرازي الخواري من قرية استراباد قال : حدثني أبو الحسين عن عمرو بن عثمان الخزار عن رجل عن أبي حمزة ، قال : سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول:
لما مروا بأمير المؤمنين (عليه السلام) ، وفي رقبته حبل آل زريق (۱) ، ضرب أبو ذر بيده على الأُخرى ، ثم قال : ليت السيوف قد عادت بأيدينا ثانية ، وقال مقداد: لو شاء لدعا عليه ربه عزّ وجلّ ، وقال سلمان مولانا أعلم بما هو فيه.
- محمد بن إسماعيل ، قال : حدثني الفصل بن شاذان ، عن ابن أبي عمير عن إبراهيم بن عبد الحميد ، عن أبي بصير ، قال : قلت لأبي عبد الله (عليه السلام):
ارتدَّ الناس إلا ثلاثة : أبو ذر وسلمان والمقداد؟ قال : فقال أبو عبد الله (عليه السلام) : فأين أبو ساسان وأبو عمرة الأنصاري؟
- محمد بن إسماعيل ، قال : حدثني الفضل بن شاذان ، عن ابن أبي عمير عن وهيب بن حفص ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال:
جاء المهاجرون والأنصار وغيرهم بعد ذلك إلى علي (عليه السلام) ، فقالوا له : أنت والله أمير المؤمنين، وأنت والله أحق الناس ، وأولاهم بالنبيّ (عليه السلام) ، هلمَّ يدك نبايعك ، فوالله لنموتن قدامك! فقال علي (عليه السلام) : إن كنتم صادقين فاغدوا غداً عليَّ محلقين ، فحلق علي (عليه السلام) ، وحلق سلمان ، وحلق مقداد ، وحلق أبو ذر ، ولم يحلق غيرهم.
ثم انصرفوا فجاءوا مرة أُخرى بعد ذلك ، فقالوا له : أنت والله أمير المؤمنين ، وأنت أحق الناس وأولاهم بالنبي (عليه السلام) ، هلمَّ يدك نبايعك وحلفوا ، فقال : إن كنتم صادقين فاغدوا غداً عليَّ محلقين ، فما حلق إلا هؤلاء الثلاثة.
قلت : فما كان فيهم عمار؟
فقال : لا .
قلت : فعمار من أهل الردة؟
فقال : إن عماراً قد قاتل مع علي (عليه السلام) بعد.
- وروی جعفر غلام عبد الله بن بكير ، عن عبد الله بن محمد بن نهيك ، عن النصيبي ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (عليه السلام):
يا سلمان اذهب إلى فاطمة (عليها السلام) فقل لها تتحفك من تحف الجنة.
فذهب إليها سلمان ، فإذا بين يديها ثلاث سلال ، فقال لها : يا بنت رسول الله أتحفيني.
قالت : هذه ثلاث سلال ، جاءتني بها ثلاث وصائف ، فسألتهن عن أسمائهن ، فقالت واحدة: أنا سلمى لسلمان ، وقالت الأُخرى : أنا ذرَّة لأبي ذر ، وقالت الأُخرى : أنا مقدودة للمقداد ، ثم قبضت فناولتني ، فما مررت بملأ إلا ملئوا طيباً لريحها.
- محمد بن قولويه ، قال : حدثني سعد بن عبد الله بن أبي خلف ، قال: حدثني علي بن سليمان بن داود الرازي ، قال : حدثنا علي بن أسباط ، عن أبيه أسباط بن سالم قال : قال أبو الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام):
إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ : أين حواريّو محمد بن عبد الله رسول الله ، الذين لم ينقضوا العهد ومضوا عليه؟ فيقوم سلمان والمقداد وأبو ذر.
ثم ينادي منادٍ : أين حواريّو علي بن أبي طالب (عليه السلام) وصيّ محمد بن عبد الله رسول الله؟ فيقوم عمرو بن الحمق الخزاعي ، ومحمد بن أبي بكر ، وميثم بن يحيى التمار مولى بني أسد ، وأُويس القرني.
قال : ثم ينادي المنادي : أين حواريّو الحسن بن علي ، ابن فاطمة بنت محمد بن عبد الله رسول الله؟ فيقوم سفيان بن أبي ليلى الهمداني ، وحذيفة بن أسيد الغفاري.
قال : ثم ينادي المنادي : أين حواريّو الحسين بن علي (عليه السلام)؟ فيقوم كل من استشهد معه ولم يتخلف عنه.
قال : ثم ينادي المنادي : أين حواريّو علي بن الحسين (عليه السلام)؟ فيقوم جبير بن مطعم ، ويحيى بن أُم الطويل ، وأبو خالد الكابلي ، وسعيد بن المسيب.
ثم ينادي المنادي : أين حواريّو محمد بن علي ، وحواريّو جعفر بن محمد؟ فيقوم عبد الله بن شريك العامري ، وزرارة بن أعين ، وبريد بن معاوية العجلي ، ومحمد بن مسلم ، وأبو بصير ليث بن البختري المرادي ، وعبد الله بن أبي يعفور ، وعامر بن عبد الله بن جذاعة ، وحجر بن زائدة ، وحمران بن أعين.
ثم ينادي سائر الشيعة مع سائر الأئمة (عليهم السلام) يوم القيامة ، فهؤلاء المتحورة أول السابقين وأول المقربين وأول المتحورين من التابعين.
- جبريل بن أحمد ، قال : حدثني محمد بن عيسى ، عن ابن أبي نجران ، عن صفوان بن مهران الجمال ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
إن الله تعالى أمرني بحب أربعة،
قالوا : ومن هم يا رسول الله؟
قال : علي بن أبي طالب ثم سكت ، ثم قال : إن الله أمرني بحب أربعة
قالوا : ومن هم يا رسول الله؟
قال : علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، والمقداد بن الأسود ، وأبو ذر الغفاري ، وسلمان الفارسي.
- حمدويه بن نصير ، قال : حدثني محمد بن عيسى . ومحمد بن مسعود ، قالا : حدثنا جبريل بن أحمد ، قال : حدثنا محمد بن عيسى ، عن النضر بن سويد ، عن محمد بن بشیر ، عمن حدثه ، قال:
ما بقي أحد إلا وقد جال جولة ، إلا المقداد بن الأسود ، فإن قلبه كان مثل زبر الحديد.
- طاهر بن عيسى الوراق ، رفعه إلى محمد بن سفيان ، عن محمد بن سليمان الديلمي ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
يا سلمان ، لو عرض علمك على مقداد لكفر! يا مقداد ، لو عرض علمك على سلمان لكفر!.
- علي بن الحكم ، عن سيف بن عميرة ، عن أبي بكر الحضرمي ، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام):
ارتد الناس إلا ثلاثة نفر : سلمان وأبو ذر والمقداد.
قال : قلت : فعمار؟
قال : قد كان جاض جيضة ثم رجع . ثم قال : إن أردت الذي لم يشك ولم يدخله شيء فالمقداد.
فأما سلمان فإنه عرض في قلبه عارض ، أن عند أمير المؤمنين (عليه السلام) اسم الله الأعظم ، لو تكلم به لأخذتهم الأرض ، وهو هكذا ، فلبِّب ووجئت عنقه ، حتى تركت كالسلقة (١) ، فمر به أمير المؤمنين (عليه السلام) ، فقال له : يا أبا عبد الله ، هذا من ذاك . بايعْ ، فبايَعَ.
وأما أبو ذر فأمره أمير المؤمنين (عليه السلام) بالسكوت ، ولم يكن يأخذه في الله لومة لائم ، فأبى إلا أن يتكلم فمر به عثمان فأمر به ، ثم أناب الناس بعد ، فكان أول من أناب أبو سنان (۱) الأنصاري ، وأبو عمرة وشتيرة وكانوا سبعة ، فلم يكن يعرف حق أمير المؤمنين (عليه السلام) إلا هؤلاء السبعة.
- حمدويه بن نصير ، قال : حدثنا أبو الحسين بن نوح ، قال : حدثنا صفوان بن يحيى ، عن ابن بكير ، عن زرارة ، قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول:
أدرك سلمان العلم الأول والعلم الآخِر ، وهو بحر لا ينزح ، وهو منا أهل البيت ، بلغ من علمه أنه مرَّ برجل في رهط ، فقال له : يا عبد الله تب إلى الله عزّ وجلّ من الذي عملت به في بطن بيتك البارحة ، قال : ثم مضى ، فقال له القوم : لقد رماك سلمان بأمر فما دفعته عن نفسك! . قال : إنه أخبرني بأمر ما اطلع عليه إلا الله وأنا ، وفي خبر آخر مثله ، وزاد في آخره : إن الرجل كان أبا بكر بن أبي قحافة.
- جبريل بن أحمد ، قال : حدثني الحسن بن خرزاذ ، قال : حدثني أحمد بن علي وعلي بن أسباط ، قالا : حدثنا الحكم بن مسكين ، عن الحسن بن صهيب ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : ذكر عنده سلمان الفارسي ، قال : فقال أبو جعفر (عليه السلام):
مه لا تقولوا سلمان الفارسي ، ولكن قولوا سلمان المحمدي ، ذلك رجل منا أهل البيت.
- جبريل بن أحمد ، قال : حدثني الحسن بن خرزاذ ، قال : حدثني الحسن بن علي بن فضال ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن زرارة ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال :
كان علي (عليه السلام) محدَّثاً ، وكان سلمان محدَّثاً.
- محمد بن مسعود قال : حدثني أحمد بن منصور الخزاعي ، عن أحمد بن الفضل الخزاعي ، عن محمد بن زياد ، عن حماد بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن أعين ، قال : سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول :
كان سلمان من المتوسمين.
- جبريل بن أحمد ، قال : حدثني الحسن بن خرزاذ ، قال : حدثني إسماعيل بن مهران ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول:
سلمان علم الاسم الأعظم.
- جبريل بن أحمد ، قال : حدثني الحسن بن خرزاذ ، عن إسماعيل بن مهران ، عن أبان عن جناح ، قال : حدثني الحسن بن حماد ، بلغ به ، قال:
كان سلمان إذا رأى الجمل الذي يقال له عسكر يضربه،
فيقال له : يا أبا عبد الله ، ما تريد من هذه البهيمة؟
فيقول : ما هذا بهيمة ، ولكن هذا عسكر بن كنعان الجني ، يا أعرابي لا ينفق جملك هاهنا ، ولكن اذهب به إلى الحوأب ، فإنك تعطى به ما تريد.
- جبريل بن أحمد قال : حدثني الحسن بن خرزاذ ، قال : حدثني إسماعيل بن مهران ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:
اشتروا عسكراً بسبعمائة درهم ، وكان شيطاناً.
- حمدويه بن نصير ، قال : حدثني محمد بن عيسى ، عن حنان بن سدير ، عن أبيه عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:
جلس عدة من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ينتسبون ، وفيهم سلمان الفارسي ، وإنّ عمر سأله عن نسبه وأصله
فقال : أنا سلمان بن عبد الله ، كنت ضالاً فهداني الله بمحمد ، وكنت عائلاً فأغناني الله بمحمد ، وكنت مملوكاً فأعتقني الله بمحمد ، فهذا حسبي ونسبي.
ثم خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فحدثه سلمان وشكا إليه ما لقي من القوم ، وما قال لهم ، فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم): يا معشر قريش ، إن حسب الرجل دينه ، ومروته خلقه ، وأصله عقله ، قال الله تعالى:
{إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَ أُنْثى وَ جَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَ قَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّـهِ أَتْقاكُمْ إِنَّ} (۱).
يا سلمان ، ليس لأحد من هؤلاء عليك فضل ، إلا بتقوى الله ، وإن كان التقوى لك عليهم فأنت أفضل (منهم).
- جبريل بن أحمد قال : حدثني أبو سعيد الأدمي سهل بن زياد ، عن منخل ، عن جابر ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:
دخل أبو ذر على سلمان ، وهو يطبخ قدراً له ، فبينا هما يتحدثان إذ انكبت القدر على وجهها على الأرض ، فلم يسقط من مرقها ولا من ودكها شيء ، فعجب من ذلك أبو ذر عجباً شديداً ، وأخذ سلمان القدر ، فوضعها على حالها الأول على النار ثانية ، وأقبلا يتحدثان ، فبينا هما يتحدثان إذ انكبت القدر على وجهها ، فلم يسقط منها شيء ، من مرقها ولا ودكها ،
قال: فخرج أبو ذر وهو مذعور من عند سلمان ، فبينا هو متفكر إذ لقي أمير المؤمنين (عليه السلام) ،
قال له : يا أبا ذر ، ما الذي أخرجك من عند سلمان وما الذي ذعرك؟.
فقال له أبو ذر : يا أمير المؤمنين رأيت سلمان صنع كذا وكذا ، فعجبت من ذلك،
فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) : يا أبا ذر ، إن سلمان لو حدثك بما يعلم لقلت رحم الله قاتل سلمان ، يا أبا ذر ، إن سلمان باب الله في الأرض ، من عرفه كان مؤمناً ، ومن أنكره كان كافراً ، وإن سلمان منا أهل البيت.
- طاهر بن عيسى الوراق الكشي قال : حدثني أبو سعيد جعفر بن أحمد بن أيوب التاجر السمرقندي قال : حدثني علي بن محمد بن شجاع عن أبي العباس أحمد بن حماد المروزي عن الصادق (عليه السلام) أنه قال في الحديث الذي روي فيه «أن سلمان كان محدثاً» قال:
إنه كان محدَّثاً عن إمامه ، لا عن ربّه ، لأنه لا يحدَّث عن الله عزّ وجلّ إلا الحجة.
- طاهر بن عيسى قال : حدثني أبو سعيد قال : حدثني الشجاعي عن يعقوب بن يزيد عن ابن أبي عمير عن خزيمة بن ربيعة يرفعه قال:
خطب سلمان إلى عمر فردَّه ، ثم ندم فعاد إليه،
فقال : إنما أردت أن أعلم ذهبت حمية الجاهلية عن قلبك أم هي كما هي.
- حمدويه بن نصير قال : حدثنا محمد بن عيسى العبيدي عن يونس بن عبد الرحمان ومحمد بن سنان عن الحسين بن المختار عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
كان والله عليّ محدَّثاً ، وكان سلمان محدَّثاً،
قلت : اشرح لي.
قال : يبعث الله إليه ملكاً ينقر في أذنه ، يقول كيت وكيت.
- جبرئيل بن أحمد قال : حدثني محمد بن عيسى عن حماد بن عيسى عن حريز عن الفضيل بن يسار ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : قال لي:
تروي ما يروي الناس ، أن علياً (عليه السلام) قال في سلمان : «أدرك علم الأول وعلم الآخِر»؟ قلت : نعم.
قال : فهل تدري ما عنى؟
قلت : يعني علم بني إسرائيل ، وعلم النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم).
فقال : ليس هكذا يعني ، ولكن علم النبيّ وعلم عليّ ، وأمر النبيّ وأمر عليّ.
- علي بن محمد القتيبي قال : حدثني أبو محمد الفضل بن شاذان قال : حدثنا ابن أبي عمير عن عمر بن يزيد قال : قال سلمان : قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
إذا حضرك أو أخذك الموت ، حضر أقوام يجدون الريح ، ولا يأكلون الطعام ، ثم أخرج صرة من مسك ، فقال : هيه أعطانيها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، قال : ثم بلَّها ونضحها حوله ثم قال لامرأته : قومي أجيفي الباب ، فقامت وأجافت الباب ، فرجعت وقد قبض (رضي الله عنه).
- حكي عن الفضل بن شاذان أنه قال : ما نشأ في الإسلام رجل من كافة الناس كان أفقه من سلمان الفارسي.
- أبو صالح خلف بن حماد الكشي قال : حدثني الحسن بن طلحة المروزي يرفعه عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر اليماني عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
تزوج سلمان امرأة من كندة ، فدخل عليها ، فإذا لها خادمة وعلى بابها عباءة ،
فقال سلمان: إن في بيتكم هذا المريضاً ، أو قد تحولت الكعبة فيه؟
فقيل : المرأة أرادت أن تستر على نفسها فيه.
قال : فما هذه الجارية؟
قالوا : كان لها شيء فأرادت أن تخدم.
قال : إني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول : أيما رجل كانت عنده جارية ، فلم يأتها أو لم يزوجها من يأتيها ، ثم فجرت كان عليه وزر مثلها ، ومن أقرض قرضاً ، فكأنما تصدق بشطره ، فإن أقرضة الثانية كان برأس المال . وأدى الحق إلى صاحبه ، أن يأتيه به في بيته ، أو في رحله فيقول ها خذه.
- محمد بن مسعود قال : حدثني محمد بن يزداد الرازي ، عن محمد بن علي الحداد ، عن مسعدة بن صدقة ، عن جعفر عن أبيه (عليهما السلام) قال:
ذكرت التقية يوماً عند علي (عليه السلام) ، فقال أن لو علم أبو ذر ما في قلب سلمان لقتله ، وقد آخى رسول الله بينهما ، فما ظنك بسائر الخلق؟!.
- حمدويه وإبراهيم ابنا نصير ، قالا : حدثنا أيوب بن نوح ، عن صفوان بن يحيى ، عن عاصم بن حميد ، عن إبراهيم بن أبي يحيى، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
الميثب ، هو الذي كاتب عليه سلمان ، فأفاءه الله على رسوله ، فهو في صدقتها ، يعني صدقة فاطمة (عليه السلام).
- نصر بن الصباح وهو غالٍ ، قال : حدثني إسحاق بن محمد البصري وهو متهم ، قال : حدثنا أحمد بن هلال ، عن علي بن أسباط ، عن العلاء عن محمد بن حكيم قال : ذكر عند أبي جعفر (عليه السلام) سلمان ، فقال:
ذلك سلمان المحمدي ، إن سلمان منا أهل البيت ، إنه كان يقول للناس : هربتم من القرآن إلى الأحاديث ، وجدتم كتاباً دقيقاً ، حوسبتم فيه على النقير والقطمير ، والفتيل وحبة خردل ، فضاق ذلك عليكم وهربتم إلى الأحاديث التي اتسعت عليكم.
- آدم بن محمد القلانسي البلخي ، قال : حدثنا علي بن الحسين الدقاق النيسابوري ، قال : أخبرنا محمد بن عبد الحميد العطار ، قال : حدثنا ابن أبي عمير ، قال : حدثنا إبراهيم بن عبد الحميد ، عن عمر بن يزيد ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
مرَّ سلمان على الحدادين بالكوفة ، وإذا شاب قد صرع ، والناس قد اجتمعوا حوله.
فقالوا : يا أبا عبد الله ، هذا الشاب قد صرع ، فلو جئت وقرأت في أذنه!
قال : فجاء سلمان ، فلما دنا منه ، رفع الشاب رأسه ، فنظر إليه فقال :
يا أبا عبد الله ، ليس فيَّ شيء مما يقول هؤلاء ، لكني مررت بهؤلاء الحدادين ، وهم يضربون بالمرازب ، فذكرت قول الله تعالى : {وَلَهُم مَّقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ} (۱)
قال : فدخلت في قلب سلمان من الشاب محبة ، فاتخذه أخاً ، فلم يزل معه حتى مرض الشاب ، فجاءه سلمان فجلس عند رأسه ، وهو في الموت
فقال : يا ملك الموت ارفق بأخي ،
فقال : يا أبا عبد الله ، إني بكل مؤمن رفيق.
- نصر بن صباح البلخي أبو القاسم ، قال: حدثني إسحاق بن محمد البصري قال : حدثني محمد بن عبد الله بن مهران ، عن محمد بن سنان عن الحسن بن منصور ، قال : قلت للصادق (عليه السلام) :
أكان سلمان محدثاً؟
قال : نعم .
قلت : من يحدّثه؟
قال : ملك كريم .
قلت : فإذا كان سلمان كذا فصاحبه أي شيء هو؟
قال : أقبل على شأنك.
- علي بن الحسن ، قال : حدثني محمد بن إسماعيل بن مهران ، قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم الصواف ، قال : حدثنا يوسف بن يعقوب ، عن النهاش بن فهم ، عن عمرو بن عثمان ، قال:
دخل سلمان على رجل من إخوانه فوجده في السياق،
فقال : يا ملك الموت ارفق بصاحبنا!
قال : فقال الآخر : يا أبا عبد الله، إن ملك الموت يقرئك السلام ، وهو يقول : لا وعزة هذا البناء ليس إلينا شيء.