فقد عملوا بمقتضى قوله تعالى:
{فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (۲)
فأُولئك المؤمنون الممتحنون ، الذين امتحن الله قلوبهم للإيمان ، وشرح صدورهم للإسلام ، وهم المتبِعون لقادة الدين الأئمة الهادين الطاهرين ، الذين يتأدبون بآدابهم ، وينهجون نهجهم ، فهجم بهم العلم على حقيقة الإيمان ، فاستجابت أرواحهم لقادة العلم ، واستلانوا من أحاديثهم ما استوعر على غيرهم ، وأنسوا بما استوحش منه المكذبون ، وأباه المسرفون ، فانقطعوا إلى ربهم ، وحاولوا قراءة الألواح الآفاقية والأنفسية ، التي قد نقش الله فيها ، جميع أسراره المخزونة ، في ملكوته وجبروته ولاهوته ، فعرفوها بتعليم الله سبحانه وتعالى بألسنة أوليائه ، بعدما جاهدوا في الله حق جهاده ، فنظروا في العالم والكتاب والسنة ، من غير معاندة ولجاج ، ولا قاعدة مأخوذة من غير أهل الحق (عليهم السلام) ، ليقبلوا ما يوافقها ، ويتركوا ما يخالفها ، أو يؤولوا إليها ، ولا استئناس بطائفة ليميلوا بقلوبهم إليهم ، ليمنعهم ذلك عن إصابة الواقع ، بتلون مرآة حقائقهم بلون ذلك الميل ، بل نظروا إلى الكتاب والسنة والآيات الآفاقية والأنفسية ، بخالص الفطرة وصافي الطوية ، طالبين الحق والصواب من الله سبحانه ، بأهل فصل الخطاب عليهم سلام الله في المبدأ والمآب ، فقابلت مرايا قلوبهم عالم النور ، الذي هو وجه الله سبحانه ، قال تعالى : {اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ} (۱)
فظهرت في قلوبهم صور الحقائق المنتزعة من كتاب الأبرار في عليين ، فنطقوا بالحق والصواب وهو قوله عز وجل : {وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا} (٢)
وهذه كيفيتها وطريقها ، فعرفوا الشيء الواحد في مقامات عديدة ، وهي خزائن وجوده قال تعالى : {وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا عِندَنَا خَزَائِنُهُ} (۳).
فعرفوه في جميع الخزائن ، وإن قال تعالى : {وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلاَّ هُوَ}
لكنه قال تعالى : {عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً (٢٦) إِلاَّ مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ} (۲)
وقالوا (عليهم السلام) : (نحن العلماء وشيعتنا المتعلمون) (۳)
إذ كلهم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ، أولهم محمد وآخرهم محمد وأوسطهم محمد صلّى الله عليه وعليهم أجمعين.
ولمّا كان الشيء الواحد له أطوار وأحوال ، قال تعالى : {مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا (١٣) وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا} (٤)
طور الإجمال وطور التفصيل ، وطور البساطة وطور التركيب ، وطور التصوير وطور التجريد ، كما قال عزوجل : {وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا} (٥).
وعرفوا كل هذه الأطوار ، وما تقتضيه من الأوطار ، في عالم الأنوار ، بتعليم الأئمة الأطهار عليهم سلام الله الملك الجبار ، صار لا يشتبه عليهم شيء ، في مقام الاختلاف والكثرة ، وعدم الائتلاف.
فيعطون كل ذي حق حقه من الأحكام ، وإن ظهر بألف طور مختلف ، إذ عرفوا اللطيفة الواحدة ، السارية في المجموع ، فلا يحصل عندهم تعارض ، ولا تناقض ولا تضاد ، لا في الأكوان ولا في الصفات ، ولا في الألفاظ والعبارات ، ولا في أخبار سادة البريات ، ولا في الآيات والمحكمات والمتشابهات.
فهم مطمئنو القلب ، باردو الفؤاد ، بالغو المراد ، يعرفون الغريب من القريب ، ويأخذون الحظ والنصيب ، من المعلى والرقيب ، فلا يحتاجون إلى طرح الأخبار ، ولا إلى اختلاف الأنظار.
وهم الذين قال الله تعالى فيهم : {فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (١)
لأن أهل البيت سلام الله عليهم علماء حكماء ، عارفون بمواقع الكلام ، ولحن الخطاب ، ولم يتكلموا بشيء إلا جعلوا فيه - من تسديدهم - قرينة تنفيه أو تثبته ، وإلا لم يكونوا حجة بالغة.
والقول بأنهم يتكلمون بلسان قومهم ، وما جرت عليه عادة العرب ، على نصب القرينة في كل مقالاتهم ، ولا يمكن لكل أحد معرفة القرينة ، لو فرض وجودها ، باطل ، لأنهم ما يتركون نصب القرينة ، إلا إذا عجزوا عن ذلك ، وإلا فمهما يمكنهم لا يتركونها ، وهو معلوم بديهي لكل عاقل.
وأما عدم الفهم ، فإنما يتصور إذا لم يمكنه أن يجري كلماته على نهج واحد ، وطور متسق ، فيختلف في المقال ، فتختل معرفة كلامه.
وأما الذي يقدر على أن يجري كلماته على اختلافها ، على نظم محكم متقن مضبوط متسق ، يتميز مقاله عن غيره ، لمن عرف السياق ونظم الكلام ، فلا يترك ذلك ، وإنما يتكلم كذلك البتة.
ألا ترى القرآن؟ فإنه على نظم وسياق محكم مضبوط ، لا يشتبه بغيره ، لمن عرفه وقرأه وواظب عليه ، ولا ريب أن الإمام (عليه السلام) يقدر أن يجري كلامه كما ذكرنا ، فلا يشتبه بكلام غيره ، فلا يضره دس الداسين ، وافتراء المفترين ، إذ في كلامهم سلام الله عليهم ، قرائن صدق على حقيته ، وفي كلام غيرهم قرائن صدق على بطلانه . ألا ترى الذين أرادوا أن يأتوا في مقابلة القرآن بسورة ، كمسيلمة وسجاح ، فأتوا بشيء يقطع كل من سمع القرآن ، أنه لا يشبهه ولا ينسب إليه؟!.
وكذلك أخبارهم سلام الله عليهم ، عند من يعرف سياقهم ، ويطلع على نظم كلامهم ، وعنده موازين قسط من أخبارهم المحكمة ، وقد قالوا (عليه السلام):
(إن على كل حق حقيقة وعلى كل صواب نوراً) (١).
أخبرنا محمد بن همام ومحمد بن الحسن بن محمد بن جمهور ، جميعاً ، عن الحسن بن محمد بن جمهور ، قال : حدثنا أبي ، عن بعض رجاله ، عن المفضل بن عمر ، قال : قال أبو عبد الله (عليه السلام):
(خبر تدريه خير من عشر ترويه ، إن لكل حق حقيقة ، ولكل صواب نوراً.
ثم قال : إنا والله لا نعد الرجل من شيعتنا فقيهاً ، حتى يلحن له فيعرف اللحن ، إن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال على منبر الكوفة:
إن من ورائكم فتناً مظلمة ، عمياء منكسفة ، لا ينجو منها إلا النومة.
قيل : يا أمير المؤمنين ، وما النومة؟
قال : الذي يعرف الناس ولا يعرفونه.
واعلموا أن الأرض لا تخلو من حجة لله عزوجل ، ولكن الله سيعمي خلقه عنها ، بظلمهم وجورهم وإسرافهم على أنفسهم ، ولو خلت الأرض ساعة واحدة من حجة لله لساخت بأهلها ، ولكن الحجة يعرف الناس ولا يعرفونه ، كما كان يوسف يعرف الناس وهم له منكرون ، ثم تلا:
{يَاحَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ}(۱)) (۲).
وقالوا أيضاً (عليهم السلام) :
(روي في الكافي : عدة من أصحابنا ، عن الحسين بن الحسن بن يزيد ، عن بدر عن أبيه قال : حدثني سلام أبو علي الخراساني ، عن سالم بن سعيد المخزومي قال : بينا أنا جالس عند أبي عبد الله (عليه السلام) ، إذ دخل عليه عباد بن كثير ، عابد أهل البصرة ، وابن شريح فقيه أهل مكة ، وعند أبي عبد الله (عليه السلام) ميمون القداح ، مولى أبي جعفر (عليه السلام) ، فسأله عباد بن كثير فقال:
يا أبا عبد الله ، في كم ثوب كفِّن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟
قال : في ثلاثة أثواب : ثوبين صحاريين ، وثوب حبرة ، وكان في البُرْد قِلّة.
فكأنما ازورَّ عباد بن كثير من ذلك،
فقال أبو عبد الله (عليه السلام) : إن نخلة مريم (عليها السلام) ، إنما كانت عجوة ونزلت من السماء ، فما نبت من أصلها كان عجوة ، وما كان من لقاط فهو لون.
فلما خرجوا من عنده ، قال عباد بن كثير لابن شريح : والله ما أدري ما هذا المثل الذي ضربه لي أبو عبد الله!.
فقال ابن شريح : هذا الغلام يخبرك فإنه منهم – يعني ميمون – فسأله،
فقال ميمون : أما تعلم ما قال لك؟
قال : لا والله،
قال : إنه ضرب لك مثل نفسه ، فأخبرك أنه ولد من ولد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وعلم رسول الله عندهم ، فما جاء من عندهم فهو صواب ، وما جاء من عند غيرهم فهو لقاط) (۳).
والناس لما لم يطلعوا على سياق كلامهم ، ونظم مقالهم ، وطور بيانهم ، ولم يعرفوا كيفية الوزن ، وأخذ القواعد الكلية ، من الأخبار المحكمة ، وردّ غيرها إليها ، فوقعوا في ما وقعوا من التحير ، فاحتاجوا إلى طرح الأخبار ، واختلاف الأنظار ، وهم (عليهم السلام) الذين أوقعوا الخلاف فيهم ، لعلمهم بأنهم في مقام المجادلة بالتي هي أحسن ، فذكروا الشيء الواحد بوجوه كثيرة ، وأطوار مختلفة غير مؤتلفة ، ليختلفوا فتسلم رقابهم من شر الأعادي ، لكونهم لم يكونوا من أهل ذلك الوادي ، مثالهم العميان والفيل.
وأما الذي عرف نظام كلامهم ، وعلم سياق مقالهم ، فهو على بصيرة من ربه ، فيجري هذه الأخبار المتكثرة المختلفة ، مجرى الشيء الواحد الظاهر بالأطوار المختلفة ، كالتراب الجامع بين الإنسان والحيوان ، والجماد والنبات في كل ما يقول ويحكم ، ويجمع ويفرق ، مستنداً إلى كتاب محكم تفسيره ، أو إلى خبر واضح تأويله ، أو إلى عقل تعرف العقول السليمة عدله ، {وَذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (۱).
وهذا معنى قول مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) ، كما سبق معناه : إن المتبعين لقادة الدين (إلى أن قال) ويستلينون من حديثهم ما استوعر على غيرهم ويأنسون بما استوحش منه المكذبون وأباه المسرفون .. إلى آخر الحديث (٢).
علي بن محمد ، عن سهل بن زياد ، عن ابن محبوب ، عن أبي أسامة ، عن هشام ، ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن أبي حمزة عن أبي إسحاق قال : حدثني الثقة من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) أنهم سمعوا أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول في خطبة له:
(اللهمَّ وإني لأعلم أن العلم لا يأرز كله ، ولا ينقطع مواده ، وإنك لا تخلي أرضك من حجة لك على خلقك ، ظاهر ليس بالمطاع أو خائف مغمور ، كيلا تبطل حججك ولا يضل أولياؤك بعد إذ هديتهم ، بل أين هم وكم؟ أولئك الأقلون عدداً ، والأعظمون عند الله جل ذكره قدراً ، المتَّبعون لقادة الدين : الأئمة الهادين ، الذين يتأدبون بآدابهم ، وينهجون نهجهم . فعند ذلك يهجم بهم العلم على حقيقة الإيمان ، فتستجيب أرواحهم لقادة العلم ، ويستلينون من حديثهم ما استوعر على غيرهم ، ويأنسون بما استوحش منه المكذبون ، وأباه المسرفون ، أولئك أتباع العلماء ، صحبوا أهل الدنيا بطاعة الله تبارك وتعالى وأوليائه ، ودانوا بالتقية عن دينهم ، والخوف من عدوهم ، فأرواحهم معلقة بالمحل الأعلى ، فعلماؤهم وأتباعهم خرسٌ صمتٌ في دولة الباطل ، منتظرون لدولة الحق ، وسيحقّ الله الحق بكلماته ويمحق الباطل ، ها ، ها ، طوبى لهم على صبرهم على دينهم في حال هدنتهم ، ويا شوقاه إلى رؤيتهم في حال ظهور دولتهم ، وسيجمعنا الله وإياهم في جنات عدن ، ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم) (۱).
وهؤلاء تلقوا هذه الخطبة ، وأشباهها من الخطب والأخبار بالقبول ، وعرفوها وبينوها على ما فهموا من كلمات آل الرسول (عليه السلام) كما نبين إن شاء الله تعالى في خلال الشرح) (١).
ثم بدأ السيد كاظم الرشتي (رحمه الله) يبين كل طائفة على حِدة ، ويتبعها بالدليل القاطع ، والرأي الثاقب ، وفق كلمات المعصومين (عليهم السلام) ، وأن هذه الأخبار أخبار صحيحة بل متواترة معنى ، في روايات المعصومين (عليه السلام).
لذا الزيارة الجامعة قبل ثلاثين سنة ، أو أقل أو أكثر ، كانت لا تقرأ في حضرات الأئمة (عليهم السلام) ، ولا في المساجد ، ومن يقرأها يعدّ من الشيخية ، والمغالين المنحرفين الخارجين عن الجادة.
ويا للأسف!!! إلى الآن في بعض بلدان الشيعة ، تُمنع طباعة الكتب ، التي تذكر هذه الفضائل والمقامات ، لأهل بيت العصمة (عليهم السلام) ، وتحارب من يقول ويعتقد بها ، وهذا ما رأيناه وعاشرناه ، والبعض بل الأكثر يحارب انتشار هذه الكتب التي تذكر فضائل المعصومين (عليهم السلام) بتهمة الغلو والخروج عن الدين ، وتمنع طباعة هذه الكتب ونشرها ، وتعاقب من يتبناها وينشرها ، ويعدونها من كتب الضلال ، وبالخصوص كتب الشيخ أحمد ابن الشيخ زين الدين الأحسائي (رحم الله) ، لذا قال بعض المراجع ، لمّا سئل عن أتباع الشيخ الأوحد الشيخ أحمد ابن الشيخ زين الدين الأحسائي قدست نفسه ، الملقبون بهذا اللقب ظلماً وعدواناً (الشيخية).
هل تجوز الصلاة خلفهم؟
قال (لا يجوز ذلك ، فإن عندهم عقائد وأقوالاً غير صحيحة) (٢).
ولمّا سئل عن جواز وتحقق سهو للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، قال :
(القدر المتيقن من السهو الممنوع على المعصوم ، هو السهو في غير الموضوعات الخارجية) (١).
يعني في أمور السوق ، ومعاملات الناس الدارجة ، يجوز على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وكذا الإمام (عليه السلام) أن يسهو ويذكَر عليها.
ويا للأسف! هذا الرأي موافق لرأي العامة من المسلمين غير الشيعة ، لذا في تلك المرحلة لا يجرؤ أحد أن يذكر اسم الشيخ أحمد الأحسائي أو تلامذته ، بسبب ذكرهم لإعلان مقامات المعصومين (عليهم السلام) ، وفي المقابل يذكر ويمجد ، بل تدرَّس كتبه وآراؤه في الحوزات العلمية ، المعروفة في النجف وقم وغيرها ، أمثال كتب محيي الدين بن عربي ، وكتب المنطق القائلة بالاشتراك المعنوي في وحدة وجود الحق تعالى ووجود الخلق.
كما يذكر هذا الأمر منطق المظفر للشيخ محمد رضا المظفر ، والحاشية لملا عبد الله على التهذيب ، وبداية الحكمة ونهاية الحكمة للسيد محمد حسين الطباطبائي ، والمنظومة للسبزواري ، والكلمات المكنونة لملا محسن الفيض الكاشاني ، والحكمة المتعالية في الأسفار الأربعة لصدر الدين الشيرازي ، وشرح كتاب الفصوص لابن عربي الصوفي ، وغيرها من كتب الفلسفة ، المنتشرة في مكتبات الشيعة وحوزاتهم ، المخالفة لمذهب أهل البيت (عليهم السلام) البتة ، والقائلة بوحدة الوجود ، أي وجود الحق والخلق واحد.
مع العلم أنهم يؤمنون في الجملة ، أن من يعتقد بذلك ، يخرج عن الدين ، ولكن في الواقع هم يعتقدون ، أن وجود الحق والخلق واحد ، المسمى بالاشتراك المعنوي ، أي أن وجود الحق سبحانه ، هو عينه وجود الخلق ، بلا فرق إلا بالتشكيك فقط ، يعني وجود الحق أشد ظهوراً من وجود الخلق ، ويمثلون بالنور القريب والبعيد ، فالنور القريب هو عينه النور البعيد ، ومع ذلك يقولون وجود القديم والحادث واحد ، مع العلم أن هذا القول والاعتقاد - وإلى غد تدرس هذه الكتب ، وهذا مما عليه حال الحوزات العلمية من القول بوحدة الوجود - فالحاكم الثقلان : الكتاب والسنة بفساده . فمن تصفح كتب المنطق والفلسفة ، التي تدرس في الحوزات ، رأى الأمر بيناً واضحاً ، في مخالفة هذه الآراء عن كلمات المعصومين (عليهم السلام) ، مما يخرج عن أبجديات الإسلام ، بصرف النظر عن الإيمان ، وهذا الأمر مما حاربه الشيخ أحمد الأحسائي وتلامذته رضوان الله عليهم ، وتحملوا الظلم والإقصاء ، وإخراجهم من الفرقة المحقة ، لأن المغالي خارج عن الشيعة البتة.
ثم أخذ السيد كاظم الرشتي (رحمة الله) ، يفند كل رأي على حدة ، من الطائفة الأولى ، والثانية ، والثالثة ، والرابعة ، قال (رحمه الله) وقدست نفسه المباركة: