وذكر علماؤنا رضوان الله عليهم في فضل علم الحديث (الدراية) ، الفضل الكثير والفائدة العظمى ، لكونه الثقل ، والعدل الثاني للكتاب الكريم ؛ قال الشهيد الثاني (رحمه الله):
(وأما علم الحديث ، فهو من أجلّ العلوم قدراً ، وأعلاها رتبة ، وأعظمها مثوبة بعد القرآن) (١).
وقال المحدث النوري (رحمه الله):
(اعلم أن علم الحديث علم شريف ، بل هو أشرف العلوم ، فإن غايته الفوز بالسعادة الأبدية ، والتحلي بالسنن النبوية ، والآداب العلوية ، وبه يدرك الفوز بالمعارف الحقة ، ما لا يدرك من غيره ، ومنه يتبين الحلال من الحرام ، والفرائض والسنن ، وطرق تهذيب النفس وصفاتها) (٢).
وقال صاحب المعالم (رحمه الله):
(إن إعطاء الحديث حقه من الرواية والدراية ، أمر مهم ، لمن أراد التفقه في الدين ، لأنّ مدار أكثر الأحكام الشرعية عليه ، وقد كان للسلف الصالح رضوان الله عليهم ، مزيد من اعتناء بشأنه ، وشدة اهتمام بروايته و عرفانه ، فقام بوظيفته منهم في كل عصر من تلك الأعصار ، أقوام بذلوا في رعايته جهدهم ، وأكثروا في ملاحظته كدهم ووكدهم ، فلله درهم إذ عرفوا من قدره ما عرفوا ، وصرفوا إليه من وجوه الهمم ما صرفوا ، ثم خلَف من بعدهم خلفٌ ، أضاعوا حقه وجهلوا قدره ، فاقتصروا من روايته ، على أدنى مراتبها ، وألقوا حبل درايته على غاربها) (۱).
وقد عقب المحدث النوري (رحمه الله) ، على ما قاله صاحب المعالم بقوله :
(وأما قول صاحب المعالم (ثم خلف من بعدهم) فلعمري إنه لو كان في عصرنا ، لأقام على الحديث المآتم ، وبكى عليه بكاء الثكلى ، فإن أهله ألقوا حبل أدنى مراتب الرواية على غاربها) (٢).
وقال والد الشيخ البهائي (رحمه الله):
(اعلم أن علم الحديث علم شريف جليل ، وهو من علوم الآخرة ، من حرمه حرم خيراً عظيماً ، ومن رزقه رزق فضلاً جسيماً) (۳).
وقال السيد الكاظمي الأعرجي : (لمّا كان معرفة مقامات الرجال ، مما يدور عليه قبول الأخبار وردّها ، وخاصة في التراجيح ، وجب الفحص عنهم ، كيف لا!!! ونحن نتناول معالم الدين منهم) (٤).
قال آية الله المعظم السيد كاظم الرشتي قدست نفسه الطاهرة:
(واجعل فهمك وقاعدتك تابعاً للحديث ، لا الحديث تابعاً لفهمك وقاعدتك ، حتى تعمل عليه إن وافق قاعدتك ، وتطرحه إن خالفها ، فإن هذه طريقة العلماء لا المتعلّمين ، وقد قالوا : «نحن العلماء وشيعتنا المتعلمون») (١).
وهذا ما عليه البعض ، يأخذ من الأحاديث ما وافق عقله ويطرح ما خالفه بدعوى الغلوّ أو ضعف السند ، أو غير ذلك من الأمور.