زرارة بن أعين

 زرارة بن أعين

- محمد بن مسعود ، قال : حدثني علي بن الحسن بن فضال ، قال : حدثني أخواي محمد وأحمد ابنا الحسن ، عن أبيهما الحسن بن علي بن فضال ، عن ابن بكير ، عن زرارة ، قال : قال أبو عبد الله (عليه السلام):  

يا زرارة إن اسمك في أسامي أهل الجنة بغير ألف، 

قلت : نعم _ جعلت فداك _ اسمي عبد ربه ولكني لقبت بزرارة. 


- حدثني محمد بن مسعود ، قال : حدثني علي بن محمد القمي ، قال : حدثني محمد بن أحمد ، عن عبد الله بن أحمد الرازي ، عن بكر بن صالح ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن زرارة ، قال: 

أسمع والله بالحرف من جعفر بن محمد (عليه السلام) من الفتيا ، فأزداد به إيماناً.


- حدثني جعفر بن محمد بن معروف ، قال حدثني محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن جعفر بن بشير ، عن أبان بن تغلب ، عن أبي بصير ، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): 

إن أباك حدثني ، أن الزبير (۲) والمقداد وسلمان الفارسي حلقوا رؤوسهم ، ليقاتلوا أبا بكر ، 

فقال لي : لولا زرارة لظننت أن أحاديث أبي (عليه السلام) ستذهب.


- حدثني حمدويه بن نصير قال : حدثني محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن الحسن بن محبوب السراد ، عن العلاء بن رزين ، عن يونس بن عمار ، قال: 

قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) إن زرارة قد روى عن أبي جعفر (عليه السلام) ، أنه لا يرث مع الأُم والأب والابن والبنت أحد من الناس شيئاً إلا زوج أو زوجة، 

فقال أبو عبدالله (عليه السلام) : أمّا ما رواه زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) فلا يجوز أن تردّه.


وأما في الكتاب في سورة النساء ، فإن الله عز وجل يقول: 

{يُوصِيكُمُ اللَّـهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ وَ إِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَ لِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَ وَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ} (١) يعنـي إخـوة لأب وأم وإخوة لأب ، والكتاب يا يونس قد ورث ههنا مع الأبناء ، فلا تورث البنات إلا الثلثين.


- محمد بن مسعود ، عن الخزاعي عن محمد بن زياد (عن ابن) أبي عمير ، عن علي بن عطية ، عن زرارة ، (قال :) (۲) 

والله لو حدثت بكل ما سمعته من أبي عبد الله (عليه السلام) ، لانتفخت ذكور الرجال على الخشب.


- حدثني إبراهيم بن (محمد بن) (۳) العباس الختلي ، قال : حدثني أحمد بن إدريس القمي ، قال : حدثني محمد بن أحمد بن يحيى ، عن محمد بن أبي الصهبان أو غيره عن سليمان بن داود المنقري ، عن ابن أبي عمير ، قال : قلت لجميل بن دراج: 

ما أحسن محضرك وأزين مجلسك! 

فقال : أي والله ما كنا حول زرارة بن أعين إلا بمنزلة الصبيان في الكتّاب حول المعلم.


- حدثني محمد بن قولويه ، قال : حدثني سعد بن عبد الله بن أبي خلف قال : حدثني أحمد بن محمد بن عيسى ، وعبد الله بن محمد بن عيسى أخوه ، والهيثم بن أبي مسروق ، ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن الحسين (۱) بن محبوب ، عن العلاء بن رزين ، عن يونس بن عمار ، قال : قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): 

إن زرارة ، وذكر مثل الحديث الذي رواه حمدويه بن نصير ، عن محمد بن الحسين ، عن ابن محبوب.


- حدثني حمدويه بن نصير ، عن يعقوب بن يزيد ، عن القاسم بن عروة ، عن أبي العباس الفضل بن عبد الملك ، قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: 

أحب الناس إليَّ أحياءً وأمواتاً أربعة : بريد بن معاوية العجلي ، وزرارة ، ومحمد بن مسلم ، والأحول ، وهم أحب الناس إليَّ أحياءً وأمواتاً.


- محمد بن قولويه ، قال : حدثني سعد بن عبد الله ، قال : حدثني محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن محمد بن سنان ، عن المفضل بن عمر ، قال : 

سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يوماً ، وقد دخل عليه الفيض بن المختار ، فذكر له آية من كتاب الله عز وجل ، تأولها أبو عبد الله (عليه السلام) ، فقال له الفيض : جعلني الله فداك ، ما هذا الاختلاف الذي بين شيعتكم؟ 

قال : وأي الاختلاف يا فيض؟


فقال له الفيض : اني لأجلس في حلقهم بالكوفة ، فأكاد أشك في اختلافهم في حديثهم ، حتى أرجع إلى المفضل بن عمر ، فيوقفني من ذلك ، على ما تستريح إليه نفسي ، ويطمئن إليه قلبي.


فقال أبو عبد الله (عليه السلام) : أجل هو كما ذكرت يا فيض، إن الناس أُولعوا بالكذب علينا ، إن الله افترض عليهم لا يريد منهم غيره (٢) ، وإني أُحدث أحدهم بالحديث ، فلا يخرج من عندي حتى يتأوله على غير تأويله ، وذلك أنهم لا يطلبون بحديثنا وبحبنا ما عند الله ، وانما يطلبون به الدنيا ، وكلٌّ يحب أن يدعى رأساً ، إنه ليس من عبد يرفع نفسه إلا وضعه الله ، وما من عبد وضع نفسه إلا رفعه الله وشرَّفه. 


فإذا أردت بحديثنا فعليك بهذا الجالس ، وأومى بيده إلى رجل من أصحابه،

فسألت أصحابنا عنه فقالوا : زرارة بن أعين.


- حدثني حمدويه بن نصير ، قال : حدثني يعقوب بن يزيد ، ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن محمد بن أبي عمير ، عن إبراهيم بن عبد الحميد وغيره ، قالوا : قال أبو عبد الله (عليه السلام): 

رحم الله زرارة بن أعين ، لولا زرارة ونظراؤه لاندرست أحاديث أبي (عليه السلام).


- حدثني الحسين بن (الحسن بن) (۱) بندار القمي ، قال : حدثني سعد بن عبد الله بن أبي خلف القمي ، قال : حدثنا علي بن سليمان بن داود الرازي (٢) ، قال : حدثني محمد بن أبي عمير ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي عبيدة الحذاء ، قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: 

زرارة، وأبو بصير ، ومحمد بن مسلم ، وبريد ، من الذين قال الله تعالى : {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ، أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ} (۳).


- حدثني حمدويه : قال حدثني يعقوب بن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن سليمان بن خالد الأقطع ، قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول : 

(ما أجد أحداً أحيى ذكرنا ، وأحاديث أبي (عليه السلام) ، إلا زرارة ، وأبو بصير ليث المرادي ، ومحمد بن مسلم ، وبريد بن معاوية العجلي ، ولولا هؤلاء ما كان أحد يستنبط هذا.


هؤلاء حفاظ الدين ، وأُمناء أبي (عليه السلام) على حلال الله وحرامه ، وهم السابقون إلينا في الدنيا ، والسابقون إلينا في الآخرة).


- حدثني محمد بن قولويه والحسين بن الحسن (۱) ، قالا : حدثنا سعد بن عبد الله ، قال : حدثني محمد بن عبد الله المسمعي ، قال : حدثني علي بن حديد المدائني ، عن جميل بن دراج  ، قال: 

دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فاستقبلني رجل خارج من عند أبي عبد الله (عليه السلام) من أهل الكوفة من أصحابنا ، فلما دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) قال لي: 

لقيت الرجل الخارج من عندي؟ 

فقلت: بلى ، هو رجل من أصحابنا من أهل الكوفة، 

فقال : لا قدَّس الله روحه ، ولا قدَّس مثله ، إنه ذكر أقواماً ، كان أبي (عليه السلام) ائتمنهم على حلال الله وحرامه ، وكانوا عيبة علمه ، وكذلك اليوم هم عندي ، هم مستودع سري أصحاب أبي (عليه السلام) حقاً ، إذا أراد الله بأهل الأرض سوءً صرف بهم عنهم السوء ، هم نجوم شيعتي أحياءً وأمواتاً ، يحيون ذكر أبي (عليه السلام) ، بهم يكشف الله كل بدعة ، ينفون عن هذا الدين انتحال المبطلين ، وتأويل الغالين ، ثم بكى.


فقلت : من هم؟ 

فقال : من عليهم صلوات الله ورحمته أحياءً وأمواتاً : بريد العجلي ، وزرارة ، وأبو بصير ، ومحمد بن مسلم ، أما إنه يا جميل سيبين لك أمر هذا الرجل إلى قريب، 

قال جميل : فوالله ما كان إلا قليلاً ، حتى رأيت ذلك الرجل ينسب إلى أصحاب أبي الخطاب، 

فقلت : الله يعلم حيث يجعل رسالاته، 

قال جميل : وكنا نعرف أصحاب أبي الخطاب ببغض هؤلاء رحمة الله عليهم.


- حدثني حمدوية بن نصير ، قال : حدثنا محمد بن عيسى بن عبيد قال : حدثني يونس بن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن زرارة ، ومحمد بن قولويه والحسين بن الحسن [بن بندار] (٢) ، قالوا: حدثنا سعد بن عبد الله قال حدثني هارون بن الحسن (٣) بن محبوب ، عن محمد بن عبد الله بن زرارة وابنيه الحسن والحسين ، عن عبد الله بن زرارة قال : قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): 

اقرأ مني على والدك السلام ، وقل له : إني إنما أعيبك دفاعاً مني عنك ، فإن الناس والعدو يسارعون إلى كل من قربناه ، وحمدنا مكانه لإدخال الأذى في من نحبه ونقربه ، ويرمونه لمحبتنا له ، وقربه ودنوّه منا ، ويرون إدخال الأذى عليه وقتله ، ويحمدون كل من عبناه نحن. 


فإنما أعيبك لأنك رجل اشتهرت بنا ، وبميلك إلينا ، وأنت في ذلك مذموم عند الناس ، غير محمود الأثر لمودتك لنا ، ولميلك إلينا ، فأحببت أن أعيبك ، ليحمدوا أمرك في الدين بعيبك ونقصك ، ويكون بذلك منا دفع شرهم عنك ، يقول الله جل وعز: 

«أما السفينة فكانت المساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان ورائهم ملك يأخذ كل سفينة - صالحة (١) - غصباً».


هذا التنزيل من عند الله : صالحة ، لا والله ما عابها ، إلا لكي تسلم من الملك ، ولا تعطب على يديه ، ولقد كانت صالحة ، ليس للعيب فيها مساغ والحمد لله.


فافهم المثل يرحمك الله ، فإنك والله أحبّ الناس إليّ ، وأحب أصحاب أبي (عليه السلام) حياً وميتاً ، فإنك أفضل سفن ذلك البحر القمقام الزاخر ، وإنّ من ورائك ملكاً ظلوماً غصوباً ، يرقب عبور كل سفينة صالحة ، ترد من بحر الهدى ، ليأخذها غصباً ، ثم يغصبها وأهلها.


 فرحمة الله عليك حياً ، ورحمته ورضوانه عليك ميتاً ، ولقد أدى إليّ ابناك الحسن والحسين رسالتك ، حاطهما الله وكلاهما ، ورعاهما وحفظهما بصلاح أبيهما ، كما حفظ الغلامين.


فلا يضيقن صدرك ، من الذي أمرك أبي (عليه السلام) ، وأمرتك به ، وأتاك أبو بصير بخلاف الذي أمرناك به ، فلا والله ما أمرناك ، ولا أمرناه ، إلا بأمر وسعنا ، ووسعكم الأخذ به. 


ولكل ذلك عندنا تصاريف ومعانٍ توافق الحق ، ولو أُذن لنا لعلمتم أن الحق في الذي أمرناكم به ، فردوا إلينا الأمر ، وسلّموا لنا ، واصبروا لأحكامنا وارضوا بها ، والذي فرق بينكم ، فهو راعيكم الذي استرعاه الله خلقه ، وهو أعرف بمصلحة غنمه ، في فساد أمرها ، فإن شاء فرق بينها لتسلم ، ثم يجمع بينها لتأمن من فسادها وخوف عدوها ، في آثار ما يأذن الله ، ويأتيها بالأمن من مأمنه ، والفرج من عنده. 


عليكم بالتسليم والرد إلينا ، وانتظار أمرنا وأمركم ، وفرجنا وفرجكم ، ولو قد قام قائمنا وتكلم متكلمنا ، ثم استأنف بكم تعليم القرآن ، وشرائع الدين والأحكام والفرائض ، كما أنزله الله على محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ، لأنكر أهل البصائر فيكم ذلك اليوم إنكاراً شديداً.


ثم لم تستقيموا على دين الله وطريقته ، إلا من تحت حد السيف فوق رقابكم ، إن الناس بعد نبيّ الله (عليه السلام) ، ركب الله به سنّة من كان قبلكم ، فغيروا وبدلوا وحرفوا وزادوا في دين الله ونقصوا منه ، فما من شيء عليه الناس اليوم إلا وهو محرف عما نزل به الوحي من عند الله ، فأجب رحمك الله من حيث تدعى ، إلى حيث تدعى ، حتى يأتي من يستأنف بكم دين الله استئنافاً ، وعليك بالصلاة الستة والأربعين (۱) ، وعليك بالحج أن تهل بالإفراد ، وتنوي الفسخ إذا قدمت مكة ، وطفت وسعيت ، فسخت ما أهللت به وقلبت الحج عمرة ، أحللت إلى يوم التروية ، ثم استأنف الإهلال بالحج مفرداً إلى منى ، وتشهد المنافع بعرفات والمزدلفة . فكذلك حج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وهكذا أمر أصحابه أن يفعلوا : 

أن يفسخوا ما أهلّوا به ، ويقلبوا الحج عمرة ، وإنما أقام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على إحرامه ، ليسوق الذي ساق معه ، فإن السائق قارن ، والقارن لا يحل حتى يبلغ هديه محله ، ومحله المنحر بمنى ، فإذا بلغ أحل ، فهذا الذي أمرناك به حج المتمتع. 


فالزم ذلك ، ولا يضيقن صدرك ، والذي أتاك به أبو بصير من صلاة إحدى وخمسين ، والإهلال بالتمتع بالعمرة إلى الحج ، وما أمرنا به من أن يهل بالتمتع ، فلذلك عندنا معانٍ ، وتصاريف لذلك ما يسعنا ويسعكم ، ولا يخالف شيء منه الحق ولا يضاده ، والحمد لله رب العالمين.


- حدثني محمد بن قولويه ، قال : حدثنا سعد بن عبد الله القمي ، عن محمد بن عبد الله المسمعي ، وأحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن أسباط ، عن الحسين بن زرارة ، قال : قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): 

إن أبي يقرأ عليك السلام ، ويقول لك - جعلني الله فداك - إنه لا يزال الرجل ، والرجلان يقدمان ، فيذكران أنك ذكرتني ، وقلت فيَّ، 

فقال : اقرأ أباك السلام ، وقل له أنا والله أحب لك الخير في الدنيا ، وأحب لك الخير في الآخرة ، وأنا والله عنك راضٍ ، فما تبالي ما قال الناس بعد هذا.


- حدثني محمد بن قولويه ، قال: حدثني سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن هلال ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، قال: دخل زرارة على أبي عبد الله (عليه السلام) ، فقال : 

يا زرارة متأهل أنت؟ 

قال : لا ، 

قال : وما يمنعك من ذلك؟ 

قال : لأني لا أعلم تطيب مناكحة هؤلاء أم لا


قال : فكيف تصبر وأنت شاب؟ 

قال أشتري الإماء ، 

قال : ومن أين طاب لك نكاح الإماء؟ 

قال : لأن الأمة إن رابني من أمرها شيء بعتها، 

قال : لم أسألك عن هذا ، ولكن سألتك من أين طاب لك فرجها؟ 

قال له : فتأمرني أن أتزوج؟ 

قال له : ذاك إليك.


قال : فقال له زرارة: هذا الكلام ينصرف على ضربين: إما أن لا تبالي أن أعصي الله ، إذ لم تأمرني بذلك ، والوجه الآخر أن تكون مطلقاً لي، 

قال : فقال : عليك بالبلهاء، 

قال فقلت : مثل التي تكون على رأي الحكم بن عيينة (١) ، وسالم بن أبي حفصة؟.


قال : لا ، التي لا تعرف ما أنتم عليه ولا تنصب ، قد زوج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أبا العاص بن الربيع وعثمان بن عفان ، وتزوج عائشة وحفصة وغيرهما، 

فقال : لست أنا بمنزلة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، الذي كان يجري عليهم (۲) حكمه ، وما هو إلا مؤمن أو کافر ، قال الله عز وجل : {فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَ مِنْكُمْ مُؤْمِنٌ} (۳).


فقال له أبو عبد الله (عليه السلام) : فأين أصحاب الأعراف؟ وأين المؤلفة قلوبهم؟ وأين الذين خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً؟ وأين الذين لم يدخلوها وهو يطمعون؟ 


قال زرارة : أيدخل النار مؤمن؟ 

فقال أبو عبد الله (عليه السلام) : لا يدخلها إلا أن يشاء الله، 

قال زرارة : فيدخل الكافر الجنة؟ 

فقال أبو عبد الله : لا، 

فقال زرارة: هل يخلو أن يكون مؤمناً أو كافراً؟.


فقال أبو عبد الله (عليه السلام) : قول الله أصدق من قولك يا زرارة ، بقول الله أقول ، يقول الله تعالى: {لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ} (١) لو كانوا مؤمنين لدخلوا الجنة ، ولو كانوا كافرين لدخلوا النار، 

قال : فماذا ؟ 

فقال أبو عبد الله (عليه السلام): أرجهم حيث أرجاهم الله ، أما إنك لو بقيت لرجعت عن هذا الكلام ، وتحللت عنك عقد الإيمان. 


قال أصحاب زرارة : فكل من أدرك زرارة بن أعين ، فقد أدرك أبا عبد الله (عليه السلام) ، فإنه مات بعد أبي عبد الله (عليه السلام) بشهرين أو أقل ، وتوفي أبو عبد الله (عليه السلام) ، وزرارة مريض مات في مرضه ذلك.


- حدثني أبو عبد الله محمد بن إبراهيم الوراق ، قال: حدثني علي بن محمد بن يزيد القمي (٢) قال : حدثني بنان بن محمد بن عيسى عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن محمد بن أبي عمير ، قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فقال: 

كيف تركت زرارة؟ 

قال : تركته لا يصلي العصر حتى تغيب الشمس، 

قال : فأنت رسولي إليه ، فقل له فليصلِّ في مواقيت أصحابه (۳). ، فإني قد حرقت، 

قال : فأبلغته ذلك، 

فقال : أنا والله أعلم أنك لم تكذب عليه ، ولكني أمرني بشيء فأكره أن أدعه.


- حدثني محمد بن قولويه ، قال حدثني سعد بن عبد الله ، قال : حدثني أبو جعفر أحمد بن محمد بن عيسى وعلي بن إسماعيل بن عيسى ، عن محمد بن عمرو بن سعيد الزيات ، عن يحيى بن محمد بن عيسى أبي حبيب (٤)، قال: 

سألت الرضا (عليه السلام) ، عن أفضل ما يتقرب به العبد إلى الله من صلاته؟ 

فقال : ست وأربعون ركعة ، فرائضه ونوافله، 

فقلت: هذه رواية زرارة، 

فقال : أترى أن أحداً كان أصدع بحق من زرارة؟. 


- حدثني حمدويه ، قال : حدثني محمد بن عيسى ، عن القاسم بن عروة ، عن ابن بكير ، قال : دخل زرارة على أبي عبد الله (عليه السلام) قال: 

إنكم قلتم لنا في الظهر والعصر على ذراع وذراعين ، ثم قلتم أبردوا بها في الصيف ، فكيف الإبراد بها؟ 


وفتح ألواحه ليكتب ما يقول ، فلم يجبه أبو عبد الله (عليه السلام) بشيء ، فأطبق ألواحه ، فقال: 

إنما علينا أن نسألكم ، وأنتم أعلم بما عليكم وخرج ، ودخل أبو بصير على أبي عبد الله (عليه السلام) ، فقال: 

إن زرارة سألني عن شيء فلم أُجبه ، وقد ضقت (من ذلك) (۱) ، فاذهب أنت رسولي إليه ، فقل: صلِّ الظهر في الصيف ، إذا كان ظلك مثلك ، والعصر إذا كان ظلّك مثليك. 

وكان زرارة هكذا يصلي في الصيف ، ولم أسمع أحداً من أصحابنا يفعل ذلك ، غيره وغير ابن بكير.


- حمدويه ، قال: حدثني محمد بن عيسى ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن أذينة ، عن زرارة ، قال: 

كنت قاعداً عند أبي عبد الله (عليه السلام) أنا وحمران، 

فقال له حمران : ما تقول فيما يقول زرارة ، فقد خالفته فيه؟ 

قال : فما هو؟ 

قال : يزعم أن مواقيت الصلاة مفوضة إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وهو الذي وضعها، 

قال : فما تقول أنت؟ 

قال : قلت إن جبريل (عليه السلام) أتاه في اليوم الأول بالوقت الأول ، وفي اليوم الثاني بالوقت الأخير ، ثم قال جبريل : يا محمد ما بينهما وقت.


فقال أبو عبد الله له : يا حمران ، إن زرارة يقول : إنما جاء جبريل مشيراً على محمد (عليه السلام) ، صدق زرارة ، فجعل الله ذلك إلى محمد (عليه السلام) فوضعه ، وأشار جبريل عليه.


- حدثنا محمد بن مسعود ، قال حدثنا جبريل بن أحمد الفاريابي ، قال: حدثني العبيدي محمد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن ابن مسكان ، قال: سمعت زرارة يقول: 

رحم الله أبا جعفر ، وأما جعفر فإن في قلبي عليه لعنة (١)! 

فقلت له : وما حمل زرارة على هذا؟ 

قال : حمله على هذا أنّ أبا عبد الله (عليه السلام) أخرج مخازيه 

(هذا للتقية ولحفظه كما تقدم).


- حدثني حمدويه وإبراهيم ابنا نصير ، قالا : حدثنا العبيدي ، عن هشام بن إبراهيم الختلي وهو المشرقي ، قال : قال لي أبو الحسن الخراساني  (عليه السلام): 

كيف تقولون في الاستطاعة بعد يونس ، تذهب فيها مذهب زرارة ، ومذهب زرارة هو الخطأ


فقلت : لا ، ولكنه بأبي أنت وأمي ، ما تقول في الاستطاعة ، وقول زرارة في من قدر ونحن منه براء ، وليس من دين آبائك ، وقال الآخرون بالجبر ونحن منه براء ، وليس من دين آبائك.


قال : فبأيِّ شيء تقولون؟ 

قلت : نقول بقول أبي عبد الله (عليه السلام) ، وسئل عن قول الله عز وجل : {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} (۲) ما استطاعته؟ قال،


فقال أبو عبد الله (عليه السلام) : صحته وماله ، فنحن بقول أبي عبد الله (عليه السلام) نأخذ. 

قال : صدق أبو عبد الله عليه هذا هو الحق. 

(هذا للتقية ولحفظه كما تقدم).


- حدثني طاهر بن عيسى الوراق ، قال حدثني جعفر بن أحمد بن أيوب قال حدثني أبو الحسن صالح بن أبي حماد الرازي ، عن ابن أبي نجران عن علي بن أبي حمزة ، (عن أبي بصير) (۳) ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : قلت: 

{الَّذِينَ ءَامَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ} (٤) ، 

قال : أعاذنا الله وإياك من ذلك الظلم، 

قلت : ما هو؟ 

قال : هو والله ما أحدث زرارة وأبو حنيفة وهذا الضرب. 

قال : قلت : الزنى معه؟

قال : الزنى ذنب. 

(هذا للتقية ولحفظه كما تقدم).


- حدثني محمد بن نصير قال : حدثني محمد بن عيسى ، عن حفص مؤذن (٥) علي بن يقطين يكنى أبا محمد ، عن أبي بصير ، قال : قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) : 

{الَّذِينَ ءَامَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ} ؟ 

قال : أعاذنا الله وإياك يا أبا بصير من ذلك الظلم ، ذلك ما ذهب فيه زرارة وأصحابه وأبو حنيفة وأصحابه. 

(هذا للتقية ولحفظه كما تقدم).


- حدثني حمدويه بن نصير ، قال : حدثني محمد بن عيسى بن عبيد عن ابن أبي عمير ، عن عبد الرحمن بن الحجاج ، عن حمزة ، قال : قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): 

بلغني أنك برئت من عمي؟ يعني زرارة، 

قال فقال : أنا لم أبرأ من زرارة لكنهم يجيئون ويذكرون ويروون عنه ، فلو سكتّ عنه ألزمونيه ، فأقول : من قال هذا ، فأنا إلى الله منه بريء.


- محمد بن مسعود قال : حدثني عبد الله بن محمد بن خالد ، قال : حدثني الوشاء عن ابن خداش ، عن علي بن إسماعيل عن ربعي ، عن الهيثم بن حفص العطار ، قال : سمعت حمزة بن حمران ، يقول حين قدم من اليمن : لقيت أبا عبد الله (عليه السلام) ، فقلت له : 

بلغني أنك لعنت عمي زرارة! 

قال : فرفع يده حتى صكَّ بها صدره، 

ثم قال : لا والله ما قلت ، ولكنكم تأتون عنه بأشياء (١) ، فأقول : من قال هذا ، فأنا منه بريء.


قال : قلت : فأحكي لك ما يقول؟ 

قال نعم ، 

قال قلت : إن الله عز وجل لم يكلف العباد إلا ما يطيقون ، وإنهم لن يعملوا إلا أن يشاء الله ويريد ويقضي، 

قال: هو والله الحق.


ودخل علينا صاحب الزطي ، فقال له : 

يا ميسر ألست على هذا؟ 

قال : على أيِّ شيء أصلحك الله - أو جعلت فداك؟ 

قال : فأعاد هذا القول عليه كما قلت له، ثم قال : هذا والله ديني ودين آبائي.


- حدثني أبو جعفر محمد بن قولويه ، قال : حدثني محمد بن أبي القاسم أبو عبد الله المعروف بماجيلويه ، عن زياد بن أبي الحلال ، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): 

إن زرارة روى عنك في الاستطاعة شيئاً ، فقبلنا منه وصدقناه ، وقد أحببت أن أعرضه عليك، 

فقال : هاته ، 

قلت : فزعم أنه سألك عن قول الله عز وجل: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} 

فقلتَ : من ملك زاداً وراحلة ، 

فقال (لك) (١) : كل من ملك زاداً وراحلة ، فهو مستطيع للحج وإن لم يحج؟ 

فقلت : نعم . 


فقال : ليس هكذا سألني ، ولا هكذا قلت . كذب عليَّ والله ، كذب عليَّ والله ، لعن الله زرارة ، لعن الله زرارة ، لعن الله زرارة ، 

إنما قال لي : من كان له زاد وراحلة ، فهو مستطيع للحج ؟ 

قلت : قد وجب عليه الحج ، 

قال : فمستطيع هو ؟ 

فقلت : لا ، حتى يؤذن له، 

قلت: فأُخبر زرارة بذلك؟ 

قال : نعم . 

قال زياد: فقدمت الكوفة ، فلقيت زرارة فأخبرته بما قال أبو عبد الله (عليه السلام) ، وسكتّ عن لعنه، 

فقال : أما إنه قد أعطاني الاستطاعة من حيث لا يعلم ، وصاحبكم هذا ليس له بصر بكلام الرجال. 

(هذا للتقية ولحفظه كما تقدم). 


- قال أبو عمرو محمد بن عمر بن عبد العزيز الكشي : وحدثني أبو الحسن محمد بن بحر الكرماني الدهني (٢) الترماشيري قال : وكان من الغلاة الحنقين (۳) قال : حدثني أبو العباس المحاربي الجزري ، قال : حدثنا يعقوب بن يزيد ، قال حدثنا فضالة بن أيوب ، عن فضيل الرسان ، قال : قيل لأبي عبد الله (عليه السلام): 

إن زرارة يدعي أنه أخذ عليك (٤) الاستطاعة؟ 

قال لهم : غفراً كيف أصنع بهم ، وهذا المراديّ بين يديّ ، وقد أريته وهو أعمى ما بين السماء والأرض ، فشك وأضمر أني ساحر، 

فقلت : اللهم لو لم تكن جهنم إلا سكرجة لوسعها آل أعين بن سنسن، 

قيل : فحمران؟ 

قال : حمران ليس منهم (٥).


- حدثنا محمد بن مسعود ، قال : حدثني جبريل بن أحمد ، قال : حدثني محمد بن عيسى بن عبيد ، قال : حدثني يونس بن عبد الرحمن ، عن عمر بن أبان ، عن عبد الرحيم القصير ، قال، قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): 

ائتِ زرارة وبريداً فقل لهما : ما هذه البدعة التي ابتدعتماها؟ أما علمتما أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : كل بدعة ضلالة؟.


قلت له : إني أخاف منهما . فأرسل معي ليثاً المراديّ فأتينا زرارة ، فقلنا له ما قال أبو عبد الله (عليه السلام)، 

فقال : والله لقد أعطاني الاستطاعة وما شعر، 

فأما بريد فقال : لا والله لا أرجع عنها أبداً.


- حدثني حمدويه ، قال : حدثني محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن مسمع كردين أبي سيار ، قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: 

لعن الله بريداً ولعن الله زرارة. 

(هذا للتقية ولحفظهما من الأعداء كما ذكر من قبل).


- حدثني محمد بن مسعود ، قال : حدثني جبريل بن أحمد ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن إسماعيل بن عبد الخالق ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : ذكر عنده بنو أعين فقال:

 والله ما يريد بنو أعين إلا أن يكونوا على غلب.


- محمد بن مسعود قال : حدثني جبرئيل بن أحمد ، عن العبيدي ، عن يونس ، عن هارون بن خارجة ، قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل : 

{الَّذِينَ ءَامَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ}. 

قال : هو ما استوجبه أبو حنيفة وزرارة. 

(هذا للتقية ولحفظه كما تقدم).


- وبهذا الاسناد عن يونس ، عن خطاب بن مسلمة ، عن ليث المرادي قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: 

لا يموت زرارة إلا تائهاً.


- وبهذا الإسناد عن يونس ، عن إبراهيم المؤمن ، عن عمران الزعفراني قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول لأبي بصير: 

يا أبا بصير - وكنا اثني عشر رجلاً - ما أحدث أحد في الإسلام ، ما أحدث زرارة من البدع ، عليه لعنة الله! هذا قول أبي عبد الله (عليه السلام) . 

(هذا للتقية ولحفظه كما تقدم).


- حدثني حمدويه بن نصير ، قال : حدثني محمد بن عيسى ، عن عمار بن المبارك ، قال : حدثني الحسن بن كليب الأسدي ، عن أبيه كليب الصيداوي ، أنهم كانوا جلوساً ، ومعهم عذافر الصيرفي ، وعدة من أصحابهم معهم أبو عبد الله (عليه السلام) قال: فابتدأ أبو عبد الله (عليه السلام) من غير ذكر لزرارة ، فقال: 

لعن الله زرارة ، لعن الله زرارة لعن الله زرارة ، ثلاث مرات. 

(هذا للتقية ولحفظه من الأعداء كما ذكر من قبل).


- محمد بن مسعود قال : حدثني محمد بن عيسى ، عن حريز قال : خرجت إلى (۱) فارس ، وخرج معنا محمد الحلبي إلى مكة ، فاتفق قدومنا جميعاً إلى حزين (١) ، فسألت الحلبي ، فقلت له أطرفنا بشيء ، قال: نعم، جئتك بما تكره ، قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) : 

ما تقول في الاستطاعة؟ 

فقال : ليس من ديني ولا دين آبائي.

فقلت : الآن ثلج عن صدري ، والله لا أعود لهم مريضاً ، ولا أشيع لهم جنازة ، ولا أعطيهم شيئاً من زكاة مالي، 

قال: فاستوى أبو عبد الله (عليه السلام) جالساً وقال لي : كيف قلت؟ 

فأعدت عليه الكلام، 

فقال أبو عبد الله (عليه السلام) : كان أبي (عليه السلام) يقول : أولئك قوم حرم الله وجوههم على النار، 

فقلت : جعلت فداك ، فكيف قلت لي ليس من ديني ولا دين آبائي؟ 

قال : إنما أعني بذلك قول زرارة وأشباهه.


- حدثني محمد بن مسعود ، قال حدثني جبرئيل بن أحمد ، قال: حدثني موسى بن جعفر بن وهب ، عن علي بن القصير ، عن بعض رجاله ، قال:

 استأذن زرارة بن أعين ، وأبو الجارود على أبي عبد الله (عليه السلام) قال: 

يا غلام أدخلهما ، فإنهما عجلا المحيا وعجلا الممات.


- حدثني محمد بن مسعود ، قال : حدثني جبرئيل بن أحمد ، عن موسى بن جعفر ، عن علي بن أشيم ، قال حدثني رجل ، عن عمار الساباطي ، قال: 

نزلت منزلاً في طريق مكة ليلة ، فإذا أنا برجل قائم يصلي صلاة ، ما رأيت أحداً صلى مثلها ، ودعا بدعاء ما رأيت أحداً دعا بمثله.


فلما أصبحت نظرت إليه فلم أعرفه ، فبينا أنا عند أبي عبد الله (عليه السلام) جالساً ، إذ دخل الرجل ، فلما نظر أبو عبد الله (عليه السلام) إلى الرجل ، قال: 

ما أقبح بالرجل أن يأتمنه رجل من إخوانه على حرمة من حرمته فيخونه فيها. 


قال : فولى الرجل ، فقال لي أبو عبد الله (عليه السلام): 

يا عمار ، أتعرف هذا الرجل؟ 

قلت : لا والله إلا أني نزلت ذات ليلة في بعض المنازل ، فرأيته يصلي صلاة ما رأيت أحداً صلى مثلها ، ودعا بدعاء ما رأيت أحداً دعا بمثله!.


فقال لي : هذا زرارة بن أعين ، هذا والله من الذين وصفهم الله عز وجل في كتابه فقال: 

{وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً} (۱) 

(هذا للتقية والحفاظ على زرارة رضوان الله عليه). 


- حدثني حمدويه ، قال : حدثني محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة ، عن عبد الله الحلبي ، قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) ، وسأله إنسان ، قال: 

إني كنت أنيل التيمية (٢) من زكاة مالي ، حتى سمعتك تقول فيهم ، أفأُعطيهم أم أكف؟ 

قال : لا بل أعطهم ، فإن الله حرم أهل هذا الأمر على النار.


- حدثني حمدويه ، قال : حدثني محمد بن عيسى ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن محمد بن حمران ، عن الوليد بن صبيح ، قال : دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) ، فاستقبلني زرارة خارجاً من عنده ، فقال لي أبو عبد الله (عليه السلام): 

يا وليد ، أما تعجب من زرارة يسألني عن أعمال هؤلاء؟ أيَّ شيء كان يريد؟ أيريد أن أقول له لا ، فيروي ذلك عني؟ 

ثم قال : يا وليد متى كانت الشيعة تسأل عن أعمالهم ، إنما كانت الشيعة تقول : من أكل من طعامهم وشرب من شرابهم ، واستظل بظلهم ، متى كانت الشيعة تسأل عن مثل هذا.


- حدثني محمد بن مسعود ، قال : حدثني عبد الله بن محمد بن خالد الطيالسي قال : حدثني الحسن بن علي الوشاء ، عن أبي خداش ، عن علي بن إسماعيل عن أبي خالد ، وحدثني محمد بن مسعود قال : حدثني علي بن محمد القمي ، قال: حدثني محمد بن أحمد بن يحيى ، عن ابن الريان عن الحسن بن راشد ، عن علي بن إسماعيل ، عن أبي خالد ، عن زرارة قال: 

قال لي زيد بن علي (عليه السلام) ، وأنا عند أبي عبد الله (عليه السلام): 

ما تقول يا فتى في رجل من آل محمد استنصرك؟ 

فقلت : إن كان مفروض الطاعة نصرته ، وإن كان غير مفروض الطاعة ، فلي أن أفعل ولي أن لا أفعل، فلما خرج ، قال أبو عبد الله (عليه السلام): 

أخذته والله من بين يديه ومن خلفه وما تركت له مخرجاً.


- وروى عن زرارة بن أعين قال : جئت إلى حلقة بالمدينة ، فيها عبد الله بن محمد ، وربيعة الرأي ، فقال عبد الله: 

يا زرارة ، سل ربيعة عن شيء مما اختلفتم فيه.

فقلت : إن الكلام يورث الضغائن، 

فقال لي ربيعة الرأي : سل يا زرارة.


قال قلت : بمَ كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يضرب في الخمر؟ 

قال : بالجريد والنعل، 

فقلت : لو أن رجلاً أخذ اليوم شارب خمر ، وقدم إلى الحاكم ما كان عليه؟ 

قال : يضربه بالسوط ، لأن عمر ضرب بالسوط ، 

قال : فقال عبد الله بن محمد : يا سبحان الله يضرب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالجريد ، ويضرب عمر بالسوط ، فيترك ما فعل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ويؤخذ ما فعل عمر.


- حدثني حمدويه قال : حدثني أيوب ، عن حنان بن سدير ، قال : 

كتب معي رجل ، أن أسأل أبا عبد الله (عليه السلام) ، عما قالت اليهود والنصارى والمجوس والذين أشركوا: هو مما شاء (الله) (١) أن يقولوا؟ 

قال : قال لي : إن ذا من مسائل آل أعين ، ليس من ديني ولا دين آبائي، 

قال قلت : ما معي مسألة غير هذه.


- حدثني محمد بن قولويه قال : حدثني سعد بن عبد الله بن أبي خلف قال : حدثنا محمد بن عثمان بن رشيد ، قال : حدثني الحسن بن علي بن يقطين ، عن أخيه أحمد بن علي ، عن أبيه علي بن يقطين ، قال : 

لما كانت وفاة أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال الناس بعبد الله بن جعفر ، واختلفوا : فقائل قال به ، وقائل قال بأبي الحسن (عليه السلام) ، فدعا زرارة ابنه عبيداً ، فقال: 

يا بني ، الناس مختلفون في هذا الأمر : فمن قال بعبد الله ، فإنما ذهب إلى الخبر الذي جاء ، أنّ الإمامة في الكبير من ولد الإمام ، فشدَّ راحلتك ، وامضِ إلى المدينة حتى تأتيني بصحة الأمر ، فشد راحلته ومضى إلى المدينة.


واعتل زرارة ، فلما حضرته الوفاة ، سأل عن عبيد ، فقيل إنه لم يقدم ، فدعا بالمصحف ، فقال : 

اللهمَّ إني مصدق بما جاء به نبيّك محمد ، في ما أنزلته عليه وبينته لنا على لسانه ، وإني مصدق بما أنزلته عليه في هذا الجامع ، وإن عقيدتي وديني الذي يأتيني به عبيد ابني ، وما بينته في كتابك ، فإن أمتَّني قبل هذا ، فهذه شهادتي على نفسي ، وإقراري بما يأتي به عبيد ابني وأنت الشهيد عليّ بذلك. 


فمات زرارة ، وقدم عبيد ، فقصدناه لنسلم عليه ، فسألوه عن الأمر الذي قصده ، فأخبرهم أن أبا الحسن (عليه السلام) صاحبهم.


- حدثني حمدويه ، قال : حدثني يعقوب بن يزيد قال : حدثني عليّ بن حديد ، عن جميل بن دراج ، قال : 

ما رأيت رجلاً مثل زرارة بن أعين ، إنا كنا نختلف إليه ، فما نكون حوله إلا بمنزلة الصبيان في الكتّاب حول المعلم ، فلما مضى أبو عبد الله (عليه السلام) ، وجلس عبد الله مجلسه ، بعث زرارة عبيداً ابنه ، زائراً عنه ليتعرف الخبر ويأتيه بصحته ، ومرض زرارة مرضاً شديداً ، قبل أن يوافيه ابنه عبيد ، فلما حضرته الوفاة دعا بالمصحف ، فوضعه على صدره ثم قبَّله.


قال جميل : فحكى جماعة ممن حضره أنه قال : اللهم إني ألقاك يوم القيامة ، وإمامي من ثبت (۱) في هذا المصحف إمامته ، اللهم إني أُحل حلاله وأُحرم حرامه ، وأُومن بمحكمه ومتشابهه ، وناسخه ومنسوخه وخاصّه وعامّه ، على ذلك أحيا وعليه أموت إن شاء الله.  


- محمد بن قولويه ، قال : حدثني سعد بن عبد الله ، عن الحسن بن علي بن موسى بن جعفر ، عن أحمد بن هلال ، عن أبي يحيى الضرير ، عن درست بن أبي منصور الواسطي ، قال : سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول : 

إن زرارة شك في إمامتي ، فاستوهبته من ربي تعالى. 


- حدثني محمد بن قولويه ، قال : حدثني سعد ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، ومحمد بن عبد الله المسمعي ، عن علي بن أسباط ، عن محمد بن عبد الله بن زرارة ، عن أبيه قال: 

بعث زرارة عبيداً ابنه ، يسأل عن خبر أبي الحسن (عليه السلام) ، فجاءه الموت قبل رجوع عبيد إليه ، فأخذ المصحف فأعلاه فوق رأسه ، وقال: 

إن الإمام بعد جعفر بن محمد ، من اسمه بين الدفتين ، في جملة القرآن منصوص عليه ، من الذين أوجب الله طاعتهم على خلقه ، أنا مؤمن به، 

قال: فأُخبر بذلك أبو الحسن الأول (عليه السلام) فقال : 

والله كان زرارة مهاجراً إلى الله تعالى. 


- حمدويه بن نصير ، قال : حدثني محمد بن عيسى بن عبيد عن محمد بن أبي عمير ، عن جميل بن دراج وغيره ، قال: 

وجه زرارة عبيداً ابنه إلى المدينة ، يستخبر له خبر أبي الحسن (عليه السلام) ، وعبد الله بن أبي عبد الله ، فمات قبل أن يرجع إليه عبيد.


قال محمد بن أبي عمير : حدثني محمد بن حكيم ، قال: 

قلت لأبي الحسن الأول (عليه السلام) ، وذكرت له زرارة وتوجيهه ابنه عبيداً إلى المدينة ، فقال أبو الحسن: 

إني لأرجو أن يكون زرارة ممن قال الله تعالى: 

{وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللَّـهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّـهِ} (١).


- حدثني محمد بن مسعود ، قال : أخبرنا جبريل بن أحمد ، قال : حدثني محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن إبراهيم المؤمن ، عن نصير (٢) بن شعيب ، عن عمة زرارة ، قالت: 

لما وقع زرارة واشتد به ، قال : ناوليني المصحف ، فناولته وفتحته ، فوضعته على صدره ، وأخذه مني ، ثم قال : يا عمة ، اشهدي أن ليس لي إمام غير هذا الكتاب.


- حدثني محمد بن مسعود ، قال : حدثني جبريل بن أحمد ، قال : حدثني العبيدي عن يونس ، عن ابن مسكان قال: 

تذاكرنا عند زرارة في شيء من أمور الحلال والحرام ، فقال قولاً برأيه ، فقلت : أبرأيك هذا أم برأيه؟ فقال: إني أعرف ، أوليس رُبَّ رأيٍ خيرٌ من أثر؟. 


- حدثني أبو صالح خلف بن حماد بن الضحاك ، قال : حدثني أبو سعيد الأدمي ، قال : حدثني ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، قال : قال لي زرارة بن أعين: 

لا ترى على أعوادها غير جعفر ، قال : فلما توفي أبو عبد الله (عليه السلام) أتيته ، فقلت له : أتذكر الحديث الذي حدثتني به؟ وذكرته له ، وكنت أخاف أن يجحدنيه ، فقال : إني والله ما كنت قلت ذلك إلا برأيي. 

(هذا للتقية ولحفظه كما تقدم).


- حمدويه بن نصير ، قال : حدثنا محمد بن عيسى ، عن الوشاء ، عن هشام بن سالم ، عن زرارة ، قال: 

سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن جوائز العمال 

فقال : لا بأس به ، قال : ثم قال : إنما أراد زرارة أن يبلغ هشاماً أني أحرم أعمال السلطان.


- محمد بن مسعود ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد بن خالد الطيالسي قال : حدثني الحسن بن علي الوشاء ، عن محمد بن حمران ، قال : حدثني زرارة ، قال : قال لي أبو جعفر (عليه السلام): 

حدِّث عن بني إسرائيل ولا حرج، 

قال : قلت : جعلت فداك ، والله إن في أحاديث الشيعة ما هو أعجب من أحاديثهم، 

قال : وأيُّ شيء هو يا زرارة؟ 

قال : فاختلس من قلبي ، فمكثت ساعة لا أذكر شيئاً ممّا أريد، 

قال: لعلك تريد الهفتية (١)، 

قلت : نعم ، 

قال : فصدِّق بها فإنها حق.


- حدثني محمد بن مسعود ، قال : حدثني جبريل بن أحمد قال : حدثني محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن ابن مسكان ، قال: سمعت زرارة يقول: 

إني كنت أرى جعفراً أعلم مما هو! وذاك أنه يزعم أنه سأل أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل من أصحابنا ، مختفٍ من غرّامه، 

فقال : أصلحك الله ، إن رجلاً من أصحابنا ، كان مختفياً من غرّامه ، فإن كان هذا الأمر قريباً ، صبر حتى يخرج مع القائم ، وإن كان فيه تأخير صالح غرّامه!.


فقال له أبو عبد الله (عليه السلام) : يكون (إن شاء الله تعالى) (۲)، 

فقال زرارة : يكون إلى سنة؟ 

فقال أبو عبد الله (عليه السلام) : يكون إن شاء الله، 

فقال زرارة : فيكون إلى سنتين؟

فقال أبو عبد الله : يكون إن شاء الله، 

فخرج زرارة فوطن نفسه على أن يكون إلى سنتين فلم يكن ، فقال : ما كنت أرى جعفراً إلا أعلم مما هو!.


- محمد بن مسعود ، قال : كتب إلينا الفضل ، يذكر عن ابن أبي عمير عن إبراهيم بن عبد الحميد ، عن عيسى بن أبي منصور وأبي أسامة الشحام ويعقوب الأحمر ، قالوا: 

كنا جلوسا عند أبي عبد الله (عليه السلام) ، فدخل عليه زرارة ، فقال: 

إن الحكم بن عيينة حدث عن أبيك أنه قال : صلِّ المغرب دون المزدلفة، 

فقال له أبو عبد الله (عليه السلام) : أنا تأملته ، ما قال أبي هذا قط ، كذب الحكم على أبي، 

قال : فخرج زرارة وهو يقول: ما أرى الحكم كذب على أبيه. 

(لأن عند زرارة لحن قول الإمام (عليه السلام)).


- محمد بن یزداد ، قال: حدثني محمد بن على الحداد ، عن مسعدة بن صدقة ، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): 

إن قوماً يعارون الإيمان عارية ، ثم يسلبونه ، يقال لهم يوم القيامة المعارون ، أما إن زرارة بن أعين منهم. 

(كما ذكرنا للتقية وللحفاظ عليه).


- حمدان بن أحمد قال : حدثنا معاوية بن حكيم ، عن أبي داود المسترق ، قال: 

كنت قائد أبي بصير في بعض جنائز أصحابنا، فقلت له : 

هو ذا زرارة في الجنازة، 

قال لي: اذهب بي إليه، 

قال : فذهبت به إليه، 

فقال له: السلام عليك يا أبا الحسن ، فرد عليه زرارة السلام ، 

وقال له: لو علمت أن هذا من رأيك لبدأتك به،

قال، فقال له أبو بصير: بهذا أُمرت. 


- علي بن محمد (١) بن قتيبة ، قال: حدثني محمد بن أحمد ، عن محمد بن عيسی ، عن إبراهيم بن عبد الحميد ، عن الوليد بن صبيح ، قال: 

مررت في الروضة بالمدينة ، فإذا إنسان قد جذبني ، فالتفت فإذا أنا بزرارة ، فقال لي: 

استأذن لي على صاحبك. 

قال : فخرجت من المسجد ، فدخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فأخبرته الخبر ، فضرب بيده على لحيته ، ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام) : 

لا تأذن له ، لا تأذن له ، لا تأذن له ، فإن زرارة يريدني على القدر على كبر السن ، وليس من ديني ولا دين آبائي. 

(هذا للتقية ولحفظه كما تقدم). 


- محمد بن أحمد عن محمد بن عیسی عن علي بن الحكم ، عن بعض رجاله ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: 

دخلت عليه فقال : متى عهدك بزرارة؟ 

قال : قلت: ما رأيته منذ أيام، 

قال: لا تبالِ . وإن مرض فلا تعده، وإن مات فلا تشهد جنازته 

قال: قلت : زرارة؟! متعجباً مما قال 

قال : نعم زرارة ، زرارة شر من اليهود والنصارى ، ومن قال إن الله ثالث ثلاثة. 

(كما ذكرنا للتقية وللحفظ عليه) (۱).