- مولى بجيلة ولقبه الناس شيطان الطاق ، وذلك أنهم شكّوا في درهم ، فعرضوه عليه وكان صيرفياً ، فقال لهم : سُتّوق ، فقالوا : ما هو إلا شيطان الطاق.
- حمدويه بن نصير ، قال : حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن النضر بن شعیب ، عن أبان بن عثمان ، عن عمر بن يزيد ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
زرارة وبريد بن معاوية ومحمد بن مسلم والأحول ، أحب الناس إليَّ أحياءً وأمواتاً ، ولكنهم يجيئوني فيقولون لي ، فلا أجد بداً من أن أقول.
- حمدويه ، قال : حدثني محمد بن عيسى بن عبيد ، ويعقوب بن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي العباس البقباق ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال:
أربعة أحب الناس إليَّ أحياءً وأمواتاً : بريد بن معاوية العجلي ، وزرارة بن أعين ، ومحمد بن مسلم ، وأبو جعفر الأحول ، أحب الناس إليَّ أحياءً وأمواتاً.
- حدثني محمد بن الحسن ، قال : حدثني الحسن بن خرزاذ ، عن موسى بن القاسم البجلي ، عن صفوان ، عن عبد الرحمن بن الحجاج ، عن أبي خالد الكابلي ، قال:
رأيت أبا جعفر صاحب الطاق ، وهو قاعد في الروضة ، قد قطع أهل المدينة أزراره ، وهو دائب يجيبهم ويسألونه ، فدنوت منه ، فقلت :
إن أبا عبد الله نهانا عن الكلام.
فقال : أمرك أن تقول لي؟
فقلت : لا (والله) (۲) ، ولكنه أمرني أن لا أُكلم أحداً،
قال : فاذهب فأطعه في ما أمرك .
فدخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فأخبرته بقصة صاحب الطاق، وما قلت له وقوله لي : اذهب وأطعه في ما أمرك . فتبسم أبو عبد الله (عليه السلام) وقال :
يا أبا خالد ، إن صاحب الطاق ، يكلم الناس فيطير وينقضّ ، وأنت إن قصّوك لن تطير.
- حدثني حمدويه بن نصير ، قال : حدثني محمد بن عيسى ، عن يونس عن إسماعيل بن عبد الخالق ، قال : كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) ليلاً ، فدخل عليه الأحول ، فدخل به من التذلل والاستكانة أمر عظيم ، فقال له أبو عبد الله (عليه السلام):
ما لك؟ وجعل يكلمه حتى سكن ، ثم قال له : بمَ تخاصم الناس؟
قال : فأخبره بما يخاصم الناس ، ولم أحفظ منه ذلك،
فقال أبو عبد الله (عليه السلام) : خاصمهم بكذا وكذا.
وذكر أن مؤمن الطاق قيل له : ما الذي جرى بينك وبين زيد بن علي ، في محضر أبي عبد الله؟
قال : قال زيد بن عليّ : يا محمد بن عليّ ، بلغني أنك تزعم أن في آل محمد إماماً مفترض الطاعة؟
قال : قلت : نعم ، وكان أبوك علي بن الحسين أحدهم،
فقال : وكيف وقد كان يؤتى بلقمة وهي حارة فيبردها بيده ثم يلقمنيها ، أفترى أنه كان يشفق عليَّ من حر اللقمة ، ولا يشفق عليَّ من حر النار؟
قال : قلت له : كره أن يخبرك فتكفر ، فلا يكون له فيك الشفاعة ولا لله فيك المشيئة.
فقال أبو عبد الله (عليه السلام) : أخذته من بين يديه ومن خلفه ، فما تركت له مخرجاً.
- حدثني محمد بن مسعود قال : حدثني إسحاق بن محمد البصري ، قال : حدثني أحمد بن صدقة الكاتب الأنباري ، عن أبي مالك الأحمسي ، قال : حدثني مؤمن الطاق - واسمه محمد بن علي بن النعمان أبو جعفر الأحول - قال:
كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) ، فدخل زيد بن علي ، فقال لي :
يا محمد أنت الذي تزعم أن في آل محمد إماماً مفترض الطاعة معروفاً بعينه؟
قال : قلت : نعم ، كان أبوك أحدهم.
قال : ويحك فما كان يمنعه من أن يقول لي ، فوالله لقد كان يؤتى بالطعام الحار فيقعدني على فخذه ويتناول البضعة فيبردها ثم يلقمنيها ، أفتراه كان يشفق عليَّ من حر الطعام ولا يشفق عليَّ من حر النار؟
قال : قلت : كره أن يقول لك فتكفر ، فيجب من الله عليك الوعيد ، ولا يكون له فيك شفاعة ، فتركك مرجَأً لله فيك المشيئة وله فيك الشفاعة.
قال : وقال أبو حنيفة لمؤمن الطاق ، وقد مات جعفر بن محمد (عليه السلام) : يا أبا جعفر ، إن إمامك قد مات،
فقال أبو جعفر : لكن إمامك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم.
- حدثني محمد بن مسعود ، قال : حدثني أبو يعقوب إسحاق بن محمد البصري ، قال : أخبرني أحمد بن صدقة ، عن أبي مالك الأحمسي ، قال:
خرج الضحاك الشاري بالكوفة ، فحكم ، وتسمى بإمرة المؤمنين ، ودعا الناس إلى نفسه ، فأتاه مؤمن الطاق ، فلما رأته الشراة ، وثبوا في وجهه ، فقال لهم : جانح (۱) .
قال : فأُتي به صاحبهم،
فقال لهم مؤمن الطاق : أنا رجل على بصيرة من ديني ، وسمعتك تصف العدل ، فأحببت الدخول معك!
فقال الضحاك لأصحابه : إن دخل هذا معكم نفعكم.
قال : ثم أقبل مؤمن الطاق على الضحاك ، فقال : لِمَ تبرأتم من علي بن أبي طالب ، واستحللتم قتله وقتاله؟
قال : لأنه حكَّم في دين الله،
قال : وكل من حكَّم في دين الله ، استحللتم قتله وقتاله ، والبراءة منه؟
قال : نعم .
قال : فأخبرني عن الدين الذي جئت أُناظرك عليه ، لأدخل معك فيه ، إن غلبت حجتي حجتَك ، أو حجتُك حجتي ، من يوقف المخطئ على خطئه ، ويحكم للمصيب بصوابه؟ فلا بد لنا من إنسان يحكم بيننا.
قال : فأشار الضحاك إلى رجل من أصحابه ، فقال : هذا الحكم بيننا ، فهو عالم بالدين.
قال : وقد حكَّمت هذا في الدين الذي جئت أنا أُناظرك فيه؟
قال : نعم .
فأقبل مؤمن الطاق على أصحابه ، فقال : إن هذا صاحبكم قد حكَّم في دين الله ، فشأنكم به! فضربوا الضحاك بأسيافهم حتى سكت.
- حدثني محمد بن مسعود ، قال : حدثني إسحاق بن محمد البصري قال : حدثني أحمد بن صدقة ، عن أبي مالك الأحمسي ، قال:
كان رجل من الشراة ، يقدم المدينة في كل سنة ، فكان يأتي أبا عبد الله (عليه السلام) ، فيودعه ما يحتاج إليه . فأتاه سنة من تلك السنين ، وعنده مؤمن الطاق ، والمجلس غاصّ بأهله ، فقال الشاري:
وددت أني رأيت رجلاً من أصحابك أُكلمه!
فقال أبو عبد الله (عليه السلام) لمؤمن الطاق : كلِّمه يا محمد،
فكلمه فقطعه سائلاً ومجيباً ، فقال الشاري لأبي عبد الله:
ما ظننت أن في أصحابك أحداً يحسن هكذا!.
فقال أبو عبد الله : إن في أصحابي من هو أكثر من هذا!
قال : فأعجبت مؤمنَ الطاق نفسُه، فقال : يا سيدي سررتك؟
قال : والله لقد سررتني ، والله لقد قطعته ، والله لقد حصرته (۱) ، والله ما قلت من الحق حرفاً واحداً،
قال : وكيف؟
قال : لأنك تكلم على القياس ، والقياس ليس من ديني.
- حدثني محمد بن مسعود قال : حدثني الحسين بن اشكيب ، قال: حدثني الحسن بن الحسين ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن أبي جعفر الأحول ، قال : قال ابن أبي العوجاء مرة:
أليس من صنع شيئاً وأحدثه ، حتى يعلم أنه من صنعته فهو خالقه؟
قال : (قلت : ) بلى
(قال :) فأجِّلني شهراً أو شهرين ، ثم تعال حتى أُريك.
قال : فحججت فدخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فقال :
أما إنه قد هيأ لك شاتين ، وهو جاءٍ معه بعدة من أصحابه ، ثم يخرج لك الشاتين قد امتلأتا دوداً ، ويقول لك : هذا الدود يحدث من فعلي ، فقل له : إن كان من صنعك وأنت أحدثته ، فميز ذكوره من (إناثه فأخرج إليّ الدود فقلت له : ميِّز الذكور من) الإناث!
فقال : هذه والله ليست من ابزارك (٢) ، هذه التي حملتها الإبل من الحجاز.
ثم قال (عليه السلام) : ويقول لك أليس تزعم أنه غني؟ فقل : بلى ، فيقول: أيكون الغني عندك من المعقول - في وقت من الأوقات - ليس عنده ذهب ولا فضة؟
فقل له : نعم، فإنه سيقول لك : كيف يكون هذا غنياً؟
فقل له : إن كان الغنى عندك أن يكون الغني غنياً ، من فضته وذهبه وتجارته فهذا كله مما يتعامل الناس به ، فأيُّ القياس أكثر وأولى بأن يقال غنيّ : من أحدث الغنى ، فأغنى به الناس ، قبل أن يكون شيء وهو وحده ، أو من أفاد مالاً من هبة أو صدقة أو تجارة ؟
قال : فقلت له ذلك، قال فقال : وهذه والله ليست من أبزارك (١) ، هذه والله حملتها الإبل (من الحجاز) (۲).
وقيل : إنه دخل على أبي حنيفة يوماً ، فقال له أبو حنيفة : بلغني عنكم معشر الشيعة شيء،
فقال : فما هو ؟
قال : بلغني أن الميت منكم إذا مات ، كسرتم يده اليسرى ، لكي يعطى كتابه بیمینه،
فقال مكذوب علينا يا نعمان! ولكني بلغني عنكم معشر المرجئة ، أن الميت منكم إذا مات ، قمعتم في دبره قمعاً ، فصببتم فيه جرة من ماء ، لكي لا يعطش يوم القيامة!.
فقال أبو حنيفة : مكذوب علينا وعليكم .
- حدثني محمد بن مسعود ، قال : حدثني علي بن محمد القمي ، قال : حدثني أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن فضيل بن عثمان ، قال:
دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) في جماعة من أصحابنا فلما أجلسني قال:
ما فعل صاحب الطاق؟
قلت : صالح ،
قال : أما إنه بلغني أنه جدل وأنه يتكلم في تيم قذر (۳)؟
قلت : أجل هو جدل،
قال : أما إنه لو شاء ظريف - من مخاصميه - أن يخصمه فعل!
قلت : كيف ذاك؟
فقال : يقول أخبرني عن كلامك هذا من كلام إمامك؟ فإن قال نعم ، كذب علينا ، وإن قال لا ، قال له : كيف تتكلم بكلام لم يتكلم به إمامك؟
ثم قال : إنهم يتكلمون بكلام ، إن أنا أقررت به ، ورضيت به أقمت على الضلالة ، وإن برئت منهم شقَّ عليَّ ، نحن قليل وعدونا كثير.
قلت : جعلت فداك فأُبلغه عنك ذلك؟
قال : أما إنهم قد دخلوا في أمر ، ما يمنعهم عن الرجوع عنه إلا الحميّة،
قال : فأبلغت أبا جعفر الأحول ذاك،
فقال : صدق بأبي وأمي ، ما يمنعني من الرجوع عنه إلا الحميّة.
علي ، قال : حدثنا محمد بن أحمد ، عن محمد بن عيسى ، عن مروك بن عبيد ، عن أحمد بن النضر ، عن المفضل بن عمر ، قال : قال لي أبو عبد الله (عليه السلام) :
ائتِ الأحول ، فمره لا يتكلم،
فأتيته في منزله ، فأشرف عليَّ ، فقلت له : يقول لك أبو عبد الله (عليه السلام) لا تتكلم،
قال : فأخاف ألّا أصبر.
(هذا للتقية ولحفظه كما تقدم) (١).