الموضوع

 الموضوع

الموضوع هو المكذوب الكاذب ، وهذا وقع جلياً في زمن حكام الجور ، وبالخصوص الدولة الأموية والعباسية ، ليلمعوا صورهم وسيرتهم للتاريخ ، ويبرِّروا مذهبهم وظلمهم وقتلهم الأوصياء والأولياء (عليهم السلام) ، وكتب الحديث العامة مملوءة من هذا الأمر.


وألف الكثير في الموضوعات وبالخصوص من إخواننا السنة ، منها كتاب الموضوعات لابن الجوزي قال فيه : 

(أنبأنا أبو منصور بن خيرون عن أبي محمد الجوهري عن الدارقطني عن أبي حاتم بن حبان الحافظ قال سمعت عبد الله بن جابر يقول : سمعت جعفر بن محمد الأدين يقول : سمعت محمد بن عيسى الطباع ، يقول : سمعت ابن مهدي يقول لميسرة بن عبد ربه : 

من أين جئت بهذه الأحاديث : من قرأ كذا فله كذا؟ قال : وضعتها أُرغِّب الناس فيها . قال ابن حبان وحدثنا مكحول قال : حدثنا أبو الحسين الرهاوي قال : سألت عبد الجبار بن محمد عن أبي داود النخعي ، فقال : كان أطول الناس قياماً بليل وأكثرهم صياماً بنهار وكان يضع الحديث وضعاً.


قال ابن حبان : وكان أبو بشر أحمد بن محمد الفقيه المروزي من أصلب أهل زمانة في السنّة وأذبِّهم عنها وأقمعهم لمن خالفها ، وكان مع هذا يضع الحديث ، وقد وضع في فضائل قزوين نحو أربعين حديثاً كان يقول إني أحتسب في ذلك.


أنبأنا محمد بن ناصر الحافظ أنبأنا أبو بكر بن خلف الشيرازي عن أبي عبد الله الحاكم قال : سمعت أبا عليّ الحافظ يقول : سمعت محمد بن يونس المقرئ يقول : سمعت جعفر بن أحمد بن نصر يقول : سمعت أبا عمار المروزي يقول : قيل لأبي عصمة نوح بن أبي مريم المروزي: 

من أين لك عن عكرمة عن ابن عباس في فضائل القرآن سورة سورة وليس عند أصحاب عكرمة هذا؟! 

فقال : إني رأيت الناس أعرضوا عن القرآن واشتغلوا بفقه أبي حنيفة ومغازي ابن إسحاق فوضعت هذا الحديث حسبة . وقد حكى مؤمل بن إسماعيل أن رجلاً وضع في فضائل القرآن حديثاً طويلاً . وسيأتي في كتاب العلم إن شاء الله (١).


أنبأنا إسماعيل بن أحمد أنبأنا أبو القاسم الإسماعيلي أنبأنا حمزة السهمي أنبأنا أبو أحمد بن عديّ : سمعت أبا بدر أحمد بن خالد يقول : 

كان وهب بن حفص من الصالحين مكث عشرين سنة لا يكلم أحداً.


قال أبو عروبة : وكان يكذب كذباً فاحشاً.


أنبأنا أبو المعمر الأنصاري قال أنبأنا أبو محمد بن السمرقندي قال أنبأنا أبو بكر بن ثابت قال أنبأنا محمد بن جعفر بن علان قال أنبأنا أبو الفتح محمد بن الحسين الأزدي حدثنا الحسين بن محمد حدثنا عبيد الله بن عمر النواريزي قال : سمعت يحيى بن سعيد القطان يقول: 

ما رأيت الكذب في أحد أكثر منه في من ينسب إلى الخير والزهد.


القسم الرابع : قوم استجازوا وضع الأسانيد لكل كلام حسن ، فأنبأنا عبد الوهاب الحافظ قال أنبأنا ابن بكران القاضي قال أنبأنا العتيقي قال حدثنا يوسف ابن الدخيل قال حدثنا أبو جعفر العقيلي قال حدثنا أحمد بن محمد بن صدقة قال حدثنا أبو زرعة الدمشقي قال حدثنا محمد بن خالد عن أبيه قال سمعت محمد بن سعيد يقول : 

لا بأس إذا كان كلام حسن أن تضع له إسناداً.


القسم الخامس : قوم كان يعرض لهم غرض فيضعون الحديث ، فمنهم من قصد بذلك التقرب إلى السلطان بنصرة غرض كان له ، كغياث بن إبراهيم فإنه حين أُدخل على المهدي - وكان المهدي يحب الحمام - إذا قدامه حمام ، فقيل له حدث أمير المؤمنين فقال : حدثنا فلان عن فلان أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : 

«لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر أو جناح» فأمر له المهدي ببدرة.


فلما قام قال : أشهد على فقال أنه فتأ كذاب (۱) على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، قال المهدي : أنا حملته على ذلك . ثم أمر بذبح الحمام ورفض ما كان فيه.


ومنهم من كان يضع الحديث جواباً لسائليه ، كما روى المعيطي عن إبراهيم بن أبي يحيى أنه سئل عن رجل أعطى الغزل الحائك فنسج له وفضل منه خيوط ، فقال صاحب الثوب هي لي وقال النساج هي لي فالخيوط لمن؟ 

فقال إبراهيم : حدثني ابن جريج عن عطاء قال : إن كان صاحب الثوب أعطاه إلا ردهالح (۱) فالخيوط له ، وإلا فهي للحائك.


ومنهم من كان يضعه في ذم من يريد أن يذمه كما روي عن سعد بن طريف أنه رأى ابنه يبكي ، فقال : ما لك ؟ فقال : ضربني المعلم ، فقال : أنا (۲) والله لأخزينهم : حدثني عكرمة عن ابن عباس عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : «معلمو صبيانكم شراركم».


وقيل لمأمون بن أحمد ألا ترى إلى الشافعي وإلى من تبع له بخراسان ، فقال حدثنا أحمد بن عبيد الله حدثنا عبد الله بن معدان عن أنس قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): 

«يكون في أُمتي رجل يقال له محمد بن إدريس أضر على أُمتي من إبليس» وسنذكر هذا فيما بعد (۳).


وقيل لمحمد بن عكاشة الكرماني إن قوماً يرفعون أيديهم في الركوع وبعد رفع الرأس من الركوع ، فقال حدثنا المسيب بن واضح حدثنا عبد الله بن المبارك عن يوسف بن يزيد عن الزهري عن أنس قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : 

«من رفع يديه في الركوع فلا صلاة له».


القسم السادس : قوم وضعوا أحاديث في ضد الأغراب ليطلبوا ويسمع منهم. 

قال أبو عبد الله الحاكم منهم إبراهيم بن إليسع وهو ابن أبي حبة كان يحدث عن جعفر الصادق وهشام بن عروة فيركب حديث هذا على حديث ذاك لتستغرب تلك الأحاديث بتلك الأسانيد (١).


وهذا غيض من فيض ، من الموضوعات المملوءة بها كتب الأحاديث ، عند بعض الفرق.