فمن محاسن أخلاقه أرواحنا فداه ، قصته مع رجل ناصبي ، يبغض أهل بيت النبوة (عليهم السلام) ، وينال من الإمام الكاظم (عليه السلام) ، فأراد أصحاب الإمام أن يؤدبوه بالضرب ، فمنعهم الإمام من ذلك ، فما كان منه إلا أنه عامله بأخلاق القرآن {فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيُّ حَمِيمٌ} (١) كما روي في الإرشاد والبحار عن الحسن بن محمد ، عن جده ، عن غير واحد من أصحابه ومشايخه ، أن رجلاً من ولد عمر بن الخطاب كان بالمدينة ، يؤذي أبا الحسن موسى (عليه السلام) ويسبّه إذا رآه ، ويشتم علياً ، فقال له بعض حاشيته يوماً :
(دعنا نقتل هذا الفاجر ، فنهاهم عن ذلك أشد النهي ، وزجرهم .
وسأل عن العمري فذكر أنه يزرع بناحية من نواحي المدينة ، فركب إليه ، فوجده في مزرعة له ، فدخل المزرعة بحماره فصاح به العمري :
لا توطئ زرعنا ،
فتوطأه (عليه السلام) الله بالحمار ، حتى وصل إليه ، ونزل وجلس عنده ، وباسطه وضاحكه ،
وقال له : كم غرمت على زرعك هذا؟
قال : مائة دينار ،
قال : فكم ترجو أن تصيب؟
قال : لست أعلم الغيب
قال له : إنما قلت كم ترجو أن يجيئك فيه؟
قال : أرجو أن يجيء مائتا دينار .
قال : فأخرج له أبو الحسن (عليه السلام) صرة فيها ثلاثمائة دينار ، وقال هذا زرعك على حاله ، والله يرزقك فيه ما ترجو،
قال : فقام العمري فقبَّل رأسه ، وسأله أن يصفح عن فارطه،
فتبسم إليه أبو الحسن وانصرف، قال : وراح إلى المسجد فوجد العمري جالساً،
فلما نظر إليه قال : الله أعلم حيث يجعل رسالاته
قال : فوثب أصحابه إليه فقالوا له : ما قضيتك؟ قد كنت تقول غير هذا !
قال : فقال لهم : قد سمعتم ما قلت الآن، وجعل يدعو لأبي الحسن (عليه السلام)،
فخاصموه وخاصمهم ، فلما رجع أبو الحسن إلى داره ، قال لجلسائه الذين سألوه في قتل العمري :
أيُّما كان خيراً ، ما أردتم أو ما أردت ؟ إنني أصلحت أمره بالمقدار الذي عرفتم ، وکفیت به شره ،
وذكر جماعة من أهل العلم ، أن أبا الحسن (عليه السلام) كان يصل بالمأتي دينار إلى الثلاثمائة ، وكانت صرار موسى مثلاً) (۱) .
ولقي في يوم من الأيام أبو نواس الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) فقال :
إذا أبصرتك العين من غير ريبة
وعارض فيك الشك أثبتك القلب
ولو أن ركباً أمَّموك لقادهم
نسيمك حتى يستدل بك الركب
جعلتك حسبي في أموري كلها
وما خاب من أضحى وأنت له حسب