ذكر ما جرى على أبناء الإمام الحسن (ع) من المنصور

ذكر ما جرى على أبناء الإمام الحسن (ع) من المنصور

وذكر ابن الأثير في الكامل وغيره ما جرى على أبناء الإمام الحسن المجتبى من المنصور الدوانيقي قال : 

ثم سار المنصور لوجهه ، فلما حج ورجع لم يدخل المدينة ، ومضى إلى الربذة ، فخرج إليه رياح إلى الربذة ، فرده إلى المدينة ، وأمره بإشخاص بني الحسن إليه ، ومعهم محمد بن عبدالله بن عمرو بن عثمان ، أخو بني الحسن لأمهم ، فرجع رياح فأخذهم وسار بهم إلى الربذة ، وجعلت القيود والسلاسل في أرجلهم وأعناقهم ، وجعلهم في محامل بغير وطاء ، ولما خرج بهم رياح من المدينة ، وقف الإمام جعفر بن محمد الصادق (ع) من وراء ستر يراهم ولا يرونه ، وهو يبكي ودموعه تجري على لحيته ، وهو يدعو الله ، ثم قال : 

«والله لا يحفظ الله حرميه بعد هؤلاء» .


ولما ساروا كان محمد وإبراهيم ابنا عبد الله يأتيان كهيئة الأعراب ، فيسايران مع أبيهما ويستأذنان بالخروج ، ويقول لا تعجلا حتى يمكنكما ذلك ، وقال لهما إن منعكما أبو جعفر يعني المنصور ، أن تعيشا كريمين ، فلا يمنعكما أن تموتا كريمين ، فلما وصلوا إلى الربذة ، أُدخل محمد بن عبد الله العثماني على المنصور ، وعليه قميص وإزار رقيق ، فلما وقف بين يديه قال : 

إيهاً يا ديوث ، 

قال محمد : سبحان الله لقد عرفتني بغير ذلك صغيرا وكبيراً ، 

قال فممن حملت ابنتك رقية؟ وكانت تحت إبراهيم بن عبد الله بن الحسن ، وقد أعطيتني الأيمان أن لا تغشني ولا تمالئ علي عدواً ، ثمّ أنت ترى ابنتك حاملاً وزوجها غائب ، وأنت بين أن تكون حانثاً أو ديوثاً ، وأيم الله إني لأهم برجمها ، 

قال محمد : أما أيماني فهي عليّ ، إن كنت دخلت لك في أمر غش علمته ، وأما ما رمیت به هذه الجارية ، فإن الله قد أكرمها بولادة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إياها ، ولكني ظننت حين ظهر حملها ، أن زوجها ألمَّ بها على حين غفلة ، فاغتاظ المنصور من كلامه وأمر بشق ثيابه عن إزاره ، فحكي أن عورته قد كشفت ، ثم أمر به فضرب خمسين ومائة سوط ، فبلغت منه كل مبلغ ، والمنصور يفتري عليه لا يكني ، فأصاب سوط منها وجهه ، 

فقال : ويحك اكفف عن وجهي ، فإن له حرمة برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فأغرى المنصور ، 

فقال للجلاد : الرأس الرأس فضربه على رأسه نحواً من ثلاثين سوطاً ، وأصاب إحدى عينيه سوط فسالت ، ثم أُخرج وكأنه زنجي من الضرب ، وكان من أحسن الناس وكان يسمى الديباج لحسنه . 


فلما خرج وثب إليه مولىّ له، فقال : ألا أطرح ردائي عليك؟ قال بلى جزيت خيراً ، والله إنّ لشفوف إزاري ، أشد علي من الضرب (۱) . 


انظر إلى هذه البشاعة والغلظة ، التي لو فعلت بالحيوان أو النبات ، لنفرت النفوس البشرية عنها ، وإن دل هذا على شيء ، فإنما يدل على شدة عداوتهم وبغضهم لآل البيت (ع) .