ثم جاء الجند بالرؤوس إلى موسى ، والعباس ، وعندهم جماعة من ولد الحسن والحسين ، فلم يتكلم أحد منهم بشيء، إلا [الإمام] موسى ابن جعفر (عليه السلام) فقال له :
هذا رأس الحسين .
قال : نعم إنا لله وإنا إليه راجعون ، مضى والله مسلماً صالحاً صواماً قواماً آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر ، ما كان في أهل بيته مثله . فلم يجيبوه بشيء .
قال : وحملت الأسرى إلى موسى الهادي ، وفيهم العذافر الصيرفي ، وعلي بن سابق القلانسي ، ورجل من ولد الحاجب بن زرارة ، فأمر بهم فضربت أعناقهم ، ومن بين يديه رجل آخر من الأسرى واقف ، فقال أنا مولاك يا أمير المؤمنين
فقال : مولاي يخرج عليّ ، ومع موسى سكين ،
فقال : والله لأقطعنك بهذه السكين مفصلاً مفصلاً ،
قال : وغلبت عليه العلة ، فمكث ساعة طويلة ثم مات ، وسلم الرجل من القتل ، فأخرج من بين يديه .
فلما قتل أصحاب فخ جلس موسى بن عيسى بالمدينة ، وأمر الناس بالوقيعة على آل أبي طالب ، فجعل الناس يوقعون عليهم ، حتى لم يبق أحد ، فقال : بقي أحد ؟
قيل له : موسى بن عبد الله .
وأقبل موسى بن عبد الله على أثر ذلك ، وعليه مدرعة وإزار غليظ ، وفي رجليه نعلان من جلود الإبل ، وهو أشعث أغبر حتى قعد مع الناس ولم يسلِّم عليه، وإلى جنبه السريّ بن عبد الله من ولد الحارث بن العباس بن عبد المطلب ،
فقالوا لموسى بن عيسى : دعني أكشف عليه باله ، وأُعرفه نفسه .
قال أخافه عليك .
قال : دعني ، فأذن له ، فقال له يا موسى .
قال أسمعت فقل .
قال : كيف رأيت مصارع البغي الذي لا تدعونه لبني عمكم المنعمين عليكم .
فقال موسى أقول في ذلك :
بني عمّنا ردّوا فضول دمائنا
ينم ليلكم أو لا يلمنا اللوائم
فإنا وإياكم وما كان بيننا
كذي الدين يقضي دينه وهو راغم
ولما بلغ العمري وهو بالمدينة قتل الحسين بن علي صاحب فخ ، عمد إلى داره ودور أهله فحرقها ، وقبض أموالهم ونخلهم ، فجعلها في الصوافي المقبوضة .