ذكر عبادة المعصومين (عليه السلام) من باب التبرك ، والتيمن بذكرهم فقط ، وإلا إن أُريد وصف حقيقة عبادتهم ومكارم أخلاقهم ، فهذا مما لا يمكن لأحد من الخلق غيرهم ، أن يدرك ذلك البتة ، فلا أحد يدرك ما هم عليه من العبادة ومكارم الأخلاق إلا هم (عليهم السلام) ، فإذا كان المكلف العادي من الناس ، قد يقوم ببعض لأعمال الخيرية لا يمكن إحصاء فضلها وثوابها ، فكيف بالإمام (عليه السلام) ؟
مثلاً الإنسان العادي العاصي إذا زار الإمام الحسين (عليه السلام) يحصل له من الثواب ما لا يقدر بجميع ما في الدنيا ، إلى أن تقوم الساعة ، كما في روايات كثيرة عن زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) ، منها عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال :
(من زار قبر الحسين (عليه السلام) في يوم عاشوراء عارفاً بحقه كان كمن زار الله في عرشه ) (۱) ،
وفي كامل الزيارات حدثني أبي (رحمه الله) وعلي بن الحسين وجماعة مشايخي رحمهم الله ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد ومحمد بن الحسين ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ، عن صالح بن عقبة ، عن زيد الشحام ،
(قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : ما لمن زار قبر الحسين (عليه السلام) ،
قال : كان كمن زار الله في عرشه،
قال : قلت : ما لمن زار أحداً منكم ،
قال : كمن زار رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)) (۱) .
في ثواب الأعمال قال حدثنا سعد بن عبد الله عن محمد بن الحسين عن محمد بن إسماعيل عن صالح بن عقبة عن بشير الدهان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال :
(إن الرجل ليخرج إلى قبر الحسين (عليه السلام) ، فله إذا خرج من أهله بأول خطوة مغفرة لذنوبه ، ثم لم يزل يقدس بكل خطوة حتى يأتيه ، فإذا أتاه ناجاه الله ، فقال عبدي سلني أُعطك ، ادعني أُجبك، اطلب مني أُعطك سلني حاجتك أقضها لك ، قال : قال أبو عبد الله (عليه السلام) وحق على الله أن يعطي ما بذل) (٢) .
وفي فضل زيارة الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) : مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ النَّيْسَابُورِي عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعِيدٍ الْمَكِّيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمَانَ الْمَازِنِي عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلام قَالَ :
مَنْ زَارَ قَبْرَ وَلَدِي عَلِيٍّ كَانَ لَه عِنْدَ اللَّهِ كَسَبْعِينَ حَجَّةً مَبْرُورَةً
قَالَ قُلْتُ سَبْعِينَ حَجَّةً
قَالَ نَعَمْ وسَبْعِينَ أَلْفَ حَجَّةٍ
قَالَ قُلْتُ سَبْعِينَ أَلْفَ حَجَّةٍ
قَالَ رُبَّ حَجَّةٍ لَا تُقْبَلُ ومَنْ زَارَه وبَاتَ عِنْدَه لَيْلَةً كَانَ كَمَنْ زَارَ اللَّه تعالى فِي عَرْشِه
قلت : كمن زار الله في عرشه؟
قَالَ نَعَمْ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ كَانَ عَلَى عَرْشِ الرَّحْمَنِ أَرْبَعَةٌ مِنَ الأَوَّلِينَ وَأَرْبَعَةٌ مِنَ الْآخِرِينَ فَأَمَّا الأَرْبَعَةُ الَّذِينَ هُمْ مِنَ الأَوَّلِينَ - فَنُوحٌ وَإِبْرَاهِيمُ وَمُوسَى وَعِيسَى (عليهم السلام) ، وأَمَّا الأَرْبَعَةُ مِنَ الآخِرِينَ - فَمُحَمَّدٌ وعَلِيٌّ والْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ صَلَوَاتُ اللَّه عَلَيْهِمْ ثُمَّ يُمَدُّ الْمِطْمَارُ (١) فَيَقْعُدُ مَعَنَا مَنْ زَارَ قُبُورَ الْأَئِمَّةِ (عليهم السلام) أَلَا إِنَّ أَعْلَاهُمْ دَرَجَةً وَأَقْرَبَهُمْ حَبْوَةً زُوَّارُ قَبْرِ وَلَدِي عَلِيٍّ) (٢) .
وروى الصدوق عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن إسماعيل عن صالح عن الحارث بن المغيرة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال :
(إن الله عزَّ وجلَّ ملائكة موكلين بقبر الحسين (عليه السلام) ، فإذا همّ الرجل بزيارته ، أعطاهم ذنوبه ، فإذا خطا محوها ، ثم إذا خطا ضاعفوا له حسناته ، فما تزال حسناته تضاعف حتى توجب له الجنة ، ثم اكتنفوه فقدسوه ، وينادون ملائكة السماء ، أن قدسوا زوار قبر حبيب حبيب الله ، فإذا اغتسلوا ناداهم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) يا وفد الله أبشروا بمرافقتي في الجنة ، ثم ناداهم أمير المؤمنين علي (عليه السلام) :
أنا ضامن لحوائجكم ودفع البلاء عنكم في الدنيا والآخرة ، ثم اكتنفوهم عن أيمانهم وعن شمائلهم ، حتى ينصرفوا إلى أهاليهم) (٣) .