لا يمكن للجن أن يتصوروا بصور الأنبياء والأوصياء

لا يمكن للجن أن يتصوروا بصور الأنبياء والأوصياء 

ثم اعلم أن الجن ، وإن قلنا إنهم يتصورون بكل صورة ، ويتشكلون بكل شكل ، لكنهم لا يتشكلون بشكل الأنبياء وأوصيائهم (ع) ، لا في اليقظة ولا في المنام ، لعدم المناسبة للظهور بتلك الصورة الجامعة المقتضية للعصمة ، ومستوى الرحمن بالرحمة ، وهذا لا يكون أبداً ، وإذا كذبوا يجب على الله تكذيبهم وبيان كذبهم ، لان الله سبحانه لا يصدق الكاذب ، إذا كان كذبه لا يظهر إلا من جهته ، لأنه سبحانه خلق الخلق لهدايتهم ، لا أن يسبب لهم أسباب ضلالتهم سبحانه وتعالى عما يظنون علواً كبيراً ، وشرح هذه الكلمة طويل ، والقلب لبيانه كليل .


وأما الصورة الأصلية لكفارهم (۱) فهي الصور الشيطانية من صورة الكلاب والخنازير ، وأما الصورة الأصلية لمؤمنيهم (۲) فهي الصورة الإنسانية ، ولكنها مشوهة الخلقة ، غير معتدلة الأعضاء ، وغير متناسبة (۱) الأجزاء ، وغير جيدة التركيب ، ولذا لما جاء عرفطة وهو شيخ أحد طوايف الجن ، حضر عند النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على صورة (٢) إيمانه وإسلامه على حسب مقتضى مقامه ، فقال (۳) النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : 

«فاكشف لنا عن وجهك حتى نراك على هيئتك التي أنت عليها قال : فكشف لنا عن صورته ، فإذا شخص عليه شعر كثير ، وإذا رأسه طويل ، طويل العينين عيناه في طول رأسه ، صغير الحدقتين ، وله أسنان كأنها أسنان السباع (٤) ... الخ» (٥) .


وكذلك سليمان (ع) لما نظر إلى صورهم وأشباحهم ، سجد لله وقال : «اللهم ألبسني من القوة والهيبة ما أستطيع به النظر إليهم ، فأتاه جبرئيل (ع) فقال : إن الله تعالى قواك عليهم ... الخ» .


وعدم استطاعة نظر سليمان ، لان الصورة الإنسانية التي هي على هيكل (٦) التوحيد تستوحش من النظر إلى الهيئات (۷) المختلفة ، المباينة لها ، حتى يستعين بالله سبحانه فيعطيه الله سبحانه (۸) مدداً من عنده ، يناسب ويقهر تلك الصور ، نعم يظهرون بالصور الطيبة والشكل الحسن العجيب ، إذا شاؤوا وأرادوا على حسب اقتضاء المقام ، فافهم راشداً موفقاً .


وقال بعضهم إن تشكل الجن ، عبارة عن تشكل الهواء المطيف (۱) به ، قال ما لفظه : 

(وثالثها أن يتشكل الهواء المطيف (۲) به على أي صورة شاءه (۳) فيكون الشخص باطن تلك الصورة ، ويقع الإدراك على تلك الصورة (٤) الهوائية المتشكلة ، في الصورة التي أراد أن يظهر فيها قال (٥) ومن هذا الباب قوة الجن لمن يعرفهم (٦) ويشاهدهم ، فإنهم يظهرون فيما شاؤوا من الصور (۷)) انتهى ملخصا .


وهذا القول احتمال محض ما قام عليه الدليل ، على أن قدرتهم على التصرف في الأمر ، الخارج منهم ، كالهواء مثلا ، ممنوع في غاية (۸) المنع ، والحق هو الذي بيناه وشرحناه وليس (۹) وراء عبادان قرية .