وأما الملائكة أجسام نورية ، وجهات الظلمة فيهم خفية ضعيفة ، بل لا يكاد يوجد لها أثر ، ويظهر عنها خير ، لا يعصون (۲) الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ، عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون ، فلا مناسبة لهم مع الظلمات ، فلا تناسب الشياطين ، فلا يمكن أن يتصوروا بالصور الشيطانية ، التي هي هياكل الكفر والنفاق ، ويتصورون بكل صورة طيبة ، ما عدا الكلب والخنزير .
وقولهم الكلب والخنزير ، مثال لهيكل الكفر والنفاق ، وصورة الشيطانية والنفاق (۳) لا أنهما لهما خصوصية خاصة ، بل لهما مدخلية عامة من حيث ، أن هاتين الصورتين على حسب اقتضائهما أقبح الصور والهياكل ، والكافر وإن كان مثلهما لكنه تلبس بلباس الغرور والخدع بالمكر والزور ، ولبس هذه الصورة بالإتيان بما يقتضيها كذباً وافتراءاً ، ولبس الصورة الإنسانية زوراً واختلافاً ، فمن هذه الجهة لم يذكروا الكافر مع الكلب والخنزير ، لظهور الأمر فيها دونه في الدنيا ، فالثلاثة أنجاس أرجاس أصل الشرور ، ومبدأ المكر والزور عليهم لعائن الله ، مدى الأعصار والدهور ، إلى يوم ينفخ في الصور ، بل إلى يوم النشور ، بل ما ترجع إلى الله الأمور .



