قال سلمه الله - مع أنه قد ورد عن أئمتنا (ع) لو كشف عن أهل القبور لوجدتم غالب موتاكم من العين .
أقول - رواه المجلسي (رحمه الله) في البحار ، وفي معناه أحاديث أخر عديدة ، مثل ما روى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) :
«أن العين حق ، وأنها تدخل الجمل والثور التنور» (٢)
وعنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال :
«أن العين تنزل الحالق ، وهو ذروة الجبل من قوة أخذها وبطشها» (۳)
وعن أبي عبد الله الصادق (ع) أنه قال :
«لو نبش لكم عن القبور ، لرأيتم أن أكثر موتاكم بالعين ، لأن العين حق ، إلا أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال ، العين حق فمن أعجبه من أخيه شيء فليذكر الله في ذلك ، فإنه إذا ذكر الله لم يضره» (٤)
وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) :
«أن العين لتدخل الرجل القبر والجمل القدر» (۱)
وأمثالها من الروايات كثيرة ، ولا ريب أن العين حق ، وعلة إصابتها ، وإن ذكرها بعض العلماء والحكماء ، كما ذكرنا لك بعض مقالاتهم ، مما لا يسمن ولا يغني من جوع .
ولكن تفاصيل أحوالها ، من حكمها وعلامتها ودوائها ، وما يتعلق بها من سائر الأحوال ، لم يذكر في كتاب ، ولا في سؤال وجواب ، وقد ذكرنا لك تفصيل تلك الأمور ، مع كمال اختلال الأحوال ، وتبلبل البال ، وعروض الأمراض المانعة من استقامة الحال .
وقولكم ونرى في الغالب تصيب الرعية ولا تصيب الراعي ، ما عرفت المراد منه ، فإن كان مرادكم من الراعي رؤساء الدين ، ورؤساء الشريعة ، وحكام الإسلام ، فإنهم ليسوا وإن بلغوا ما بلغوا ، أعظم من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والحسن والحسين (ع) ، فإنهم قد أصابهم العين ، كما في البحار عن عبد الكريم بن محمد بن المظفر السمعالي ، في كتابه :
«أن جبرئيل نزل على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فرآه مغتماً ، فسأله عن غمه؟ فقال له : إن الحسنين (ع) أصابتهما عين ، فقال له : يا محمد !! العين حق فعوذهما بهذه العوذة» (٢) .
وذكرها وقد ذكرنا لك سابقاً ، أن إبراهيم (ع) عوذ ابنيه إسماعيل وإسحاق ، وموسى (ع) عوذ ابني هارون (ع) ، كل ذلك من العين ، وأما رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقوله تعالى : {وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا} (۳) الخ ، أقوى شاهد على أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أصيب بالعين ، وقول يعقوب كما حكاه الله سبحانه عنه ، في قوله لبنيه :
{يا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ وَ ادْخُلُوا مِنْ أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ} (۱) .
وقد ذكر المفسرون أنه خاف عليهم من العين ، فإذا كان هؤلاء الأكابر ، الذين هم أجلاء الرعاة ، غير سالمين من إصابة العين ، فما ظنك بغيرهم من سائر الرعاة الجزئية ، فإن كان المراد غير هذا ، فلابد من البيان حتى يتوجه إليه الجواب الصواب ، وإلى الله سبحانه المرجع والمآب وصلى الله على محمد وآله الأطياب) (۲) .
ذكرناها بطولها لما تحتوي على منافع دنيوية وأخروية ، ولم يتطرق أحد لموضوع العين بهذا التحقيق ، وهذا البيان والسلام .





