الحسد هو تمني زوال نعمة الغير ، قال تعالى :
{أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّـهُ مِنْ فَضْلِهِ} (۲) .
روي في الكافي عن جراح المدايني ، عن أبي عبد الله (ع) قال :
«أن الحسد يأكل الإيمان كما تأكل النار الحطب» (۳)
الحاسد دائما العياذ بالله في هم وغم لا يزول عنه ، مع راحة المحسود ، قال أمير المؤمنين علي (ع) :
«العجب لغفلة الحساد عن سلامة الأجساد» (٤)
وقال (ع) :
«صحة الجسد من قلة الحسد» (٥)
وروي عن الإمام الصادق (ع) قال : قال : رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) «أقل الناس لذة الحسود» (٦)
قال الصادق (ع) : «الحاسد مضر بنفسه قبل أن يضر بالمحسود كإبليس أورث بحسده لنفسه اللعنة ، ولآدم الاجتباء والهدى ، والرفع إلى محل حقائق العهد والاصطفاء ، فكن محسودا ، ولا تكن حاسدا ، فان ميزان الحاسد أبداً خفيف بثقل ميزان المحسود ، والرزق مقسوم فماذا ينفع حسد الحاسد ، فما يضر المحسود الحسد . والحسد أصله من عمى القلب ، وجحود فضل الله تعالى ، وهما جناحان للكفر ، وبالحسد وقع ابن آدم في حسرة الأبد ، وهلك مهلكا لا ينجو منه أبداً ولا توبة للحاسد لأنه مصر عليه ، معتقد به ، مطبوع فيه ، يبدو بلا معارض له ولا سبب ، والطبع لا يتغير عن الأصل وإن عولج» (۱) .
بيد أن المؤمن يغبط ولا يحسد ، أي إذا وجد خيراً سأل الله من فضله ، قال الإمام الصادق (ع) :
«إن المؤمن يغبط ولا يحسد ، والمنافق يحسد ولا يغبط» (٢)
فالعين غالباً ما تكون من الحسد والعياذ بالله ، فيكفي في شر الحسد أنه أول معصية عصي الله بها ، ما كان مع نبي الله آدم على نبينا وآله وعليه السلام وإبليس اللعين .
لذا في بعض الروايات المتظافرة ، من شدة الحسد وقوة تأثيره ، يكاد يغلب القدر والرزق ، الذي قسم للمحسود ، كما روي عن هشام بن سالم عن الإمام الصادق (ع) قال :
«كاد الفقر أن يكون كفراً ، وكاد الحسد أن يغلب القدر» (۳) وكلمة كاد تعني التقرب لا التحقيق ، للدلالة على التأثير الحاد على المحسود ، لذا ترى بعض الآيات والروايات تنصح المؤمن بعدم إظهار بعض النعم ، أو الرؤيا الصادقة ، وكتمانها لحسد الحاسد .
كما حكى الله عز وجل عن نبي الله يعقوب مع ابنه يوسف على نبينا وآله وعليهما السلام :
{إِذْ قالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ ، قالَ يا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ} (۱) .
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «عليكم بإنجاح الحوائج بكتمانها ، فإن كل ذي نعمة محسود» (۲) .
فالحسد من الأمراض القلبية القوية ، التي يحتاج المؤمن لشفائه عنه ، من معرفة الله تعالى ، أن له ملكوت السماء والأرض ، والدنيا والآخرة ، وأن الحاسد لا ينقص المحسود قيد شعرة بل أقل ، وأن يسأل الله من فضله الواسع من الرزق .